أَخْبَرَنِي عَمِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَخْبَرَنِي عَمِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْكَرَّانِيُّ ، عَنِ الْعُمَرِيِّ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : " وَلانِي عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، صَدَقَاتِ سَعْدِ هُذَيْمٍ ، وَهُمْ بَلِيٌّ ، وَسَلامَانُ وَعُذْرَةُ ، وَضَبَّةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَوَائِلُ بَنُو زَيْدٍ ، فَلَمَّا قَبَضْتُ الصَّدَقَةَ قَسَمْتُهَا فِي أَهْلِهَا ، فَلَمَّا فَرَغْتُ وَانْصَرَفْتُ بِالسَّهْمَيْنِ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إِذَا أَنَا بِبَيْتٍ مُفْرَدٍ عَنِ الْحَيِّ ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَنَا بِفَتًى رَاقِدٍ فِي فِنَاءِ الْبَيْتِ ، وَإِذَا بِعَجُوزٍ مِنْ وَرَائِهِ فِي كِسَرِ الْبَيْتِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ ، فَسَأَلْتُهُ : مَا لَكَ ؟ فَقَالَ : كَأَنَّ قَطَاةً عَلَّقَتْ بِجَنَاحِهَا عَلَى كَبِدِي مِنْ شِدَّةِ الْخَفَقَانِ وَذَكَرَ الأَبْيَاتَ النُّونِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ ، ثُمَّ شَهَقَ شَهْقَةً خَفِيفَةً كَانَتْ نَفْسُهُ فِيهَا . فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى فَقُلْتُ : أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ ، مَنْ هَذَا الْفَتَى مِنْكِ ؟ قَالَتْ : ابْنِي ، فَقُلْتُ : إِنِّي أَرَاهُ قَدْ قَضَى . فَقَالَتْ : وَأَنَا وَاللَّهِ أَرَى ذَلِكَ . فَقَامَتْ فَنَظَرَتْ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَتْ : فَاظَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ، فَقُلْتُ لَهَا : يَا أُمَّاهُ ، مَنْ هُوَ ؟ فَقَالَتْ : عُرْوَةُ بْنُ حِزَامٍ ، أَحَدُ بَنِي ضَبَّةَ ، وَأَنَا أُمُّهُ . فَقُلْتُ لَهَا : مَا بَلَغَ بِهِ مَا أَرَى ؟ قَالَتْ : الْحُبُّ ، وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ لَهُ مُنْذُ سَنَةً كَلِمَةً وَلا أَنِهَ إِلا الْيَوْمَ ، فَإِنَّهُ أَقْبَلَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ : مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِي بَاكِيًا أَبَدًا فَالْيَوْمُ إِنِّي أُرَانِي الْيَوْمَ مَقْبُوضًا يُسْمِعَنِينِه فَإِنِّي غَيْرُ سَامِعِهِ إِذَا عَلَوْتُ رِقَابَ الْقَوْمِ مَعْرُوضَا قَالَ : فَمَا بَرِحْتُ مِنَ الْحَيِّ حَتَى غَسَّلْتُهُ ، وَكَفَّنْتُهُ ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ ، وَدَفَنْتُهُ " وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي خَبَرِهِ ، هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ بِحَضْرَتِهِ : مَنْ كَانَ مِنْ أَخَوَاتِي بَاكِيًا أَبَدًا قَالَ : فَحَضَرْنَهُ فَبَرَزْنَ ، وَاللَّهِ ، كَأَنَّهُنَّ الدُّمَى ، فَشَقَقْنَ جُيُوبَهُنَّ ، وَضَرَبْنَ خُدُودَهُنَّ ، فَأَبْكَيْنَ كُلَّ مَنْ حَضَرَ ، وَقَضَى مِنْ يَوْمِهِ ، وَبَلَغَ عَفْرَاءَ خَبَرُهُ ، فَقَامَتْ لِزَوْجِهَا فَقَالَتْ : يَا هَنَاهُ ، قَد كَانَ مِنْ خَبَرِ ابْنِ عَمِّي مَا كَانَ بَلَغَكَ ، وَوَاللَّهِ مَا عَرَفْتُ مِنْهُ قَطُّ إِلا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ ، وَقَدْ مَاتَ فِيَّ وَبِسَبَبِي ، وَلا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَنْدِبَهُ وَأُقِيمَ مَأْتَمًا عَلَيْهِ . قَالَ : افْعَلِي . فَمَا زَالَتْ تَنْدِبُهُ ثَلاثًا ، حَتَّى تُوُفِّيَتْ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ . وَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ خَبَرُهُمَا ، فَقَالَ : لَوْ عَلِمْتُ بِحَالِ هَذَيْنِ الْحُرَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ لَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَا . وَرُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى الْقَرَوِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ شَاهِدًا ذَلِكَ الْيَوْمِ . وَلَمْ يَذْكُرِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ فِي خَبَرِهِ . وَذَكَرَ هَارُونُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ غُصَيْنِ بْنِ بَرَّاقٍ ، عَنْ أُمِّ جَمِيلٍ الطَّائِيَّةِ : أَنَّ عَفْرَاءَ كَانَتْ يَتِيمَةً فِي حِجْرِ عَمِّهَا عَمَّهُ ، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ فَأَبَاهَا ، ثُمَّ طَالَ الْمَدَى وَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلاةَ الْعِيدِ ، فَرَآهَا وَقَدْ زُيِّنَتْ ، فَرَأَى مِنْهَا جَمَالا بَارِعًا ، وَقَدَّمَتْ لَهُ تُحْفَةً فَنَالَ مِنْهَا وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ خَطَبَهَا إِلَى عَمِّهِ فَمَنَعَهُ ذَلِكَ ، مُكَافَأَةً لِمَا كَانَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لَهَا لَمَّا عَرَضَهَا عَلَيْهِ ، وَزَوَّجَهَا رَجُلا غَيْرَهُ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الشَّامِ ، وَتَمَادَى فِي حُبِّهَا حَتَّى قَتَلَهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |