قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيِّ ، عَنْ خُصَيْفٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ كَعْبٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " إِنَّ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ مِنْ كُتُبِ شِيثَ بْنِ آدَمَ ، أَنَّ آدَمَ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، أَرِنِي الْمَوْتَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا آدَمُ لِلْمَوْتِ صِفَاتٌ لا تَقْوَى تَنْظُرُ إِلَيْهَا لِعَظِيمِ هَوْلِهَا ، وَإِنِّي أُنْزِلُ عَلَيْكَ أَحْسَنَ صِفَاتِهِ لِتَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنِ اهْبِطْ عَلَى آدَمَ فِي صُورَتِكَ الَّتِي تَأْتِي الأَنْبِيَاءَ ، وَالْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارَ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جِبْرِيلَ وَإِسْرَافِيلَ ، وَمَلَكِ الْمَوْتِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى آدَمَ ، وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَ الْجِبَالِ ، وَقَدْ هَبَطَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ قَدْ نَشَرَ مِنْ أَجْنِحَتِهِ أَرْبَعَةَ أَجْنِحَةٍ ، جَنَاحًا فِي الثَّرَى ، وَجَنَاحًا قَدْ جَاوَزَ السَّمَاوَاتِ ، وَجَنَاحًا بِالْمَشْرِقِ ، وَجَنَاحًا بِالْمَغْرِبِ لَهُ صَدْرٌ أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ ، وَأَصْفَرُ وَأَخْضَرُ وَأَسْوَدُ ، وَإِذَا الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا وَجِبَالِهَا وَغِيَاضِهَا وَبِحَارِهَا ، وَإِنْسِهَا وَجِنِّهَا ، وَطَيْرِهَا وَهَوَامِّهَا ، وَالْخَافِقَيْنِ وَمَا حَوْلَهُ ، وَالثَّرَى وَمَا حَوْلَهُ إِلَى الْمُنْتَهَى الَّذِي عِلْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي نَقْرَةِ صَدْرِهِ كَالْخَرْدَلَةِ الْمُلْقَاةِ فِي أَرْضٍ فَلاةٍ ، وَلَهُ أَعْيُنٌ لا يَفْتَحُهَا إِلا فِي مَوْضِعِهَا ، وَأَجْنِحَةٌ لا يَنْشُرُهَا إِلا فِي مَوْضِعِهَا ، وَأَجْنِحَةٌ لا يَنْشُرُهَا إِلا لِلأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَأَجْنِحَةٌ لا يَنْشُرُهَا إِلا فِي مَوْضِعِهَا ، فَأَمَّا أَجْنِحَةُ الأَوْلِيَاءِ وَأَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّهَا الْبُشْرَى الَّذِينَ يُبَشَّرُونَ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَأَمَّا أَجْنِحَةُ الْكُفَّارِ ، فَإِنَّهَا سَفَافِيدُ وَمَقَارِيضُ وَكَلالِيبُ ، فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ صَعِقَ ، وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَأَفَاقَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَرْشَحُ عَرَقًا كَانَ فِي مَجَارِي عُرُوقِهِ الزَّعْفَرَانُ ، فَقَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ : يَا رَبِّ ، مَا أَشَدَّ هَذَا وَأَهْوَلَهُ ، وَهَكَذَا تَذُوقُ ذُرِّيَّتِي الْمَوْتَ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ : أَعْظِمْ شَأْنَ ذُرِّيَّتِكَ ، إِنَّمَا يَذُوقُونَ الْمَوْتَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَنَوائِبِهِمْ " .