حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ مَعَ قَوْمٍ هُمْ فِي مَرْكَبٍ فِي الْبَحْرِ إِذِ انْكَسَرَ بِهِمْ مَرْكَبُهُمْ ، فَتَعَلَّقَ بِخَشَبَةٍ فَطَرَحَتْهُ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنَ الْجَزَائِرِ ، فَخَرَجَ يَمْشِي ، فَإِذَا هُوَ بِقَدَمٍ مِثْلِ قَدَمِ رَجُلٍ فِيهَا ذِرَاعٌ ، وَإِذَا بِرَجُلٍ جَالِسٍ فِي مَسْجِدٍ فَفَزِعْتُ مِنْهُ ، وَاسْتَبَقْتُ بِالسَّلامِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ ، فَلَمَّا رَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ سَكَنْتُ ، فَقَالَ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ قُلْتُ : مَنْ أَهْلِ الإِسْلامِ ، قَالَ : مِنْ أَيِّ الأُمَمِ ؟ قُلْتُ : مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ، قَالَ : أَنْتَ مِنَ الَّذِينَ يَرْمُقُونَ الشَّمْسَ ، فَإِذَا غَرَبَتْ قَامُوا فَصَلُّوا لِلَّهِ تَعَالَى ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : طُوبَى لَكُمْ ، لَيْتَنِي كُنْتُ مِنْكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : أَنْتَ مِنَ الَّذِينَ يَرْمُقُونَ الشَّمْسَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ ، فَبَادَرُوهَا ، فَصَلَّوْا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : طُوبَى لَكُمْ ، لَيْتَنِي مِنْكُمْ . قُلْتُ : مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ؟ قَالَ : أَنَا مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ سورة الأعراف آية 159 ، كُنْتُ أَنَا وَأَخٌ لِيُ نَتَعَبَّدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْجَزِيرَةِ ، فَدَفَنْتُهُ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، هَلْ لَكَ يَا أَخِي أَنْ تَتَفَرَّغَ لِلَّهِ فِي بَقِيَّةِ نَفْسِكَ وَعُمُرِكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَقَمْتُ مَعَهُ ، فَإِذَا أَنَا بِمَاءٍ ، فَإِذَا بِرَجُلٍ فِي رِجْلَيْهِ سِلْسِلَةٌ مَنُوطٌ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ شِبْرٌ ، فَقَالَ : اسْقِنِي رَحِمَكَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَأَخَذْتُ مِلْءَ كَفِّي فَرَفَعْتُهُ ، فَرَفَعَ بِالسِّلْسِلَةِ ، فَذَهَبَ الْمَاءُ ، فَلَمَّا ذَهَبَ الْمَاءُ حَطَّ الرَّجُلُ ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ثَلاثًا ، أَوْ أَرْبَعًا ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ ، قُلْتُ : مَا لَكَ وَيْحَكَ ؟ قَالَ : هُوَ ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ ، وَاللَّهِ مَا قُتِلَتْ نَفْسٌ ظُلْمًا مُذْ قَتَلْتُ أَخِي إِلا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ بِهَا ، لأَنِّي أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ ، قَالَ : فَجِئْتُ صَاحِبِي ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : صَدَقْتَ ، فَقَالَ : فَمَكَثْتُ مَعَهُ سَاعَةً تُعْرَضُ لِي وَجَالَتِ الْعَيْنَانِ ، فَقَالَ : مَا لَكَ ذَكَرْتَ أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : أَتُحِبُّ أَنْ نُبَلِّغَكَ إِيَّاهُمْ ؟ قُلْتُ : وَدِدْتُ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : فَجَعَلَتِ السَّحَابُ تَمُرُّ بِهِ فَيُنَادِيهَا ، فَتُجِيبُهُ فَيَقُولُ : أَيْنَ أُمِرْتِ ؟ فَتَقُولُ : مَكَانَ كَذَا وَكَذَا ، حَتَّى مَرَّتْ سَحَابَةٌ ، فَقَالَ : يَا سَحَابَةُ ، أَيْنَ أُمِرْتِ ؟ قَالَتْ : بِالْبَصْرَةِ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَقَالَ : خُذِي هَذَا حَتَّى تُبَلِّغِيهِ أَهْلَهُ ، قَالَ : فَالْتَفَتُ بِي فَمَا دَرَيْتُ بِشَيْءٍ حَتَّى وَضَعَتْنِي فِي سَطْحِ أَهْلِي بِالْبَصْرَةِ " .