حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي أَبِي ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْمِصْرِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " زَعَمُوا أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِيثِ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ أَخْبِرْنِي عَنْ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ ؟ ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٌ هُوَ ؟ قَالَ : كَانَ كُرْسِيُّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ ، مُفَصَّصَةٌ بِالدُّرِّ بِالْيَاقُوتِ ، وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ ، وَقَدْ جَعَلَ دَرَجَةً مِنْهَا مُفَصَّصَةً بِالْيَاقُوتِ ، وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْكُرْسِيِّ ، فَحُفِّفَ مِنْ جَانِبَيْهِ بِالنَّخْلِ نَخْلٍ مِنْ ذَهَبٍ ، شَمَارِيخُهَا مِنْ يَاقُوتٍ ، وَزَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ ، وَجَعَلَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّتِي عَلَى يَمِينِ الْكُرْسِيِّ طَوَاوِيسَ مِنْ ذَهَبٍ ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّتِي عَلَى يَسَارِ الْكُرْسِيِّ نُسُورًا مِنْ ذَهَبٍ مُقَابِلُهَا طَوَاوِيسُ ، وَجَعَلَ عَلَى يَمِينِ الدَّرَجَةِ الأُولَى شَجَرَتَيْ صَنَوْبَرٍ مِنْ ذَهَبٍ ، وَعَلَى يَسَارِهَا أَسَدَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، وَعَلَى رُءُوسِ الأَسَدَيْنِ عَمُودَيْنِ مِنْ زَبَرْجَدٍ ، وَجَعَلَ مِنْ جَانِبِيِ الْكُرْسِيِّ شَجَرَتَيْ كَرْمٍ مِنْ ذَهَبٍ قَدْ أَظَلَّتَا الْكُرْسِيَّ ، وَجَعَلَ عَلَى عَنَاقِيدِهَا دُرًّا وَيَاقُوتًا أَحْمَرَ ، ثُمَّ جَعَلَ فَوْقَ دَرَجِ الْكُرْسِيِّ أَسَدَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ مُجَوَّفَيْنِ مَحْشُوَّيْنِ مِسْكًا وَعَنْبَرًا ، فَإِذَا أَرَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، أَنْ يَصْعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ اسْتَدَارَ الأَسَدَانِ سَاعَةً ، ثُمَّ يَقِفَانِ فَيَضُخَّانِ مَا فِي أَجْوَافِهِمَا مِنَ الْمِسْكِ ، وَالْعَنْبَرِ حَوْلَ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، ثُمَّ يُوضَعُ مِنْبَرَانِ وَاحِدٌ لِخَلِيفَتِهِ ، وَالآخَرُ لِرَئِيسِ أَحْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ الزَّمَانَ ، ثُمَّ أَمَامَ كُرْسِيِّهِ سَبْعُونَ مِنْبَرًا مِنْ ذَهَبٍ لِيَصْعَدَ عَلَيْهَا سَبْعُونَ قَاضِيًا مِنْ أَحْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعُلَمَائِهِمْ ، وَأَهْلِ الشَّرَفِ مِنْهُمْ وَالتَّقْوَى ، وَمِنْ خَلْفِ تِلْكَ الْمَنَابِرِ كُلِّهَا خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ مِنْبَرًا مِنْ ذَهَبٍ لَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى الدَّرَجَةِ السُّفْلَى ، فَاسْتَدَارَ الْكُرْسِيُّ كُلُّهُ بِمَا فِيهِ وَعَلَيْهِ ، فَيَبْسُطُ الأَسَدُ يَدَهُ الْيُمْنَى ، وَيَنْشُرُ النَّسْرُ جَنَاحَهُ الأَيْمَنَ ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَى سُلَيْمَانُ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ ، وَقَعَدَ عَلَى الْكُرْسِيِّ قَاعِدًا ، أَخَذَ مِنْ تِلْكَ النُّسُورِ نَسْرٌ مِنْهَا عَظِيمٌ تَاجَ سُلَيْمَانَ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، فَإِذَا وَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ اسْتَدَارَ الْكُرْسِيُّ بِمَا فِيهِ كَمَا تَدُورُ الرَّحَى الْمُسْرِعَةُ . قَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَمَا الَّذِي يَدُورُ بِهِ يَا أَبَا إِسْحَاقَ ؟ قَالَ : تِنِّينٌ مِنْ ذَهَبِ ذَلِكَ الْكُرْسِيِّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ عَظِيمٌ مِمَّا عَمِلَهُ صَخْرٌ الْجِنِّيُّ ، فَإِذَا أَحَسَّتْ بِدَوَرَانِهِ تِلْكَ النُّسُورُ وَالأَسَدُ ، وَالطَّوَاوِيسُ الَّتِي فِي أَسْفَلِ الْكُرْسِيِّ إِلَى أَعْلاهُ دُرْنَ مَعَهُ ، فَإِذَا وَقَفَ وَقَفْنَ جَمِيعًا كُلُّهُنَّ مُنَكِّسَاتٍ عَلَى رَأْسِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ جَالِسٌ ، ثُمَّ يَنْفُخْنَ جَمِيعَ مَا فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى رَأْسِ سُلَيْمَانَ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَهُوَ جَالِسٌ ، ثُمَّ تَتَنَاوَلُ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَاقِفَةٌ عَلَى عَمُودِ جَوْهَرٍ التَّوْرَاةَ ، فَتَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ ، فَيَقْرَأُهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى النَّاسِ ، فَإِذَا قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْقَضَاءِ ، وَجَلَسَ قُضَاةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مَنَابِرِهِمْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنِ شِمَالِهِ ، حَافِّينَ حَوْلَ كُرْسِيِّهِ ، حَتَّى إِذَا قُرِّبَ الشُّهَدَاءُ لِلشَّهَادَاتِ دَارَ التِّنِينُ بِالْكُرْسِيِّ كَدُورِ الرَّحَى الْمُسْرِعَةِ وَاسْتَدَارَتِ الأَسْوَدُ ، وَخَفَقَتِ النُّسُورُ بِأَجْنِحَتِهَا ، وَنَشَرَتِ الطَّوَاوِيسُ أَذْنَابَهَا ، فَفَزِعْتُ الشُّهَدَاءُ ، وَتَخَوَّفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ عِنْدَمَا يَرَوْنَ مِنَ السُّلْطَانِ ، فَيُدَاخِلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ رُعْبٌ شَدِيدٌ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : وَاللَّهِ لَنَشْهَدَنَّ بِالْحَقِّ ، فَإِنَّا إِنْ نَشْهَدِ الْيَوْمَ بِالْبَاطِلِ لَنَهْلِكَنَّ ، فَكَانَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ، عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، وَعَجَائِبُ مَا كَانَ فِيهِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، بَعَثَ بُخْتَنَصَّرَ بَعْدَهُ ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الْكُرْسِيَّ مَعَهُ ، فَحَمَلَهُ إِلَى أَنْطَاكِيَّةَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالصُّعُودِ عَلَيْهِ وَلا بِحَالِهِ ، فَلَمَّا وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى الدَّرَجَةِ ، رَفَعَ الأَسَدُ يَدَهُ الْيُمْنَى ، فَضَرَبَ بِسَاقِهِ الَّتِي فِي الأَرْضِ فَدَقَّ سَاقَهُ . قَالَ مُعَاوِيَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ ؟ قَالَ كَعْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، إِذَا أَرَادَ الصَّعُودَ وَضَعَ قَدَمَيْهِ جَمِيعًا ، ثُمَّ ثَبَتَ بِقَدَمَيْهِ جَمِيعًا ، وَإِنَّ بُخْتَنَصَّرَ رَفَعَ رِجْلا وَوَضَعَ رِجْلا ، فَضَرَبَ الأَسَدُ سَاقَهُ الَّتِي لَمْ يَرْفَعْهَا مِنَ الأَرْضِ فَدَقَّهَا ، وَرَجَعَ بُخْتَنَصَّرَ لَعَنَهُ اللَّهُ ، وَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ يَعْرُجُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ لا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَكَانَ الْكُرْسِيُّ بِأَنْطَاكِيَّةَ حَتَّى هُزِمَ خَلِيفَةُ بُخْتَنَصَّرَ ، فَنُقِلَ الْكُرْسِيُّ إِلَى بَابِلَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِبَابِلَ حَتَّى هَلَكَ خَلِيفَةُ بُخْتَنَصَّرَ ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَلَكَ فَارِسٌ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ ، فَحَمَلَ ذَلِكَ الْكُرْسِيَّ . قَالَ مُعَاوِيَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَمَا اسْمُ ذَلِكَ الْمَلِكِ ؟ قَالَ : كَانَ يُسَمَّى كِدَاسَ بْنَ سَدَاسٍ ، فَحَمَلَهُ مِنْ بَابِلَ وَرَدَّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَوَضَعَهُ تَحْتَ الصَّخْرَةِ ، فَلَمْ يُرَ أَحَدٌ وَقَعَ فِي يَدِهِ مِنْ تِلْكَ الْمُلُوكِ الرُّكُوبُ عَلَى كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ ، عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَهُ ، وَلا الْقُعُودُ عَلَيْهِ ، وَلا يُقْعَدُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ هُوَ ، وَلَمْ يُرَ أَثَرُهُ إِلَى السَّاعَةِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُعَاوِيَةُ | معاوية بن أبي سفيان الأموي / توفي في :60 | صحابي |
أَبُو إِسْحَاقَ الْمِصْرِيُّ | ربيعة بن لقيط التجيبي | ثقة |