حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الضَّحَّاكِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : " بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى نَمْرُودَ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْبُدَهُ ، وَلا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، فَقَالَ : أَبْرِزْ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ، قَالَ لَهُ : مَوْعِدُكَ بِالْغَدَاةِ ، فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ تَأْتِي جُمُوعُكُمْ ؟ قَالَ : مِنْ نَحْوِ الْمَشْرِقِ . قَالَ : فَذَهَبَ يَجْمَعُ ، وَكَانَ إِذَا جَمَعَ فَلَمْ يَسِلِ الْوَادِي مِنْ أَبْوَالِ دَوَابِّهِمْ غَضِبَ ، وَرَجَعَ ، فَجَمَعَ جَمْعًا لَمْ يُجْمَعْ مِثْلُهُ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ جُمُوعَ رَبِّكَ قَدْ أَتَتْ ، قَالَ : فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَازِنِ الْبَعُوضِ أَنِ افْتَحْ مِنْهُ بَابًا ، فَخَرَجَ مِنْهُ مِثْلُ السَّحَابِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ أَنْ كُلُوهُمْ وَدَوَابَّهُمْ ، وَلا تَقْرَبُوهُ احْتَبِسُوهُ ، قَالَ : فَاحْتَبَسَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ سَاعَةً فَقَالَ : مَا لِلشَّمْسِ لا تَطْلُعُ ؟ فَقَالَ : حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا جُنْدُهُ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ إِلَيْكَ ، وَمَا بَعَثَ إِلَيْكَ إِلا أَضْعَفَ جُنْدٍ هُوَ لَهُ ، فَغَشِيَهُمْ مِثْلُ السَّحَابِ ، فَمَا انْجَلَيْنَ إِلا عَنْ عِظَامٍ تَلُوحُ مِنْهُمْ ، وَمِنْ دَوَابِّهِمْ قَالَ : فَازْدَادَ طُغْيَانًا إِذْ لَمْ يَمَسَّهُ ، وَرَجَعَ فَنَامَ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى بَعُوضَةٍ أَنِ اقْرُصِي شَفَتَهُ فَقَرَصَتْهَا ، فَحَكَّهَا فَطَمَرَتْ ، وَتَوَرَّمَتْ . قَالَ : فَدَعَا الأَطِبَّاءَ قَالُوا : مَا لَهَا دَوَاءٌ إِلا أَنْ تَشُقَّهَا فَشَقَّهَا ، فَسَقَطَتْ شُقَّةٌ هَا هُنَا ، وَشُقَّةٌ هَا هُنَا ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا أَنِ اقْرُصِي شَفَتَهُ الْعُلْيَا فَقَرَصَتْهَا فَطَمَرَتْ أَيْضًا وَتَوَرَّمَتْ " ، قَالَ : فَدَعَا الأَطِبَّاءَ فَقَالُوا : مَا لَهَا دَوَاءٌ إِلا أَنْ تَصْنَعَ مَا صَنَعْتَ بِالشَّفَةِ ، قَالَ : فَفَعَلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا أَنِ اقْرُصِي أَنْفَهُ فَقَرَصَتْهُ ، فَطَمَرَتْ أَنْفُهُ ، فَدَعَا الأَطِبَّاءَ ، فَقَالُوا : مَا نَعْلَمُ لَهَا دَوَاءً إِلا أَنْ تَشُقَّهَا ، قَالَ : فَشَقَّهَا ، قَالَ : فَصَارَ وَجْهُهُ سِتَّةَ شُقُوقٍ وَنَامَ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا أَنِ ادْخُلِي فَقَعِي عَلَى دِمَاغِهِ وَكُلِي حَتَّى يَأْتِيَكِ أَمْرِي . قَالَ : فَفَعَلَتْ ذَلِكَ . قَالَ : فَكَانَ أَرْحَمَ النَّاسِ بِهِ الَّذِي يَدُقُّ فَوْقَ رَأْسِهِ مَا اسْتَطَاعَ . قَالَ : فَعَمَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ مِثْلَ مَا مَلَّكَهُ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَالْبَعُوضُ فِي رَأْسِهِ ، وَكَانَتْ تَأْكُلُ حَتَّى صَارَتْ مِثْلَ الْفَأْرَةِ الْعَظِيمَةِ " .