قَالَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : وَكَانَ وَزْنُ الْحَبَّةِ منها ألفا وثمان مائة درهم في كل حبة ، فقال آدم عليه السلام يا جبرئيل ، ما هذا ؟ قَالَ : هَذِهِ أَخْرَجَتْكَ مِنَ الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَمَا أَصْنَعُ بِهِ ؟ قَالَ : انْثُرْهُ فِي الأَرْضِ ، فَفَعَلَ فَأَنْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَاعَتِهِ فَجَرَتْ سُنَّةُ وَلَدِهِ الْبَذْرُ ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَحَصَدَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْقَبْضَةَ فَلِذَلِكَ صَارَ الْحَصَادُ بِأَخْذِ الْقَبْضَةِ بَعْدَ الْقَبْضَةِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِجَمْعِهِ وَفَرْكِهِ بِيَدِهِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يَفْرُكُونَ بِأَيْدِيهِمْ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُذْرِيَهُ فِي الرِّيحِ فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يُذْرِي الْحِنْطَةَ فِي الرِّيحِ ، ثُمَّ أَتَاهُ بِحَجَرَيْنِ فَوَضَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَدَقَّهُ ، فَلِذَلِكَ وُضِعَتِ الأَرْحَاءُ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَعْجِنَهُ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمَاءٍ ، فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يَعْجِنُونَ الدَّقِيقَ الْيَوْمَ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ وَيَجْمَعُ لَهُ جِبْرِيلُ النَّارَ مِنَ الْحَدِيدِ وَالْحَجَرِ فَقَدَحَهُ ، فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يَقْدَحُونَهُ الْيَوْمَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَبَزَ الْمَلَّةَ ، ثُمَّ أَمَرَهُ يَخْبِزَ الْمَلَّةَ أَنْ يَأْكُلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ لا أُرِيدُ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : تَشْكُو إِلَى رَبِّكَ الْجُوعَ فَلَمَّا أَطْعَمَكَ تَقُولُ لا أُرِيدُ ، قَالَ : فَإِنِّي أُعْيِيتُ مِمَّا عَالَجْتُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا جِبْرِيلُ هَذَا عَمَلِي وَعَمَلُ ذُرِّيَّتِي أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَبَكَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَنَبَتَتْ لِحْيَتُهُ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ عَلَى وَلَدِهِ فَلَمَّا أَكَلَ تِلْكَ الْمَلَّةَ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ ثِقَلا وَوَجَعًا ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُخَاطٌ وَلا بُزَاقٌ ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ لَهُ : أَتَدْرِي لِمَ ذَاكَ ؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ خَلَقَكَ طِينًا أَجْوَفَ جَاءَ إِبْلِيسُ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى بَطْنِكَ فَسَمِعَ دَوِيًّا كَدَوِيِّ الِخَابِيَةِ ، فَقَالَ لِلْمَلائِكَةِ " لا يَهُمُّكُمْ إِنْ يَكُنْ مَلَكًا فَهُوَ مِنْكُمْ وَإِنْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِكُمْ فَأَنَا أَكْفُيكُمُوهُ ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة سبأ آية 20 . وَكَانَ مَنِ اتَّبَعَهُ هَارُوتُ وَمَارُوتُ ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْ جَوْفِكَ وَخَرَجَ مِنْ دُبُرِكَ ، فَكُلَّمَا أَصَابَ الطَّعَامُ مِنْ ذَلِكَ نَتِنَ لأَنَّ مَمَرَّهُ عَلَى مَمَرِّ إِبْلِيسَ فِي بَطْنِكَ ، فَالتَّغْيِيرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَكُنْ لآدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ ذَلِكَ مُخَاطٌ ، وَلا بُزَاقٌ ، وَلا شَيْءٌ مِنَ الأَذَى حَتَّى أَكَلَ الطَّعَامَ ، فَلِذَلِكَ صَارَ لِلطَّعَامِ رِيحٌ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ إِلَى أَسْفَلِ الْجَبَلِ وَمَلَّكَهُ الأَرْضَ ، فَأَمَرَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى الأَرْضَ بِكُلِّ مَنْ عَلَيْهَا مِنَ الْجِنِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَنْعَامِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَالسِّبَاعِ ، وَالْهَوَامِّ ، وَالطَّيْرِ ، وَكُلِّ خَلْقٍ كَانَ خَلَقَ فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَتَعَلَّمُوا أَسْمَاءَهُمْ ، وَأَنْ يَتَلَقَّنُوا التَّسْبِيحَ مِنْهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا نَزَلَ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ وَغَابَ عَنْهُ كَلامُ أَهْلِ السَّمَاءِ ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ رِيحُ الْفِرْدَوْسِ بَكَى عَلَى جِوَارِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَجَعَلَ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُعَزُّونَهُ ، فَلا يَقْبَلُ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُونَ سَنَةً نَزَلَ عَلَيْهِ صَدِيقٌ لَهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ يُسَمَّى مُسْتَمْلايِلَ ، فَقَالَ : يَا آدَمُ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ مَرَّةً وَالآنَ قَدْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْرِفِينَ عَلَى نَفْسِكَ ، فَأَخْبِرْنِي تُرِيدُ أَنْ تَبْكِيَ عَلَى مَا لَمْ يُحِبَّ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَهُ لَكَ ، أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَبَّكَ كَانَ أَوْحَى إِلَى الْمَلائِكَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَكَ أَنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، فَخَلَقَكَ رَبُّكَ لِيَسْتَخْلِفَكَ فِي الأَرْضِ ، وَتَبْكِي عَلَى السَّمَاءِ ، فَقَبِلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَوْلَهُ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَهُ ، قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أَرْضِ تِهَامَةَ ، فَابْتَنِ بِهَا بَيْتًا ، ثُمَّ طُفْ بِذَلِكَ الْبَيْتِ أُسْبُوعًا ، وَوَجَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِطَوَافِهِ وَقِيَامِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَيْتِ طُولَ عُمْرِهِ رِيحَ الْفِرْدَوْسِ ، فَكَانَ مِمَّا أَحْدَثَهُ فِي مُلْكِهِ الْحَدِيدُ وِصِنَاعَةُ الأَدَاةِ ، وَصَنْعَةُ الطُّرُقِ فِي الأَرَضِينَ ، وَغَرْسُ الأَشْجَارِ ، وَعَاشَ وَأَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي أَمْنٍ وَدِعَةٍ وَلِبَاسُهُمْ يَوْمَئِذٍ جُلُودُ الأَنْعَامِ وَالسِّبَاعِ مَا خَلا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَإِنَّ لِبَاسَهُ يَوْمَئِذٍ كَانَ مِنْ وَرِقِ الْجَنَّةِ ، فَلَبِثَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَمَا قَضَى مَنَاسِكَهُ مِائَتَيْ سَنَةٍ ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ ، وَقَدْ أُحِلَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ فَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ، وَكَانَ حِينَ هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لآدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أُنْسٌ غَيْرَهَا ، فَلِذَلِكَ يَأْنَسُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ ، فَلَمَّا أَنْ لَبِثَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الأَرْضِ مِائَتَيْ سَنَةٍ ، وُلِدَ عُوجُ بْنُ عُوقِ بْنِ آدَمَ ، وَهُوَ الَّذِي وُلِدَ فِي دَارِ آدَمَ وَقَتَلَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَعَاشَ عُوجُ فِي الأَرْضِ ثَلاثَةَ آلافِ سَنَةٍ ، فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَيَّامَ نُبُوَّتِهِ ، أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَا آدَمُ ، إِنِّي قَدِ اسْتَكْمَلْتُ نُبُوَّتَكَ وَأَيَّامَكَ فَانْظُرِ الاسْمَ الأَكْبَرَ وَمِيزَانَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ ، فَادْفَعْهُ إِلَى ابْنِكَ شِيثٍ ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَتْرُكَ الأَرْضَ إِلا وَفِيهَا عَالِمٌ يَدُلُّ عَلَى طَاعَتِي وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِي ، فَدَفَعَ الْوَصِيَّةَ إِلَى ابْنِهِ شِيثٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْفِيَهَا مِنْ قَابِيلَ وَوَلَدِهِ ، لأَنَّ قَابِيلَ كَانَ قَدْ قَتَلَ هَابِيلَ حَسَدًا مِنْهُ حِينَ خَصَّهُ آدَمُ بِالْعِلْمِ ، وَاسْتَخْفَى شِيثٌ وَوَلَدُهُ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَابِيلَ وَوَلَدِهِ عِلْمٌ يَنْتَفِعُونَ بِهِ ، ثُمَّ مَلَكَ مِنْ بَعْدِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَهْمُورَثُ ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ قَابِيلَ فَمَلَكَ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً ، وَوَلِيُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ شِيثٌ وَهُوَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ ، فَكَانَ يَسْتُرُ عِلْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِلْمَ آدَمَ مَخَافَةً مِنْ قَابِيلَ ، وَقَدْ كَانَ هِبَةُ اللَّهِ زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِلْمِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَمْسِينَ صَحِيفَةً ، وَكَانَتْ صَحْفَةً كُلُّهَا عِظَاتٌ وَأَمْثَالٌ ، ثُمَّ شَرَّفَهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَلَمْ يَزَلْ هِبَةُ اللَّهِ يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِحَلالِ مَا اسْتُودِعَ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ إِلَى أَنُوشَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، لَمْ يَزَلْ أَنُوشُ يُدَبِّرُ ذَلِكَ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ يَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَلالِ مَا فِيهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، فَمَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ مُؤْمِنًا وَمَنْ جَحْدَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ كَافِرًا ، قَدْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إِيمَانِهِ بِجُحُودِهِ أَمْرَ وَلِيِّ اللَّهِ تَعَالَى ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحِكْمَتَهُ وَعِلْمَهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، قَيْنَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَزَلْ قَيْنَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَيُعَلِّمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ حَلالَ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ سِرًّا لا يُعْلِمُ بِهِ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عُوجَ وَوَلَدِ قَابِيلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهَ إِدْرِيسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِلَى جَمِيعِ أَرْضِهِ فَجَمَعَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ عِلْمَ الْمَاضِينَ كُلِّهِمْ مِنْ قَبْلِهِ ، وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ ثَلاثِينَ صَحِيفَةً ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى سورة الأعلى آية 18 ، إِنَّمَا يَعْنِي بِالأُولَى الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى ابْنِ آدَمَ هِبَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِدْرِيسَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَمَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحْدَهُ وَحَارَبَهُ كَانَ كَافِرًا ، لا يَنْتَفِعُ بِعِبَادَتِهِ وَلَوْ عَبَدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَدَدَ الْحَصَى وَالتُّرَابِ ، وَقَطْرِ الْمَطَرِ ، وَوَرَقِ الشَّجَرِ ، حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ فِي الْقُبُورِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بِيُورَاسِبُ ، كَانَ مُلْكُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ، فَلَمْ يَزَلْ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ يَزْدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَزْدُ يَحْفَظُ مَا اسْتُودِعَ مِنْ نُورِ اللَّهِ ، وَحِكْمَتِهِ وَيُعَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَهُ حَلالَ مَا اسْتُودِعَ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ حَرَامِهِ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بِوَلايَتِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحَدَ وَحَارَبَهُ ، كَانَ كَافِرًا ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، متوشلخ عَلَيْهِ السَّلامُ فَلَمْ يَزَلْ متوشلخ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنَ النَّاسِ بِوَلايَتِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحَدَ وَلايَتَهُ كَانَ كَافِرًا ، لا يَنْتَفِعُ بِإِيمَانِهِ وَلَوْ عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ أَبَدًا ، حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، ابْنَهُ لَمَكَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَلَمْ يَزَلْ لَمَكُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ ذَلِكَ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ، وَالنُّورَ وَيَأْمُرُ بِحَلالِ مَا اسْتُودِعَ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى اخْتَارَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنُبُوَّتِهِ ، وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ نُوحًا صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ، فَجَمَعَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنُوحِ بْنِ لَمَكَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ عِلْمَ الْمَاضِينَ كُلِّهِمْ وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ ، فَأَقْبَلَ نُوحٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو قَوْمَهُ وَهُمْ أَهْلُ بِيُورَاسِبَ ، فَدَعَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً تِسْعَ مِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ قَرْنٌ عَلَى مِلَّةِ آبَائِهِمُ الأَوَّلِينَ كُفَّارًا حَتَّى أَرْسَلَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ عَذَابًا ، فَأَفْنَاهُمْ بِظُلْمِهِمْ وَبِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ، وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ سورة فصلت آية 46 ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَهُ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ سَامَ بْنَ نُوحٍ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، فَلَمْ يَزَلْ سَامُ بْنُ نُوحٍ يُدَبِّرُ نُورَ اللَّهِ تَعَالَى وَحِكْمَتَهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنَ النَّاسِ بِوَلايَتِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحَدَ وَلايَتَهُ وَنَقَمَ عَلَيْهِ كَانَ ضَالا ، لا يَنْتَفِعُ بِعِبَادَتِهِ وَلَوْ عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ ، حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَحِكْمَتَهُ ، أَرْفَخْشَدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَفَعَلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ أَفْرِيدُونُ ، وَهُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَمَلَكَ خَمْسَ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَسَرَ بِيُورَاسِبَ وَوَاقَعَهُ ، فَمَلَكَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، وَهُوَ الَّذِي سَارَ مِنْ شَرْقِ الأَرْضِ إِلَى غَرْبِهَا وَمَعَهُ جُنُودُ الأَرْضِ كُلِّهَا ، وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، ثُمَّ مَلَكَ مُتُوشَهْرُ ، فَمَلَكَ مِائَةَ سَنَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَهُوَ الَّذِي كَرَّ الْفُرَاتَ الأَعْظَمَ ، فَلَمْ يَزَلْ أَرْفَخْشَدُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، يَأْمُرُ بِحَلالِ مَا اسْتُودِعَ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ أَمْرَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ مُشَالِخَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَلَمْ يَزَلْ مُشَالِخُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، حَتَّى اخْتَارَ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ هُودًا عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَمَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ بِهِ وَبِمَا أُرْسِلَ بِهِ ، كَانَ مُؤْمِنًا وَمَنْ جَحْدَهُ وَحَارَبَهُ ، كَانَ كَافِرًا ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ فَالِخَ بْنَ عَابِرٍ ، فَلَمْ يَزَلْ فَالِخُ بْنُ عَابِرٍ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ ، وَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ، يَأْمُرُ بِحَلالِ مَا فِيهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ وَلَدَهُ وَوُلِدَانَهُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَحِكْمَتَهُ ابْنَهَ بِرْوَعَ بْنُ فَالِخَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ فَارِسَ . . . . . بطور ، وَعِلْمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ وَحِكْمَتَهُ يُدَبِّرُ بِرْوَعُ بْنُ فَالِخَ ، فَلَمْ يَزَلْ يُحَرِّمُ حَرَامَ مَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْحِكْمَةِ ، وَيُحِلُّ حَلالَهُ عَلَى حَقِّهِ وَصِدْقِهِ حَتَّى قَتَلَهُ عُوجُ ، وَقَتَلَ أَوْلادَهُ خَمْسَةَ أَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ بِلا تَبْلِيغِ رِسَالَةٍ ، فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَلْفٍ وَأَرْبَعِ مِائَةِ نَبِيٍّ أَنْ يَقْتُلُوا أَهْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَمَنْ كَانَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ بِرْوَعَ ، وَأَنْ يَطْلُبُوا بِدَمِهِ فَفَعَلُوا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ طُهْمَاسَفَانُ فَمَلَكَ مِائَتَيْنِ وَثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، هُوَ الَّذِي صَارَ مَعَ عُوجَ عَلَى الأَنْبِيَاءِ ، حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ ثَمَانِ مِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ وَرَضِيَ لِنَفْسِهِ وِلِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بَوْشَا بْنَ أَمِينٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ضَارُوعَ بْنَ بِرْوَعَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، فَلَمْ يَزَلْ ضَارُوعُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْحِكْمَةِ ، وَيَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَلالِ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَحِكْمَتَهَ نَاخُورَ ، فَلَمْ يَزَلْ نَاخُورُ بْنُ ضَارُوعَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ ، وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَمَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ كَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْحِكْمَةِ ، وَلَدَ نَاخُورَ بْنِ ضَارُوعَ ، فَفَعَلَ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ فِيهِمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُخْتَارُ مِنْهُمْ ، لَنُورِ كُتُبِهِ وَتَفْصِيلِ حِكْمَتِهِ ، وَفِي أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ مِنْ مُلْكِ زُرْهِيِ بْنِ طُهْمَاسَفَانَ اخْتَارَ الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ وَتَفْصِيلِ حِكْمَتِهِ ، وَنُورِ كُتُبِهِ خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ، وَعَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ عَشْرَ صَحَائِفَ ، فَلَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاهِدُ زُرْهِيَّ بْنَ طُهْمَاسَفَانَ ، وَهُوَ نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ ، وَجَمِيعَ الْفَرَاعِنَةِ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ، وَمَلِكُهُمْ يَوْمَئِذٍ نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ قَدْ مَلَكَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَهُوَ صَاحِبُ النُّسُورِ ، وَالتَّابَوُتِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَصْعَدَ بِالتَّابُوتِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَصَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَضَرَبَ مَثَلَهُ ، فَقَالَ : وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ سورة إبراهيم آية 46 وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَ قَوْمُ عَادٍ ، وَبَقِيَّةُ ثَمُودَ ، فَلَمْ يَزَلْ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ يَأْمُرُ بِحَلالِ مَا فِيهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ أُمِرَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ حِكْمَةَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَعِلْمَهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ذُرِّيَّةَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ، فَلَمْ يَزَلْ يَرِثُ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّا يَخْتَارُهُ اللَّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ فِيقَادُ فَمَلَكَ مِائَةَ سَنَةٍ ، وَفِي ذَلِكَ الدَّهْرِ كَانَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلامُ وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَتَفْصِيلُ حِكْمَتِهِ فِي ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَتَى اللَّهُ تَعَالَى بِيُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، وَمَلَكَ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ فِي وَلَدِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ قِيقَابُوسُ ، فَمَلَكَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيقَابُوسُ ، كَانَ فِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ الَّذِي كَانَ بُعِثَ إِلَيْهِ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، وَمَلَكَ فِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَفِي سِتِّينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَيُّوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ، صَاحِبَ الْبَلاءِ كَانَتِ امْرَأَتُهُ رَحْمَةَ بِنْتَ يُوسُفَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى ، وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ فَمَلَكَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَفِي تِسْعٍ وَثَمَانِينَ مِنْ مُلْكِهِمْ أَمَاتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَحِمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى أَرْوَاحَهُمْ وَمُلْكَهُمْ وَآتَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ، وَذَلِكَ حَيْثُ سَأَلُوا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَجَمِيعَ الْحِكْمَةِ وَالْكِتَابِ ابْنَ عَمِّهِ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ ، وَقَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عُوجَ بْنَ عُوقٍ عَلَى يَدَيْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَانَ عُوجُ وُلِدَ فِي دَارِ آدَمَ وَعَاشَ عُوجُ فِي الأَرْضِ ثَلاثَةَ آلافِ سَنَةٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ كَنْجِسْرُ مَلَكَ خَمْسِينَ سَنَةً ، وَقَتْلَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَتَفْصِيلُ حِكْمَتِهِ فِي يُوشَعَ بْنِ نُونٍ يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ وَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ ، وَيَأْمُرُ بِحَلالِهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ فِي مَنَامِهِ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ وَلَدَهُ ، فَفَعَلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بهراسب فَمَلَكَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَحِكْمَتُهُ فِي وَلَدِ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ، يَرِثُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ لِنُبُوَّتِهِ ، وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ذَلِكَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ وَزَادَهُ الزَّبُورَ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُلْكَ فَمَلَكَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيْنَ النَّاسِ سَبْعِينَ سَنَةً ، فَلَمْ يَزَلْ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ رَبِّهِ وَيَقُومُ بِهِ ، وَيَأْمُرُ بِحَلالِهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ابْنَهُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَأُعْطِيَ عِنْدَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَمَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَ مِائَةِ سَنَةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَمَلَكَ أَهْلَ الدُّنْيَا كُلَّهُمْ مِنَ الإِنْسِ ، وَالْجِنِّ ، وَالشَّيَاطِينِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَالطَّيْرِ ، وَالسِّبَاعِ ، وَأُعْطِيَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَنْطِقَ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ ، وَفِي زَمَانِهِ صُنِعَتِ الصَّنَائِعُ الْمُعْجِبَةُ ، يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ وَسُخِّرَتْ لَهُ الرِّيحُ ، تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ تُطِيعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ، فَلَمْ يَزَلْ سُلَيْمَانُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ وَيَأْمُرُ بِحَلالِ مَا فِيهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ أَخَاهَ ، وَوَلَدَ دَاوُدَ وَكَانُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ رَجُلا كُلُّهُمْ أَنْبِيَاءُ بِلا رِسَالَةٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ . . . . . ، فَمَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَفِي أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ مِنْ مُلْكِهِ ظَهَرَتْ دُرُسْتُ الْهَرَابِذَةُ ، وَالزَّمَازِمَةُ إِلَى سِتِّينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ ، فَبَنَى بِهَا مَدِينَةَ فَسَا ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَلَّطَ الْيَهُودَ حَتَّى قَتَلُوا مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَرْبَعَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ نَبِيًّا ، عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، وَقَتَلُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ شِيعَةِ الأَنْبِيَاءِ كَثِيرًا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِاللَّعْنَةِ الَّتِي لَعَنَ بِهَا إِبْلِيسَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ أَزْدَشِيرُ بْنُ أَسْفَنْدِيَارَ مِائَتَيْنِ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَتْ جَمَزَا بِنْتُ شَهْرَدَارَانَ فَمَلَكَتْ ثَلاثِينَ سَنَةً ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَوْدَعَ اللَّهُ تَعَالَى نُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ نَبِيًّا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، يُقَالُ لَهُ : أَبُو شَائِغٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ دَارَا بْنُ شَهْرَدَارَانَ فَمَلَكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَهُ ، وَعِلْمَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، رُوبِيلَ بْنَ أَبِي شَايِغٍ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَزَلْ رُوبِيلُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ دَارَا بْنُ دَارَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَتَفْصِيلُ حِكْمَتِهِ عِنْدَ وَلِيِّ اللَّهِ رُوبِيلَ بْنِ أَبِي شَايِغٍ وَأَصْحَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ الإِسْكَنْدَرُ قَيْصَرُ ، فَمَلَكَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَفِي سَنَتَيْنِ مِنْ مُلْكِهِ بَنِي مَدِينَةً بأَصْبَهَانَ ، وَسَمَّاهَا جَيَّا ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ فِي رُوبِيلَ بْنِ أَبِي شَائِغٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ أَشَحُّ بْنُ أَشْحَانَ الْكَبْشُ ، مِائَتَيْنِ وَسِتًّا وَسِتِّينَ سَنَةً ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عِيسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ ، فَاسْتَوْدَعَهُ ذَلِكَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ ، وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ الإِنْجِيلَ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ ، عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَوْدَعَ نُورَهُ وَاسْتَخْلَصَ لِرِسَالَتِهِ دَانْيَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ يَزْدَجِرُ بْنُ سَابُورَ ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ دسيخا وَأَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَشِيعَتُهُ الصِّدِّيقُونَ ، فَعَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ ، فِي مَنَامِهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ نَسْطُورِسَ بْنَ دسيخا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بَهْرَامْ حُورَ ، فَمَلَكَ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ نَسْطُورِسُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ فَيْرُوزُ بْنُ يَزْدَجِرَ ، فَمَلَكَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَوَلِي أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ نَسْطُورِسُ بْنُ دسيخا ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ فِي مَنَامِهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، ابْنَهُ يُقَالُ لَهُ : مُرْعِيدَا ، فَفَعَلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ أَبَلاسِنُ بْنُ فَيْرُوزَ ، فَمَلَكَ أَرْبَعَ سِنِينَ ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ مُرْعِيدَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ قِيَاذُ بْنُ فَيْرُوزَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ مُرْعِيدَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ كِسْرَى بْنُ قِيَاذَ ، فَمَلَكَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْضِ مُرْعِيدَا ، وَأَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبِضَ مُرْعِيدَا أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَنُورَهُ بَحِيرَا الرَّاهِبَ فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ هُرْمُزُ بْنُ كِسْرَى ، فَمَلَكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَحِيرَا الرَّاهِبُ وَأَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ يَزْدَجِرُ بْنُ كِسْرَى فَمَلَكَ أَرْبَعَ سِنِينَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا وَعَلَى آلَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " .