حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَهْبًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، يَقُولُ : " إِنَّ حِزْقِيلَ كَانَ فِي مَا سَبَى بُخْتُنَصَّرَ مَعَ دَانْيَالَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَزَعَمَ حِزْقِيلُ أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ، فَأَتَاهُ مَلَكٌ وَهُوَ نَائِمٌ ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى وَضَعَهُ فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، قَالَ : فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا السَّمَاوَاتُ مُنْفَرِجَاتٌ دُونَ الْعَرْشِ ، فَبَدَا لِيَ الْعَرْشُ وَمَنْ حَوْلَهُ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِمْ مِنْ تِلْكَ الْفُرْجَةِ ، فَإِذَا الْعَرْشُ ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ مُطِلًا عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ ، وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ رَأَيْتُهُنَّ مُتَعَلِّقَاتٍ بِبَطْنِ الْعَرْشِ ، وَإِذَا الْحَمَلَةُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، لِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ : وَجْهُ إِنْسَانٍ ، وَوَجْهُ نَسْرٍ ، وَوَجْهُ أَسَدٍ ، وَوَجْهُ ثَوْرٍ ، فَلَمَّا أَعْجَبَنِي ذَلِكَ مِنْهُمْ نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِهِمْ فَإِذَا هِيَ فِي الأَرْضِ عَلَى عَجَلٍ تَدُورُ بِهَا ، قَالَ : وَإِذَا مَلَكٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ ، لَهُ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ ، لَهَا لَوْنٌ كَلَوْنٍ ، وَرِيحٌ ، لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مَقَامُهُ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، فَإِذَا هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، قَالَ : وَإِذَا مَلَكٌ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ ، أَعْظَمُ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنَ الْخَلْقِ وَإِذَا هُوَ مِيكَائِيلُ ، وَهُوَ خَلِيفَةٌ عَلَى مَلائِكَةِ السَّمَاءِ ، وَإِذَا مَلائِكَةٌ يَطُوفُونَ بِالْعَرْشِ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، يَقُولُونَ : قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، اللَّهُ الْقَوِيُّ مَلأَتْ عَظَمَتُهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَإِذَا مَلائِكَةٌ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ : جَنَاحَانِ يَسْتُرُ وَجْهَهُ عَنِ النُّورِ ، وَجَنَاحَانِ يُغَطِّي بِهِمَا جَسَدَهُ ، وَجَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا ، وَإِذَا هُمُ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ، وَإِذَا مَلائِكَةٌ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ ، مِنْهُمُ السَّاجِدُ ، وَمِنْهُمُ الْقَائِمُ ، لَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، وَإِذَا مَلائِكَةٌ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ سُجُودٌ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِي الصُّورِ ، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ ، فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى الْعَرْشِ قَالُوا : سُبْحَانَكَ ، مَا كُنَّا نَقْدُرُكَ حَقَّ قَدْرِكَ ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْعَرْشَ تَدَلَّى مِنْ تِلْكَ الْفُرْجَةِ ، فَكَانَ قَدْرَهَا ، ثُمَّ أَفْضَى إِلَى مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَكَانَ يَلِي مَا بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْ بَابِ الرَّحْمَةِ ، فَكَانَ قَدْرَهُ ، ثُمَّ أَفْضَى إِلَى الْمَسْجِدِ فَكَانَ قَدْرَهُ ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَى الصَّخْرَةِ فَكَانَ قَدْرَهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا ابْنَ آدَمَ ، قَالَ : فَصُعِقْتُ ، وَسَمِعْتُ صَوْتًا لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ قَطُّ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ أُقَدِّرُ ذَلِكَ الصَّوْتَ فَإِذَا قَدْرُهُ كَعَسْكَرٍ اجْتَمَعُوا فَأَنْحَبُوا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ ، أَوْ كَفِئَةٍ اجْتَمَعَتْ فَتَدَافَعَتْ ، فَلَقِيَ بَعْضُهَا بَعْضًا ، أَوْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ حِزْقِيلُ : فَلَمَّا صُعِقْتُ ، قَالَ : أَنْعِشُوهُ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ خُلِقَ مِنْ ضَعْفٍ ، ثُمَّ قَالَ : اذْهَبْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَنْتَ طَلِيعَتِي كَطَلِيعَةِ الْجَيْشِ ، مَنْ دَعَوْتَهُ مِنْهُمْ فَأَجَابَكَ وَاهْتَدَى بِهَدْيِكَ فَلَكَ مِثْلُ أَجْرِهِ ، وَمَنْ غَفَلْتَ عَنْهُ حَتَّى يَمُوتَ ضَالا فَعَلَيْكَ مِثْلُ وِزْرِهِ لا يُخَفِّفُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا ، ثُمَّ عُرِجَ بِالْعَرْشِ فَاحْتُمِلْتُ حَتَّى رُدِدْتُ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ، فَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ إِذْ أَتَانِي مَلَكٌ ، فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَاحْتَمَلَنِي حَتَّى أَدْخَلَنِي جَيْبَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَإِذَا أَنَا بِحَوْضِ مَاءٍ لا يَجُوزُ قَدَمَيَّ ، ثُمَّ أَفْضَيْتُ مِنْهُ إِلَى الْجَنَّةِ ، فَإِذَا شَجَرُهَا عَلَى شُطُوطِ أَنْهَارِهَا ، وَإِذَا هُوَ شَجَرٌ لا يَتَنَاثَرُ وَرَقُهُ ، وَلا يَفْنَى ثَمَرُهُ ، وَإِذَا فِيهِ الطَّلْعُ وَالْيَنْعُ ، وَالْقَطِيفُ ، قُلْتُ : فَمَا لِبَاسُهَا ؟ قَالَ : ثِيَابٌ كَثِيَابِ الْحُورِ تَنْفَلِقُ عَلَى أَيِّ لَوْنٍ شَاءَ صَاحِبُهُ ، قُلْتُ : مَا أَزْوَاجُهَا ؟ ، قَالَ : عُرِضَ عَلَيَّ فَذَهَبْتُ لأَقِيسَ حُسْنَ وُجوهِهِنَّ فَإِذَا هُنَّ لَوْ جُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، كَانَ وَجْهُ إِحْدَاهُنَّ أَضْوَأَ مِنْهَا ، وَإِذَا لَحْمُ إِحْدَاهُنَّ لا يُوَارِي عَظْمَهَا ، وَإِذَا عَظْمُهَا لا يُوَارِي مُخَّهَا ، وَإِذَا هِيَ إِذَا نَامَ عَنْهَا صَاحِبُهَا اسْتَيْقَظَ وَهِيَ بِكْرٌ ، قَالَ : فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ حِزْقِيلُ : فَقِيلَ لِي : أَتَعْجَبُ مِنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : مَا لِي لا أَعْجَبُ ؟ قَالَ : فَإِنَّهُ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الثِّمَارِ الَّتِي رَأَيْتَ خُلِّدَ ، وَإِنَّ الأَزْوَاجَ مِنْ هَذِهِ الأَزْوَاجِ قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُمُ الْهَمُّ وَالْحَزَنُ ، قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ بِرَأْسِي فَرَدَّنِي حَيْثُ كُنْتُ ، قَالَ حِزْقِيلُ : فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ أَتَانِي مَلَكٌ فَأَخَذَ بِرَأْسِي وَاحْتَمَلَنِي حَتَّى وَضَعَنِي بِقَاعٍ مِنَ الأَرْضِ قَدْ كَانَتْ فِيهِ مَعْرَكَةٌ ، وَإِذَا فِيهِ عَشَرَةُ آلافِ قَتِيلٍ ، قَدْ بَدَّدَتِ الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ لُحُومَهُمْ ، وَفَرَّقَتْ بَيْنَ أَوْصَالِهِمْ ، فَقَالَ لِي : إِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَوْ قُتِلَ فَقَدِ انْفَلَتَ مِنِّي وَذَهَبَتْ عَنْهُ قُدْرَتِي ، فَادْعُهُمْ ، قَالَ حِزْقِيلُ : فَدَعَوْتُهُمْ فَإِذَا كُلُّ عَظْمٍ قَدْ أَقْبَلَ إِلَى مِفْصَلِهِ الَّذِي مِنْهُ انْقَطَعَ ، مَا الرَّجُلُ بِصَاحِبِهِ أَعْرَفُ مِنَ الْعَظْمِ بِمِفْصَلِهِ الَّذِي فَارَقَ ، حَتَّى أَمَّ بَعْضُهَا بَعْضًا ، قَالَ : ثُمَّ نَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ ، ثُمَّ نَبَتَتِ الْعُرُوقُ ، ثُمَّ انْبَسَطَتِ الْجُلُودُ ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : ادْعُ أَرْوَاحَهُمْ ، قَالَ حِزْقِيلُ : فَدَعَوْتُهَا فَإِذَا كُلُّ رَوْحٍ قَدْ أَقْبَلَ إِلَى جَسَدِهِ الَّذِي فَارَقَ ، فَلَمَّا جَلَسُوا سَأَلْتُهُمْ : فِيمَ كُنْتُمْ ؟ ، قَالُوا : إِنَّا لَمَّا مِتْنَا وَفَارَقَتْنَا الْحَيَاةُ لَقِينَا مَلَكًا يُقَالُ لَهُ : مِيكَائِيلُ ، فَقَالَ : هَلُمُّوا أَعْمَالَكُمْ ، وَخُذُوا أُجُورَكُمْ ، كَذَلِكَ سُنَّتُنَا فِيكُمْ وَفِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَمِمَّنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ ، قَالَ : فَنَظَرَ فِي أَعْمَالِنَا فَوَجَدْنَا نَعْبُدُ الأَوْثَانَ ، فَسَلَّطَ الدُّودَ عَلَى أَجْسَادِنَا ، وَجعَلَتْ أَرْوَاحُنَا تَتَأَلَّمُ ، وَسَلَّطَ الْغَمَّ عَلَى أَرْوَاحِنَا ، وَجَعَلَتْ أَجْسَادُنَا تَأْلَمُهُ ، فَلَمْ نَزَلْ نُعَذَّبُ كَذَلِكَ حَتَّى دَعَوْتَنَا ، قَالَ : ثُمَّ احْتَمَلَنِي فَرَدَّنِي حَيْثُ كُنْتُ " .