ثُمَّ كَذَلِكَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبِ بْنِ خَالِدٍ الْبَاهِلِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلاءِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " وَجَدْتُ فِي التَّوْرَاةِ : كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ فِي تَغَيُّبِهِ عَنِ الْخَلْقِ ، وَلا يُقَالُ : كَيْفَ كَانَ ؟ وَأَيْنَ كَانَ ؟ وَحَيْثُ كَانَ لِمَنْ كَيَّفَ الْكَيْفَ ، وَحَيَّثَ الْحَيْثَ ، وَأَيَّنَ الأَيْنَ ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ خَلَقَ مِنَ الأَشْيَاءِ أَنْ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَرْشَهُ ، فَارْتَفَعَ الْعَرْشُ عَلَى مِقْدَارِ مَا أَرَادَ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ ، وَسَمَا بِالْعَظَمَةِ وَتَعَالَى ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ الْكُرْسِيَّ ، ثُمَّ اسْتَوَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعَرْشِ ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى سورة طه آية 5 وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ ، وَالْجَوَابُ فِيهِ بِدْعَةٌ ، وَالسُّؤَالُ فِيهِ تَكَلُّفٌ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ لَوْحًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ ، حَافَّتَاهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ ، عَرَضُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَطُولُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وِ الأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَ لِلْعَرْشِ : خُذِ اللَّوْحَ ، فَأَخَذَهُ ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : كُنْ ، فَكَوَّنَ الْقَلَمَ وَلَهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ سِنًّا ، بَيْنَ كُلِّ سِنٍّ بَحْرٌ مِنْ نُورٍ يَجْرِي ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ : اجْرِ فِي اللَّوْحِ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، بِمَ أَجْرِي ؟ ، قَالَ : اجْرِ بِعِلْمِي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فِي اللَّوْحِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي اللَّوْحِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً ، يُعِزُّ ذَلِيلا ، وَيُذِلُّ عَزِيزًا ، وَيَرْفَعُ وَضِيعًا ، وَيَضَعُ رَفِيعًا ، وَيُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا يَنَامُ ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، وَاضِعٌ يَمِينَهُ لِمُسِيءِ النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ ، وَلِمُسِيءِ اللَّيْلِ لِيَتُوبَ بِالنَّهَارِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، ثُمَّ قَالَ الْجَلِيلُ جَلَّ ذَكَرَهُ : كُنْ ، فَكَوَّنَ رِدَاءَ الْكِبْرِيَاءِ ، وَهُوَ مِمَّا يَلِي وَجْهَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ حِجَابَ الْعِزَّةِ ، وَتَحْتَهُ خَمْسُونَ أَلْفَ عَامٍ ، وَبَيْنَ حِجَابِ الْعِزَّةِ وَحِجَابِ الْكِبْرِيَاءِ خَمْسُونَ أَلْفَ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ حِجَابَ الْعَظَمَةِ ، وَتَحْتَهُ خَمْسُونَ أَلْفَ عَامٍ ، وَبَيْنَ حِجَابِ الْعَظَمَةِ وَحِجَابِ الْعِزَّةِ خَمْسُونَ أَلْفَ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ سَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ غَمَامٍ ، وَهِيَ حُجُبُ الْجَبَرُوتِ ، تَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ سَبْعُونَ أَلْفَ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ سَبْعُونَ أَلْفَ عَامٍ ، وَهِيَ الْحُجُبُ الَّتِي يَبْرُزَ فِيهَا الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْخَلِيقَةِ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ سورة البقرة آية 210 فِي غَيْرِ ظِلٍّ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ نَارٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ ثَلْجٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ دُرٍّ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ يَاقُوتٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ ذَهَبٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ عَشَرَةَ آلافِ حِجَابٍ مِنْ لُجَيْنٍ ، وَتَحْتَ كُلِّ حِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَحِجَابٍ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، فَاحْتَجَبَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ رَحْمَةً مِنْهُ لِلْخَلْقِ بِمِائَةِ أَلْفِ حِجَابٍ وَثَلاثَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ ، وَلَوْلا ذَلِكَ مَا أَدْرَكَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ هُنَالِكَ شَيْئًا إِلا أَحْرَقَهُ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ النَّارَ تَحْتَ الْعَرْشِ ، أَوَّلُهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ ، وَآخِرُهَا فِي إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، مُعَلَّقَةٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ كَوَّنَ النُّورَ تَحْتَ الْعَرْشِ ، أَوَّلُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ ، وَآخِرُهُ فِي إِرَادَتِهِ ، مُعَلَّقٌ بِقُدْرَتِهِ ، ثُمَّ كَوَّنَ الظُّلْمَةَ بَحْرًا تَحْتَ الْعَرْشِ ، أَوَّلُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ ، وَآخِرُهُ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مُعَلَّقٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ الْمَاءَ بَحْرًا تَحْتَ الْعَرْشِ ، أَوَّلُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ ، وَآخِرُهُ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مُعَلَّقٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ ، لَهُمُ الشَّعْرُ وَالْوَبَرُ حَوْلَ الْفَلَكِ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ الْجَوَّ وَكَوَّنَ مِنَ الْجَوِّ الْخَافِقَيْنِ ، وَكَوَّنَ مِنَ الْخَافِقَيْنِ النَّفْسَيْنِ ، وَكَوَّنَ مِنَ النَّفْسَيْنِ النُّورَ ، وَكَوَّنَ مِنَ النُّورِ الْهَوَى ، وَكَوَّنَ مِنَ الْهَوَى الضِّيَاءَ ، وَكَوَّنَ مِنَ الضِّيَاءِ الظُّلْمَةَ ، وَكَوَّنَ مِنَ الظُّلْمَةِ النُّورَ ، وَكَوَّنَ مِنَ النُّورِ الْمَاءَ ، وَخَلَقَ مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ، ثُمَّ قَالَ : كُنْ ، فَكَوَّنَ مَلَكَ الْفُرْقَانِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ : أَنْ خُذِ اللَّوْحَ ، فَتَرَبَّعَ وَاللَّوْحُ فِي حِجْرِهِ " .