حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، حَدَّثَنَا حَمْدُونُ بْنُ عَبَّادٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ لِدَاوُدَ صَدِيقٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ مُعْجَبًا بِهِ فَكَانَ مَجْلِسُهُ وَحَدِيثُهُ لِلرَّجُلِ حَتَّى غَبَطَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، قَالَ : فَلَمَّا مَاتَ دَاوُدُ ، وَوَلِيَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، قَالَ فِي نَفْسِهِ : مَنْ أَصْطَنِعُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مَجْلِسِي وَحَدِيثِي ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ أَنْ يُنَاجَى الَّذِي تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ دَاوُدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ . قَالَ : فَاتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ ، قَالَ : وَكَانَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَهِيبًا لا يُبْتَدَأُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُهُ عَنْهُ ، قَالَ : فَأَدْنَى مَجْلِسَ الشَّيْخِ حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي سَرِيرَهُ ، فَرُبَّمَا قَعَدَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى سَرِيرِهِ ، قَالَ : فَيُسْنِدُ الشَّيْخُ ظَهْرَهُ إِلَى سَرِيرِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، قَالَ : حَتَّى غَبَطَهُ جُنُودُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقِيلَ لَهُ : ادْخُلْ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً يَسْأَلُهُ عَنْ حَاجَتِهِ ، ثُمَّ لا يَبْرَحُ حَتَّى يَقْضِيَهَا لَهُ ، قَالَ : وَكَانَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِذَا قَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ ، وَأَذِنَ لِجُنُودِهِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ دَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَيَسْأَلُهُ كَيْفَ هُوَ ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ ، لَمْ يَبْرَحْ حَتَّى يَقْضِيَهَا لَهُ ، وَإِنْ قَالَ : لا ، انْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى الْغَدِ ، قَالَ : فَقَعَدَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمًا أَشَدَّ مَا كَانَ بِمُلْكِهِ ، قَالَ : وَقَعَدَ الشَّيْخُ إِلَيْهِ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى سَرِيرِ سُلَيْمَانَ ، وَأَذِنَ لِجُنُودِهِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ مِنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ وَسِوَاهُمْ فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى الشَّيْخِ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى سَرِيرِ سُلَيْمَانَ فَيَغْبِطُونَهُ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، فَقَامَ فَسَلَّمَ فَقَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ : كَيْفَ بَاتَ فِي لَيْلَتِهِ الْمَاضِيَةِ ؟ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَكَ حَاجَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لا ، قَالَ : وَلَحَظَ إِلَى الشَّيْخِ لَحْظَةً ، فَارْتَعَدَ الشَّيْخُ ، قَالَ : وَانْصَرَفَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُمْ ، قَالَ : فَوَثَبَ الشَّيْخُ عَلَى رِجْلَيْ سُلَيْمَانَ فَأَخَذَهُمَا ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُهُمَا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ كَانَ رَضِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوُدَ عَنِّي ؟ قَالَ : حَسَنٌ ، قَالَ : فَكَيْفَ رِضَاكَ عَنِّي ؟ قَالَ : حَسَنٌ ، قَالَ : فَإِنِّي أَسْأَلُكُ بِحَقِّ اللَّهِ أَنْ تَأْمُرَ الرِّيحَ فَتَحْمِلَنِي فَتَقْذِفَنِي بِأَقْصَى مَدَرَةٍ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ ، قَالَ : وَهُوَ يَرْتَعِدُ فِي ذَلِكَ . قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : هُوَ ذَلِكَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اللَّهِ إِلا مَا أَمَرْتَ الرِّيحَ فَتَحْمِلَنِي فَتُلْقِيَنِي بِأَقْصَى مَدَرَةٍ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ ، قَالَ : قَالَ سُلَيْمَانُ : نَعَمْ ، فَأَخْبِرْنِي لِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْكَ قَامَ فَسَلَّمَ ، ثُمَّ سَأَلَكَ كَيْفَ بِتَّ فِي لَيْلَتِكَ الْخَالِيَةِ ؟ لَحَظَ إِلَيَّ لَحْظَةً فَمَا تَمَالَكْتُ رِعْدَةً . فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ : هَلْ إِلا رَجُلٌ نَظَرَ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ . فَدَعَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ الرِّيحَ ، فَقَالَ : احْتَمِلِيهِ فَأَلْقِيهِ بِأَقْصَى مَدَرَةٍ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ ، فَاحْتَمَلَتْهُ فَصَعِدَتْ بِهِ ثُمَّ تَصَوَّبَتْ بِهِ فَأَلْقَتْهُ بِأَقْصَى مَدَرَةٍ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ ، قَالَ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ سورة ص آية 36 ، قَالَ : لَيْسَ بِاللَّيِّنَةِ وَلا بِالْعَاصِفَةِ وَسَطٌ ، غُدُوُّهَا شَهْرٌ ، وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ، فَإِذَا أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ مَا أَرَادَ ، فَظَلَّ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَهُ ذَلِكَ بِأَشَرِّ يَوْمٍ ، قَالَ : وَبَاتَ لَيْلَتَهُ بِأَشَدِّ لَيْلَةٍ حُزْنًا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ غَدَا قِبَلَ مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِيهِ ، وَأَذِنَ لِجُنُودِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، فَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ كَيْفَ بَاتَ فِي لَيْلَتِهِ الْمَاضِيَةِ , فَأَخْبَرَهُ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ : الْحَاجَةُ غَدَتْ بِي إِلَى هَذَا الْمَكَانِ فَذَهَبَ يُخْبِرُهُ رَضِيَ دَاوُدَ عَنِ الشَّيْخِ ، وَرِضَاهُ عَنْهُ ، وْاسْتِئْنَاسَهُ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : كَانَ مَا كَانَ بِهِ ، قَالَ : يَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ : حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا يَنْقَضِي عَجَبِي مِنْهُ ، هَبَطَ إِلَيَّ كِتَابُهُ أَمْسِ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَهُ غَدًا مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِأَقْصَى مَدَرَةٍ بِأَرْضِ الْهِنْدِ فَهَبَطْتُ بِهِ وَمَا أَحْسَبُهُ إِلا ثَمَّ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْكَ فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ مَعَكَ فَجَعَلْتُ أَتْعَبُ وَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مَا لِي هَمٌّ غَيْرُهُ فَهَبَطْتُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَوَجَدْتُهُ بِأَقْصَى مَدَرَةٍ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ يَنْتَفِضُ فَقَبَضْتُ رُوحَهُ ، وَتَرَكْتُ جَسَدَهُ هُنَاكَ " .