حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَصَاحِفِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرَاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " مَنَاكِبُ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ نَاشِبَةٌ فِي الْعَرْشِ ، وَمَا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ إِلَى أَطْرَافِ الرُّءُوسِ قَدْرُ غِلَظِ الْعَرْشِ ، وَهُوَ لا يُوصَفُ غِلَظًا ، وَلِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ وَجْهٌ أَمَامَهُ ، وَوَجْهٌ خَلْفَهُ ، وَوَجْهٌ عَنْ يَمِينِهِ ، وَوَجْهٌ عَنْ شِمَالِهِ ، وَمَا بَيْنَ الْوُجُوهِ إِلَى الأَقْدَامِ عُيُونٌ بِطَرَفِ الْجَسَدِ كُلِّهِ ، وَالأَقْدَامُ رَاسِيَةٌ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَيْءٍ دُونَ الْحَمَلَةِ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ ، وَالْحَمَلَةُ وَرَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ يَدُورُونَ حَوْلَ الْعَرْشِ مُذْ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَرْشَ إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ لِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ يَرِفُّ بِاثْنَيْنِ ، وَيُسَبِّحُ بِاثْنَيْنِ ، وَيُخَمِّرُ وَجْهَهُ بِاثْنَيْنِ مِنْ لَهَبِ النُّورِ ، وَهُمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ قُدُّوسٌ ، اللَّهُ الَّذِي مَلأَتْ عَظَمَتُهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لا يَسْأَمُونَ ، وَلا يَفْتُرُونَ ، وَيَذْكُرُونَهُ ، وَيُعَظِّمُونَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ لا يَدْرُونَ مَا قُرْبُهُمْ مِنَ اللَّهِ ، وَلا بُعْدُهُمْ مِنْهُ يَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ قُدُّوسٌ أَنْتَ بِكُلِّ مَكَانٍ أَيْنَمَا كُنْتَ ، وَحَيْثُمَا كُنْتَ وَبَيْنَ مَلائِكَةِ حَمَلَةِ الْكُرْسِيِّ ، وَبَيْنَ حَمَلَةِ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ ظُلْمَةٍ ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنَ النُّورِ غِلَظُ كُلِّ حِجَابٍ مِنْهَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ الْحِجَابِ إِلَى الْحِجَابِ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ ، وَلَوْلا تِلْكَ الْحُجُبُ لاحْتَرَقَتْ مَلائِكَةُ الْكُرْسِيِّ مِنْ نُورِ مَلائِكَةِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ، فَكَيْفَ بِنُورِ الرَّبِّ الَّذِي لا يُوصَفُ ، وَلا يُدْرَى مَا كُنْهُهُ ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ الْيَوْمَ أَرْبَعَةُ أَمْلاكٍ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُيِّدُوا بِأَرْبَعَةٍ آخَرِينَ ، فَكَانُوا ثَمَانِيَةً ، مَلَكٌ مِنْهُمْ فِي صُورَةِ إِنْسَانٍ يَشْفَعُ لِبَنِي آدَمَ فِي أَرْزَاقِهِمْ ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ النَّسْرِ يَشْفَعُ لِلطَّيْرِ فِي أَرْزَاقِهَا وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ يَشْفَعُ للِسِّبَاعِ فِي أَرْزَاقِهَا ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ يَشْفَعُ لِلْبَهَائِمِ فِي أَرْزَاقِهَا ، وَلِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ وَجْهُ إِنْسَانٍ وَوَجْهُ نَسْرٍ وَوَجْهُ ثَوْرٍ ، وَوَجْهُ أَسَدٍ ، وَذَكَرَ وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ طُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَسِيرَةُ مِائَتَيْ أَلْفِ سَنَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَإِنَّ قَدْرَ مَوْضِعِ قَدَمِ أَحَدِهِمْ مَسِيرَةُ سَبْعَةِ آلافِ سَنَةٍ ، وَلَهُمْ وُجُوهٌ ، وَعُيُونٌ مَا لا يَعْلَمُ عِدَّتَهَا إِلا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَلَمَّا حَمَلُوا الْعَرْشَ وَقَعُوا عَلَى رُكَبِهِمْ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلُقِّنُوا : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ، فَاسْتَوَوْا قِيَامًا عَلَى أَرْجُلِهِمْ ، وَإِنَّ قَدَمَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَافِذَةٌ تَحْتَ الأَرَضِينَ السُّفْلَى مِقْدَارَ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ عَلَى الرِّيحِ ، يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيُعَظِّمُونَهُ ، وَيُسَبِّحُونَهُ ، وَيُمَجِّدُونَهُ لا يَفْتُرُونَ ، يَقُولُونَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الرَّفِيعِ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ " .