ذكر عظمة الله عز وجل


تفسير

رقم الحديث : 550

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، أَسَمِعْتُ بِالْعَجَبِ مِنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، يَذْكُرُ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ؟ قَالَ : وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، مُتَّكِئًا فَاحْتَفَزَ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا ذَلِكَ ؟ قَالَ : زَعَمَ أَنَّهُ يُجَاءُ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، كَأَنَّهُمَا ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فَيُقْذَفَانِ فِي النَّارِ ، قَالَ : عِكْرِمَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : فَطَارَتْ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، شَظِيَّةٌ ، وَوَقَعَتْ أُخْرَى غَضَبًا ، ثُمَّ قَالَ : كَذَبَ كَعْبٌ ثَلاثًا ، هَذِهِ يَهُودِيَّةٌ يُرِيدُ إِدْخَالَهَا فِي الإِسْلامِ ، جَلَّ وَعَزَّ أَجَلُّ وَأَكْرَمُ أَنْ يُعَذِّبَ عَلَى طَاعَتِهِ ، أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ سورة إبراهيم آية 33 : يَعْنِي دُءُوبَهُمَا فِي طَاعَتِهِ ، فَكَيْفَ يُعَذِّبُ عَبْدَيْنِ أَثْنَى عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا دَائِبَانِ فِي طَاعَتِهِ ؟ قَاتَلَ اللَّهُ هَذَا الْحَبْرَ ، وَقَبَّحَ حَبْرِيَّتَهُ ، مَا أَجْرَأَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَعْظَمَ فِرْيَتَهُ عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ الْمُطِيعَيْنِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ مِرَارًا ، ثُمَّ أَخَذَ عُوَيْدًا فَجَعَلَ يَنْكِتُهُ فِي الأَرْضِ ، فَظَلَّ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَمَى بِالْعُودِ ، ثُمَّ قَالَ : أَلا أُحَدِّثُكُمْ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَبَدْءِ خَلْقِهِمَا وَمَصِيرِ أَمْرِهِمَا ؟ ، قَالَ : قُلْنَا : نَعَمْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَبْرَمَ خَلْقَهُ إِحْكَامًا ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرُ آدَمَ خَلَقَ شَمْسَيْنِ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ ، فَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنْ يَدَعَهَا شَمْسًا ، فَإِنَّهُ خَلَقَهَا مِثْلَ الدُّنْيَا ، مَا بَيْنَ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا ، وَمَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنْ يَطْمِسَهَا وَيُحَوِّلَهَا قَمَرًا ، فَإِنَّهُ خَلَقَهَا دُونَ الشَّمْسِ فِي الْعِظَمِ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يُرَى صِغَرُهَا مِنْ شِدَّةِ ارْتِفَاعِهَا فِي السَّمَاءِ وَبُعْدِهَا مِنَ الأَرْضِ ، فَلَوْ تَرَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كَمَا كَانَ خَلَقَهُمَا فِي بَدْءِ الأَمْرِ ، لَمْ يُعْرَفِ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ ، وَلا النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ ، وَكَانَ لا يَدْرِي الأَجِيرُ مَتَى يَعْمَلُ ، وَمَتَى يَأْخُذُ أَجْرَهُ ، وَلا يَدْرِي الصَّائِمُ إِلَى مَتَى يَصُومُ ، وَمَتَى يُفْطِرُ ، وَلا تَدْرِي الْمَرْأَةُ مَتَى تَعْتَدُّ ، وَلا يَدْرِي الْمُسْلِمُونَ مَتَى وَقْتُ صَلاتِهِمْ ، وَلا مَتَى وَقْتُ حَجِّهِمْ ، وَلا يَدْرِي الْمِدْيَانُ مَتَى حَلَّ دَيْنُهُمْ ، وَلا يَدْرِي النَّاسُ مَتَى يَزْرَعُونَ لِمَعَايِشِهِمْ ، وَمَتَى يَسْكُنُونَ لِرَاحَةِ أَجْسَادِهِمْ ، فَكَانَ الرَّبُّ جَلَّ جَلالُهُ أَنْظَرَ لِعِبَادِهِ وَأَرْحَمَ بِهِمْ ، فَأَرْسَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَأَمَرَ بِجَنَاحِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَمَرِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَمْسٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَطَمَسَ عَنْهُ الضَّوْءَ ، وَبَقِيَ فِيهِ النُّورُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ سورة الإسراء آية 12 الآيَةَ ، فَالسَّوَادُ الَّذِي تَرَوْنَهُ فِي الْقَمَرِ شِبْهُ الْخُطُوطِ فِيهِ فَهُوَ أَثَرُ الْمَحْوِ ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلشَّمْسِ عَجَلَةً مِنْ ضَوْءِ نُورِ الْعَرْشِ لَهَا ثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ عُرْوَةً ، وَوَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالشَّمْسِ ، وَعَجَلَتِهَا ثَلاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ مِنْ أَهْلِ سَمَاءِ الدُّنْيَا ، قَدْ تَعَلَّقَ كُلُّ مَلَكٍ مِنْهُمْ بِعُرْوَةٍ مِنْ تِلْكَ الْعُرَى ، وَوَكَّلَ الْقَمَرَ وَعَجَلَتَهُ ثَلاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ مِنْ أَهْلِ سَمَاءِ الدُّنْيَا ، قَدْ تَعَلَّقَ بِكَلِّ عُرْوَةٍ مِنْ تِلْكَ الْعُرَى مَلَكٌ مِنْهُمْ ، وَخَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَشَارِقَ وَمَغَارِبَ فِي قُطْرَيِ الأَرْضِ وَكَنَفَيِ السَّمَاءِ ثَمَانِينَ وَمِائَةَ عَيْنٍ فِي الْمَشْرِقِ طِينَةً سَوْدَاءَ ، وَثَمَانِينَ وَمِائَةَ عَيْنٍ فِي الْمَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ طِينَةً سَوْدَاءَ ، تَفُورُ غَلْيًا كَغَلْيِ الْقِدْرِ ، إِذَا مَا اشْتَدَّ غَلَيَانُهَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ سورة الكهف آية 86 ، وَإِنَّمَا يَعْنِي حَمْأَةً سَوْدَاءَ مِنْ طِينٍ ، وَكُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَهَا مَطْلَعٌ جَدِيدٌ ، وَمَغْرِبٌ جَدِيدٌ ، مَا بَيْنَ أَوَّلِهَا مَطْلَعًا ، وَأَوَّلِهَا مَغْرِبًا أَطْوَلُ مَا يَكُونُ النَّهَارُ فِي الصَّيْفِ ، وَآخِرُهَا مَطْلَعًا وَمَغْرَبًا أَقْصَرُ مَا يَكُونُ النَّهَارُ فِي الشِّتَاءِ ، فَلِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ سورة الرحمن آية 17 : يَعْنِي آخِرَهَا هَهُنَا ، وَآخِرَهَا هَهُنَا ، وَتَرَكَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْمَغَارِبِ وَالْمَشَارِقِ ، ثُمَّ جَمَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ سورة المعارج آية 40 ، فَذَلِكَ عِدَّةُ تِلْكَ الْعُيُونِ كُلِّهَا ، وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَحْرًا دُونَ السَّمَاءِ بِمِقْدَارِ ثَلاثِ فَرَاسِخَ ، فَهُوَ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ قَائِمٌ فِي الْهَوَاءِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لا يَقْطُرُ مِنْهُ قَطْرَةٌ ، وَالْبُحُورُ كُلُّهَا سَاكِنَةٌ ، وَذَلِكَ الْبَحْرُ جَارٍ فِي سُرْعَةِ السَّهْمِ ، ثُمَّ انْطِبَاقُهُ فِي الْهَوَاءِ مُسْتَوٍ كَأَنَّهُ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، فَتَجْرِي الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْخُنَّسُ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ سورة الأنبياء آية 33 ، وَالْفَلَكُ دَوَرَانُ الْعَجَلَةِ فِي لُجَّةِ غَمْرِ ذَلِكَ الْبَحْرِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدَتِ الشَّمْسُ مِنْ دُونِ ذَلِكَ الْبَحْرِ ، لأَحْرَقَتْ كُلَّ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ حَتَّى الصُّخُورَ وَالْحِجَارَةَ ، وَلَوْ بَدَا الْقَمَرُ مِنْ دُونِ ذَلِكَ الْبَحْرِ لافْتُتِنَ بِهِ أَهْلُ الأَرْضِ حَتَّى يَعْبُدُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَعْصِمَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ مَجْرَى الْخُنَّسِ مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْخُنَّسِ فِي الْقُرْآنِ إِلَى مَا كَانَ مِنْ ذِكْرِكَ الْيَوْمَ ، فَمَا الْخُنَّسُ ؟ فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : " هُنَّ خَمْسُ كَوَاكِبَ : الْبِرْجِيسُ ، وَزُحَلُ ، وَعَطَارِدٌ ، وَهْرَامُ ، وَالزُّهَرَةُ ، فَهَذِهِ الْكَوَاكِبُ الْخَمْسُ الطَّالِعَاتُ الْجَارِيَاتُ مِثْلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي الْفَلَكِ ، الْغَارِبَاتُ مَعَهَا ، فَأَمَّا سَائِرُ الْكَوَاكِبِ كُلُّهَا فَمُعَلَّقَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ كَتَعْلِيقِ الْقَنَادِيلِ فِي الْمَسَاجِدِ ، فَهُنَّ يَدُرْنَ مَعَ السَّمَاءِ دَوَرَانًا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ وَالصَّلاةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَسْتَبِينُوا ذَلِكَ ، فَانْظُرُوا إِلَى دَوَرَانِ الْفَلَكِ هَا هُنَا مَرَّةً وَهَاهُنَا مَرَّةً ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَبِينُوا ذَلِكَ فَالْمَجَرَّةُ وَبَيَاضُهَا مَرَّةً هَا هُنَا وَمَرَّةً هَا هُنَا ، فَذَلِكَ دَوَرَانُ السَّمَاءِ وَدَوَرَانُ الْكَوَاكِبِ مَعَهُمَا كُلُّهَا سِوَى هَذِهِ الْخُنَّسِ ، وَدَوَرَانُهَا الْيَوْمَ كَمَا تَرَوْنَهَا ، وَفَلَكُ صَلاتِهَا ، وَدَوَرَانُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي سُرْعَةِ دَوَرَانِ الرَّحَى مِنْ أَهْوَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزَلازِلِهِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا سورة الطور آية 9 ، وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا { 10 } فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ سورة الطور آية 10-11 ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْعُيُونِ عَلَى عَجَلَتِهَا وَمَعَهَا ثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ مَلَكًا نَاشِرُو أَجْنِحَتِهِمْ فِي الْفَلَكِ ، يَجُرُّونَهَا فِي الْفَلَكِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَدْرِ سَاعَاتِ النَّهَارِ ، وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ ، مَا بَيْنَ الطِّوَالِ وَالْقِصَارِ فِي الشِّتَاءِ كَانَ ذَلِكَ أَوِ الصَّيْفِ ، أَوْ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْخَرِيفِ وَالرَّبِيعِ ، فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَيُرِيَ الْعِبَادَ آيَةً مِنَ الآيَاتِ يَسْتَعْتِبُهُمْ رُجُوعًا ، عَنْ مَعَاصِيهِ ، وَإِقْبَالا عَلَى طَاعَتِهِ ، خَرَّتِ الشَّمْسُ ، عَنِ الْعَجَلَةِ فَتَقَعُ فِي غَمْرِ ذَاكَ الْبَحْرِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَظِّمَ الآيَةَ ، وَيَشْتَدَّ تَخْوِيفُ الْعِبَادِ وَقَعَتِ الشَّمْسُ كُلُّهَا ، فَلا يَبْقَى عَلَى الْعَجَلَةِ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَذَلِكَ حِينَ يُظْلِمُ النَّهَارُ وَتَبْدُو النُّجُومُ ، وَذَلِكَ الْمُنْتَهَى مِنْ كُسُوفِهَا ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ آيَةً دُونَ آيَةٍ ، وَقَعَ النِّصْفُ مِنْهَا أَوِ الثُّلُثُ أَوِ الثُّلُثَانِ فِي الْمَاءِ ، وَيَبْقَى سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى الْعَجَلَةِ ، فَهُوَ كُسُوفٌ دُونَ كُسُوفٍ ، وَبَلاءُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَتَخْوِيفُ الْعِبَادِ ، وَاسْتِعْتَابُ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، أَيُّ ذَلِكَ كَانَ صَارَتِ الْمَلائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِعَجَلَتِهَا فِرْقَتَيْنِ : فِرْقٌ مِنْهَا يُقْبِلُونَ إِلَى الْعَجَلَةِ فَيَجُرُّونَهَا إِلَى الشَّمْسِ ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَقُودُونَهَا فِي الْفَلَكِ عَلَى مَقَادِيرِ سَاعَاتِ النَّهَارِ ، أَوْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ لَيْلا كَانَ أَوْ نَهَارًا ، لِئَلا يَزِيدَ فِي طُولِهَا شَيْءٌ وَقَدْ أَلْهَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ ، وَجَعَلَ لَهُمْ تِلْكَ الْقُوَّةَ ، وَالَّذِي تَرَوْنَ مِنْ خُرُوجِ الشَّمْسِ بَعْدَ الْكُسُوفِ قَلِيلا قَلِيلا مِنْ ذَلِكَ السَّوَادِ الَّذِي يَعْلُوهَا ، هُوَ غَمْرُ مَاءِ ذَلِكَ الْبَحْرِ ، فَإِذَا أَخْرَجُوهَا كُلَّهَا اجْتَمَعَتِ الْمَلائِكَةُ كُلُّهَا ، فَاحْتَمَلُوهَا حَتَّى يَضَعُوهَا عَلَى الْعَجَلَةِ ، وَذَلِكَ حِينَ يَتَجَلَّى لِلْعَالِمِ ، ثُمَّ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا قَوَّاهُمْ كَذَلِكَ ، وَيَتَعَلَّقُونَ بِعُرَى الْعَجَلَةِ وَيَجُرُّونَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي لُجَّةِ ذَلِكَ الْبَحْرِ حَتَّى إِذَا مَا بَلَّغُوهَا الْمَغَارِبَ ادْخَلُوهَا تِلْكَ الْعَيْنَ ، وَتَسْقُطُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ فِي الْعَيْنِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَعَجِبْتُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَا بَيَّنَ مِنَ الْقُدْرَةِ ، فِيمَا لَمْ يَخْلُقْ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْجَبُ ، فَذَلِكَ قَوْلُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِسَارَةَ : أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ مَدِينَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا بِالْمَشْرِقِ ، وَالأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ ، عَلَى كُلِّ مَدِينَةٍ مِنْهَا عَشَرَةُ آلافِ بَابٍ ، مَا بَيْنَ كُلِّ بَابَيْنِ فَرْسَخٌ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الَّتِي بِالْمَشْرِقِ مِنْ بَقَايَا عَادٍ ، مِنْ نَسْلِ مُؤْمِنِيهِمُ الَّذِينَ كَانُوا آمَنُوا بِهُودٍ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الَّتِي بِالْمَغْرِبِ مِنْ بَقَايَا ثَمُودٍ ، مِنْ نَسْلِ مُؤْمِنِيهِمُ الَّذِينَ كَانُوا آمَنُوا بِصَالِحٍ ، وَاسْمُ الْمَدِينَةِ الَّتِي بِالْمَشْرِقِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ بِرِقْبِيسَا ، وَبِالْعَرَبِيَّةِ : جَابَلْقُ ، وَاسْمُ الْمَدِينَةِ الَّتِي بِالْمَغْرِبِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ : بِرْجِيسَا ، وَبِالْعَرَبِيَّةِ : جَابَرْسُ يَنُوبُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا عَشَرَةُ آلافِ أَلْفِ رَجُلٍ فِي الْحِرَاسَةِ ، عَلَيْهِمُ السِّلاحُ ، وَمَعَهُمُ الْكُرَاعُ ، ثُمَّ لا تَنُوبُهُمْ تِلْكَ الْحِرَاسَةُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْلا كَثْرَةُ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ وَضَجِيجُ أَصْوَاتِهِمْ لَسَمِعَ النَّاسُ جَمِيعَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَقْعَ هَذِهِ الشَّمْسِ حِينَ تَطْلُعُ ، وَحِينَ تَغْرُبُ ، وَمِنْ وَرَائِهِمْ ثَلاثُ أُمَمٍ : مَنْسكُ ، وَتَأْوِيلُ ، وَتَارِيشُ ، وَمِنْ دُونِهِمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ انْطَلَقَ بِي إِلَيْهِمْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ، فَدَعَوْتُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُونِي ، وَهُمْ فِي النَّارِ مَعَ مَنْ عَصَى اللَّهَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَوَلَدِ إِبْلِيسَ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى هَاتَيْنِ الْمَدِينَتَيْنِ ، فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ ، فَأَجَابُوا وَأَنَابُوا ، فَهُمْ إِخْوَانُنَا فِي الدِّينِ ، مَنْ أَحْسَنَ مِنْهُمْ فَهُوَ مَعَ مُحْسِنِكُمْ ، وَمَنْ أَسَاءَ مِنْهُمْ فَهُوَ مَعَ الْمُسِيءِ مِنْكُمْ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الأُمَمِ الثَّلاثِ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، فَأَبَوْا عَلِيَّ ذَلِكَ ، وَأَنْكَرُوا مَعَ مَا أَدْعُوَهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ فَكَفَرُوا بِاللَّهِ ، وَكَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَهُمْ مَعَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَسَائِرِ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي النَّارِ ، فَإِذَا مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دُفِعَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فِي سُرْعَةِ طَيْرَانِ الْمَلائِكَةِ ، وَتُحْبَسُ تَحْتَ الْعَرْشِ ، فَتَسْتَأْذِنُ مِنْ أَيْنَ تُؤْمَرُ بِالطُّلُوعِ ، أَمِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ مِنْ مَطْلِعِهَا ؟ فَتُكْسَى ضَوْءَهَا ، فَإِذَا كَانَ الْقَمَرُ فَنُورُهُ عَلَى مَقَادِيرِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، ثُمَّ يُنْطَلَقُ بِهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا ، وَبَيْنَ أَسْفَلِ دَرَجَاتِ الْجِنَانِ فِي سُرْعَةِ طَيْرَانِ الْمَلائِكَةِ ، فَتَنْحَدِرُ حِيَالَ الْمَشْرِقِ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، فَإِذَا مَا وَصَلَتْ إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ ، فَذَلِكَ حِينَ يَنْفَجِرُ الصُّبْحُ ، فَإِذَا انْحَدَرَتْ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْعُيُونِ ، فَذَلِكَ حِينَ يُضِيءُ الصُّبْحُ ، فَإِذَا وَصَلَتْ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنَ السَّمَاءِ ، فَذَلِكَ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ ، كَذَلِكَ مَطْلِعُهَا وَمَغْرِبُهَا ، بَيْنَ أَوَّلِهَا عَيْنًا إِلَى آخِرِهَا عَيْنًا فِي الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ ، فَذَلِكَ تَمَامُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ إِذَا رَجَعَتْ كَذَلِكَ مِنْ عَيْنٍ إِلَى عَيْنٍ فِي الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ إِلَى آخِرِهَا عَيْنًا ، فَذَلِكَ تَمَامُ السَّنَةِ بِعِدَّةِ أَيَّامِهَا وَلَيَالِيهَا ثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ لَيْلَةً ، وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ الْمَشْرِقِ حِجَابًا مِنَ الظُّلْمَةِ ، فَوَضَعَهَا عَلَى الْبَحْرِ السَّابِعِ مِقْدَارَ عِدَّةِ اللَّيَالِي فِي الدُّنْيَا ، مُنْذُ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدُّنْيَا إِلَى يَوْمِ تُصْرَمُ ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَقْبَلَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ قَدْ وُكِّلَ بِاللَّيْلِ ، فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ ظُلْمَةِ ذَلِكَ الْحِجَابِ ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْمَغْرِبَ ، فَلا يَزَالُ يُرْسِلُ تِلْكَ الظُّلْمَةَ مِنْ خَلَلِ أَصَابِعِهِ قَلِيلا قَلِيلا ، وَهُوَ يُرَاعِي الشَّفَقَ ، فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ أَرْسَلَ الظُّلْمَةَ كُلَّهَا ، ثُمَّ يَنْشُرُ جَنَاحَيْهِ ، فَيَبْلُغَانِ قَطَرِيِ الأَرْضِ وَكَنَفَيِ السَّمَاءِ ، وَيَجُوزَانِ مَا شَاءَ اللَّهُ خَارِجًا فِي الْهَوَاءِ ، فَيَسُوقُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ بِجَنَاحَيْهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَغْرِبَ عَلَى قَدْرِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ ، فَإِذَا بَلَغَ الْمَغْرِبَ انْفَجَرَ الصُّبْحُ مِنَ الْمَشْرِقِ ، وَضَمَّ جَنَاحَيْهِ ، ثُمَّ يَضُمُّ الظُّلْمَةَ كُلَّهَا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ بِكَفَّيْهِ ، ثُمَّ يَقْبِضُ عَلَيْهَا بِكَفٍّ وَاحِدٍ نَحْوَ قَبْضَةٍ إِذْ تَنَاوَلَهَا مِنَ الْحِجَابِ بِالْمَشْرِقِ ، ثُمَّ يَضَعُهَا عِنْدَ الْمَغْرِبِ عَلَى الْبَحْرِ السَّابِعِ ، فَمِنْ هُنَالِكَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَإِذَا مَا نُقِلَ ذَلِكَ الْحِجَابُ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ نُفِخَ فِي الصُّورِ ، وَانْقَضَتِ الدُّنْيَا ، فَضَوْءُ النَّهَارِ مِنْ قِبَلِ الشَّمْسِ ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الْحِجَابِ ، فَلا تَزَالُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ عَنْ مَطْلِعِهَا إِلَى مَغْرِبِهَا إِلَى ارْتِفَاعِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الَّتِي تَحْبِسُهَا تَحْتَ الْعَرْشِ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَّتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ لِلْعِبَادِ ، وَتَكْثُرُ الْمَعَاصِي فِي الأَرْضِ ، وَيَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ وَلا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدٌ ، وَيَفْشُو الْمُنْكَرُ ، وَلا يَنْهَى عَنْهُ أَحَدٌ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حُبِسَتِ الشَّمْسُ بِمِقْدَارِ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ ، كُلَّمَا سَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ مِنْ أَيْنَ تَطْلُعُ لَمْ يُحَرْ إِلَيْهَا جَوَابٌ حَتَّى يُوَافِقَهَا الْقَمَرُ فَيَسْجُدُ مَعَهَا ، وَيَسْتَأْذِنُ مِنْ أَيْنَ يَطْلُعُ ، فَلا يُحَارُ إِلَيْهِ جَوَّابٌ حَتَّى يَحْبِسَهَا مِقْدَارَ ثَلاثِ لَيَالٍ الشَّمْسُ وَلَيْلَتَيْنِ الْقَمَرَ ، فَلا يَعْرِفُ طُولُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلا الْمُتَهَجِّدُونَ فِي الأَرْضِ ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ ، فِي هَوَانٍ مِنَ النَّاسِ وَذِلَّةٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَيَنَامُ أَحَدُهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ قَدْرَ مَا كَانَ يَنَامُ فِيهَا مِنَ اللَّيَالِي ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ ، فَيَدْخُلُ مُصَلاهُ ، فَيُصَلِّي وِرْدَهُ ، فَلا يُصْبِحُ نَحْوَ مَا كَانَ يُصْبِحُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَيُنْكِرُ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا هُوَ لَيْلٌ مَكَانَهُ ، وَالنُّجُومُ قَدِ اسْتَدَارَتْ مَعَ السَّمَاءِ ، فَصَارَتْ إِلَى أَمَاكِنِهَا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ، فَيُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَظُنُّ فِيهِ الظُّنُونَ فَيَقُولُ : خَفَّفْتُ قِرَاءَتِي ؟ أَمْ قَصَّرْتُ صَلاتِي ؟ أَمْ قُمْتُ قَبْلَ حِينٍ ؟ . قَالَ : ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَعُودُ إِلَى مُصَلاهُ ، فَيُصَلِّي نَحْوًا مِنْ صَلاتِهِ لَيْلَتَهُ الثَّانِيَةَ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلا يَرَى الصُّبْحَ ، فَيَخْرُجُ أَيْضًا فَإِذَا هُوَ بِاللَّيْلِ مَكَانَهُ ، فَيَزِيدُ ذَلِكَ إِنْكَارًا وَيُخَالِطُهُ الْخَوْفُ ، وَيَظُنُّ فِي ذَلِكَ الظُّنُونَ مِنَ الشَّرِّ ، ثُمَّ يَقُولُ : لَعَلِّي قَصَّرْتُ صَلاتِي أَوْ خَفَّفْتُ قِرَاءَتِي ، وَقُمْتُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ يَعُودُ وَهُوَ وَجِلٌ مُشْفِقٌ خَائِفٌ ، لِمَا يَتَوَقَّعُ مِنْ هَوْلِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، فَيُصَلِّي أَيْضًا مِثْلَ وِرْدِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلا يَرَى الصُّبْحَ ، فَيَخْرُجُ الثَّالِثَةَ فَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا هُوَ بِالنُّجُومِ قَدِ اسْتَدَارَتْ مَعَ السَّمَاءِ فَصَارَتْ عِنْدَ أَوَّلِ اللَّيْلِ ، فَيُشْفِقُ عِنْدَ ذَلِكَ شَفَقَةَ الْمُؤْمِنِ الْعَارِفِ لِمَا كَانَ يَحْذَرُ فَيَسْتَخِفُّهُ الْحُزْنُ وَتَسْتَخِفُّهُ النَّدَامَةُ ، ثُمَّ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ يَتَعَارَفُونَ وَيَتَوَاصَلُونَ ، فَيَجْتَمِعُ الْمُتَهَجِّدُونَ أَوِ الْمُجْتَهِدُونَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ بَلْدَةٍ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِهِمْ ، وَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْبُكَاءِ وَالصُّرَاخِ بَقِيَّةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، فَإِذَا مَا تَمَّ لَهُمَا مِقْدَارُ ثَلاثِ لَيَالٍ ، أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمَا جِبْرِيلَ ، فَيَقُولُ : إِنَّ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إِلَى مَغَارِبِكُمَا ، فَتَطْلُعَا مِنْهُ ، وَأَنَّهُ لا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا وَلا نُورٌ . قَالَ : فَيَبْكِيَانِ عِنْدَ ذَلِكَ وَجِلا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَخَوْفَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بُكَاءً يَسْمَعُهُ أَهْلُ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَنْ دُونَهُمَا ، وَأَهْلُ سُرَادُقَاتِ الْعَرْشِ ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْ فَوْقِهَا ، فَيَبْكُونَ جَمِيعًا لِبُكَائِهِمَا مَعَ مَا يُخَالِطُهُمْ مِنْ خَوْفِ الْمَوْتِ ، وَخَوْفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَتَرْجِعُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَيَ طْلُعَانِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا ، وَبَيْنَمَا الْمُتَهَجِّدُونَ يَبْكُونَ وَيَصْرُخُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْغَافِلُونَ فِي غَفْلَتِهِمْ ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ : أَلا إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَدْ طَلَعَا مِنَ الْمَغْرِبِ ، فَيَنْظُرُ النَّاسُ فَإِذَا هُمْ بِهِمَا أَسْوَدَانِ لا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلا نُورَ لِلْقَمَرِ ، مِثْلُهُمَا فِي كُسُوفِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ سورة القيامة آية 9 ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ سورة التكوير آية 1 ، فَيَرْتَفِعَانِ كَذَلِكَ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ الْقَرَنِيَّيْنِ ، يُنَازِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ اسْتِبَاقًا ، وَيَتَصَارَخُ أَهْلُ الدُّنْيَا ، وَتَذْهَلُ الأُمَّهَاتُ عَنْ أَوْلادِهِنَّ ، وَالأَجِنَّةُ عَنْ ثَمَرَاتِ قُلُوبِهِمْ ، وَتَشْتَغِلُ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا أَتَاهَا ، فَأَمَّا الصَّالِحُونَ وَالأَبْرَارُ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُمْ بُكَاؤُهُمْ يَوْمَئِذٍ ، وَيُكْتَبُ لَهُمْ عُبَادَةٌ ، وَأَمَّا الْفَاسِقُونَ وَالْفُجَّارُ فَلا يَنْفَعُهُمْ بُكَاؤُهُمْ يَوْمَئِذٍ ، وَيُكْتَبُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ سُرَّةَ السَّمَاءِ ، وَهُوَ مُنْتَصَفُهَا ، جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا ، فَرَدَّهُمَا إِلَى الْمَغْرِبِ ، فَلا يُغْرِبُهُمَا مِنْ مَغَارِبِهِمَا مِنْ تِلْكَ الْعُيُونِ ، وَلَكِنْ يُغْرِبُهُمَا مِنْ بَابِ التَّوْبَةِ " . قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا بَابُ التَّوْبَةِ ؟ قَالَ : يَا عُمَرُ خَلَقَ اللَّهُ بَابَ التَّوْبَةِ خَلْفَ الْمَغْرِبِ لَهُ مِصْرَاعَانِ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلانِ بِالدُّرِ وَالْجَوْهَرِ ، مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعِ إِلَى الْمِصْرَاعِ الأَخِيرِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ ، فَذَلِكَ بَابٌ مَفْتُوحٌ مُذْ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقَهُ إِلَى صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا ، فَلَمْ يَتُبْ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَوْبَةً نَصُوحًا مُذْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ ، إِلا وَلَجَتْ تِلْكَ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ ، تَمَّ تَرْتَفِعُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ ؟ قَالَ : أَنْ يَنْدَمَ الْمُذْنِبُ عَلَى الذَّنْبِ الَّذِي أَصَابَ فَيَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ لا يَعُودُ إِلَيْهِ كَمَا لا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ . قَالَ : فَيَغَرُّ بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فِي ذَلِكَ الْبَابِ ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ ، فَيَلْتَئِمُ مَا بَيْنَهُمَا صَدْعٌ قَطُّ ، فَإِذَا أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِعَبْدٍ عِنْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ ، وَلا تَنْفَعُهُ حَسَنَةٌ يَعْمَلُهَا فِي الإِسْلامِ ، إِلا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا ، فَإِنَّهُ يَجْرِي لَهُ وَعَلَيْهِ مَا كَانَ يَجْرِي قَبْلَ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ سورة الأنعام آية 158 الآيَةَ . قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا وَأَهْلِي فِدَاكَ ، فَكَيْفَ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يَوْمَئِذٍ ، وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ ؟ وَكَيْفَ بِالنَّاسِ وَالدُّنْيَا ؟ قَالَ : يَا أُبَيُّ ، فَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكْسَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ النُّورَ وَالضَّوءَ ، وَيَطْلُعَانِ عَلَى النَّاسِ وَيَغْرُبَانِ كَمَا كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَأَمَّا النَّاسُ فَإِنَّهُمْ رَأَوْا مَا رَأَوْا مِنْ فَظَاعَةِ تِلْكَ الآيَةِ وَعِظَمِهَا ، فَيُلِحُّونَ عَلَى الدُّنْيَا حَتَّى يُجْرُوا فِيهَا الأَنْهَارَ ، وَيَغْرِسُونَ النَّبْتَ ، وَيَبْنُونَ الْبُنْيَانَ ، وَأَمَّا الدُّنْيَا لَوْ نَتَجَ فِيهَا رَجُلٌ مُهْرًا لَمْ يَرْكَبْهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ . قَالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ، فَكَيْفَ هُمْ عِنْدَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا حُذَيْفَةُ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ لَيَنْفَخَنَّ فِي الصُّورِ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ يَلِطُ حَوْضَهُ ، فَلا يُسْرِعُ فِيهِ الْمَاءُ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ قَدِ انْصَرَفَ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ مِنْ تَحْتِهَا فَلا يَشْرَبْهُ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَالثَّوْبُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَلا يَطْوِيَانِهِ وَلا يَتَبَايَعَانِهِ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ قَدْ رَفَعَ لُقْمَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلا يَطْعَمُهَا ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ سورة العنكبوت آية 53 ، فَإِذَا قَامَتِ الْقِيَامَةُ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ النَّاسِ ، وَمَيَّزَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَلَمْ يَدْخُلُوهَا بَعْدَ إِذْ يَدْعُو الرَّبُّ جَلَّ جَلالُهُ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، فَيُجَاءُ بِهِمَا أَسْوَدَيْنِ مُكَوَّرَيْنِ ، قَدْ وَقَعَا فِي زَلازِلَ وَبَلابِلَ ، تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَمَخَافَةَ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَإِذَا كَانَا حِيَالَ الْعَرْشِ خَرَّا لِلَّهِ سَاجِدَيْنِ فَيَقُولانِ : إِلَهَنَا ، قَدْ عَلِمْتَ طَاعَتَنَا لَكَ ، وَدُءُوبَنَا فِي عِبَادَتِكَ ، وَسُرْعَتَنَا فِي الْمُضِيِّ فِي أَمْرِكَ أَيَّامَ الدُّنْيَا ، فَلا تُعَذِّبْنَا بِعِبَادَةِ الْمُشْرِكِينَ إِيَّانَا ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نَدَعُ إِلَى عِبَادَتِنَا وَلَمْ نَذْهَلْ عَنْ عِبَادَتِكَ فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : صَدَقْتُمَا ، فَإِنِّي قَدْ قَضَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أُنَزَّهَ وَأَعْبُدَ ، وَإِنِّي مُعِيدُكُمَا إِلَى مَا بَدَأْتُكُمَا مِنْهُ ، فَيَقُولانِ : رَبَّنَا مِمَّ خَلَقْتَنَا ؟ فَيَقُولُ : خَلَقْتُكُمَا مِنْ نُورِ عَرْشِي فَارْجِعَا إِلَيْهِ . قَالَ : فَيَلْتَمِعُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَرْقَةٌ تَكَادُ تَخْطَفُ الأَبْصَارَ نُورًا ، فَتَخْتَلِطُ بِنُورٍ الْعَرْشِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ سورة البروج آية 13 " . قَالَ عِكْرِمَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : فَقُمْتُ مَعَ النَّفَرِ الَّذِينَ حَدَّثُوا عَنْ كَعْبٍ مَا حَدَّثُوا بِهِ مِنْ أَمْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، حَتَّى أَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا غَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَوَجَدَ مِنْ حَدِيثِهِ وَبِمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا ، مَا بَيْنَ مَبْدَئِهِمَا إِلَى مَغَارِبِهِمَا . قَالَ كَعْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حُدِّثْتُ عَنْ كِتَابٍ دَارِسٍ مَنْسُوخٍ قَدْ تَدَاوَلَتْهُ الأَيْدِي ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَ عَنْ كِتَابٍ جَدِيدٍ حَدِيثِ الْعَهْدِ بِالرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ مَا نُسِخَ ، وَعَنْ سَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ وَأَفْضَلِ النَّبِيِّينَ ، ثُمَّ قَامَ فَمَشَى إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَقَالَ : بَلَغَنَا مَا كَانَ وَجَدَكَ مِنْ حَدِيثِنَا وَبِمَا حُدِّثْتَ بِهِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَلا وَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ ، مَعَ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنِّي لَمْ أَتَقُوَّلْهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ، وَلَكِنْ حُدِّثْتُ عَنْ كِتَابٍ دَارِسٍ مَنْسُوخٍ ، وَلا أَدْرِي مَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَبْدِيلِ الْكُفَّارِ وَالْيَهُودِ ، فَأُحِبُّ أَنْ تُحَدِّثَنِي مَا حَدَّثْتَ أَصْحَابَكَ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَحْفَظُ الْحَدِيثَ عَنْهُ ، فَإِذَا حُدِّثْتُ بِشَيْءٍ عَنِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِيمَا بَعْدُ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مَكَانَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ . قَالَ عِكْرِمَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَاللَّهِ لَقَدْ أَعَادَ عَلَيْنَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْحَدِيثَ ، وَإِنِّي أَسْتَقْرِيهِ فِي قَلْبِي بَابًا بَابًا ، فَمَا زَادَ فِيهِ شَيْئًا وَلا نَقَصَ ، وَلا قَدَّمَ شَيْئًا وَلا أَخَّرَ ، فَزَادَنِي ذَلِكَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَغْبَةً ، وَلِلْحَدِيثِ حِفْظًا .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

عِكْرِمَةَ

ثقة

مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ

صدوق فاضل عالم صالح

أَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ

كذاب

حَمَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَرْوَزِيُّ

مجهول الحال

أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ

مجهول الحال

إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.