ما ذكر من عباد الله عز وجل في ارضه وما خصم به من النعم


تفسير

رقم الحديث : 842

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْمَصَاحِفِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرَاءِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ خَلْقَهُ لَحِظَ لَحْظَةً ، فَرَجَفَ مِنْ قَوَاعِدِهِ ، ثُمَّ لَحِظَ لَحْظَةً أُخْرَى فَكَادَ أَنْ يَزُولَ مِنْ مَكَانِهِ ، ثُمَّ لَحِظَ لَحْظَةً أُخْرَى فَكَادَ أَنْ يُهَدَّ مِنْ خَوْفِهِ ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُعَرِّفَهُ نَفْسَهُ ، وَلِيُلْهِمَهُ رُبُوبِيَّتَهُ ، فَعَرَفَهُ الْخَلْقُ يَوْمَئِذٍ مَعْرِفَةً لا يَنْبَغِي لَهُ ، أَنْ يُنْكِرَهُ بَعْدَهَا أَبَدًا ، وَذَلَّ لَهُ الْخَلْقُ يَوْمَئِذٍ ذُلا لا يَنْبَغِي أَنْ يُعَازَّهُ بَعْدَهَا أَبَدًا ، وَدَخَلَهُ مِنَ الْخَوْفِ يَوْمَئِذٍ خَوْفٌ لا يَخْرُجُ مِنْهُ أَبَدًا ، وَأَقَرَّ لَهُ بِالْمَلَكَةِ يَوْمَئِذٍ قَرَارًا لا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَنْكِفَ عَنْهُ بَعْدَهَا أَبَدًا ، ثُمَّ صَارَتْ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ وِرَاثَةً فِيمَا يَكُونُ مِنَ النَّسْلِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَذَكَرَ وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَقْبَلَ عَلَى الْكَلامِ يَوْمَ السَّبْتِ ، فَمَدَحَ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، فَمَدَحَهَا وَذَكَرَ عَظَمَتَهُ وَجَبَرُوتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ وَجَلالَهُ وَسُلْطَانَهُ ، وَقُدْرَتَهُ وَمُلْكَهُ وَرُبُوبِيَّتَهُ ، فَأَنْصَتَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، وَأَطْرَقَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ خَوْفِهِ ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جَعَلَ يَوْمَ السَّبْتِ عِيدًا لأَهْلِ التَّوْرَاةِ ، يَذْكُرُونَهُ وَيُسَبِّحُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَفَرَّغُوا لَهُ ، وَيُفَرِّغُوا لَهُ أَهْلَهُمْ ، وَلا يَكُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَمَلٌ إِلا ذِكْرُهُ وَصَلاتُهُ وَتَسْبِيحُهُ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا ، أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُرْمَةً مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ ، لأَنَّهُ فَرَغَ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالإِسْلامِ ، فَأَلْزَمَ بِهِ أَهْلَهُ ، فَاخْتَارَ لَهُمُ الْجُمُعَةَ ، فَلَيْسَ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَضْلا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ، قَالَ : وَذَكَرَ وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَقْبَلَ عَلَى الْكَلامِ يَوْمَ السَّبْتِ حِينَ فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ ، قَالَ : إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ ، وَالأَمْثَالِ الْعُلَى ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ ، وَالأَسْمَاءِ الْحُسْنَى ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ، ذُو الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، وَالآلاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ، وَمُقِيمُ السَّمَاوَاتِ ، وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ، وَجَبَّارُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ مَلأَتْ كُلَّ شَيْءٍ عَظَمَتِي ، وَقَهَرَتْ كُلَّ شَيْءٍ مَلَكَتِي ، وَأَحَاطَتْ بِكَلِّ شَيْءٍ قُدْرَتِي ، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمِي ، وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتِي ، وَبَلَغَ كُلّ َشَيْءٍ لُطْفِي ، وَأَفْنَى كُلَّ شَيْءٍ طُولُ حَيَاتِي ، فَأَنَا اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الْخَلائِقِ ، فَاعْرَفُوا مَكَانِي ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا أَنَا ، وَخَلْقٌ لا يَقُومُ وَلا يَدُومُ إِلا بِي ، يَتَقَلَّبُ فِي قَبْضَتِي ، وَيَعِيشُ فِي رِزْقِي ، وَحَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ وَبَقَاؤُهُ ، وَفَنَاؤُهُ بِيَدِي ، وَلَيْسَ لَهُ مَخْلَصٌ ، وَلا مَلْجَأٌ غَيْرِي ، وَلَوْ تَخَلَّيْتُ مِنْهُ إِذًا لَدُمِّرَ كُلُّهُ ، وَإِذَا كُنْتُ عَلَى حَالِي لا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ شَيْءٌ ، وَلا يَزِيدُنِي ، وَلا يَمُدُّنِي فَقْرُهُ ، وَلا يَكْرِثُنِي ، أَنَا مُسْتَغْنٍ بِالْغَنَاءِ كُلِّهِ ، فِي جَبَرُوتِ مُلْكِي ، وَعِزَّةِ سُلْطَانِي ، وَبُرْهَانِ نُورِي ، وَسِرِّ وَحْدَتِي ، وَقُوَّةِ تَوَحُّدِي ، وَسَعَة بَطْشِي ، وعُلُوِ مَكَانِي ، وَعَظَمَةِ شَأْنِي ، فَلا شَيْءَ يُثْقِلُنِي ، وَلا إِلَهَ غَيْرِي ، وَلا شَيْءَ يَعْدِلُنِي ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ خَلَقْتُهُ أَنْ يُنْكِرَنِي ، وَلا يُكَابِرَنِي ، وَلا يُعَازِّنِي ، وَلا يَخْرُجُ مِنْ قُدْرَتِي ، وَلا يَرِيمُ قَبْضَتِي ، وَلا يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِي ، وَلا يَعْدِلُ بِي ، وَكَيْفَ يُنْكِرُنِي مَنْ جَبَلْتُهُ يَوْمَ خَلَقْتُهُ عَلَى مَعْرِفَتِي ؟ أَمْ كَيْفَ يُكَابِرَنِي مَنْ قَدْ قَهَرْتُهُ بِمَلَكَتِي ؟ فَلَيْسَ لَهُ خَالِقٌ وَلا رَازِقٌ ، وَلا بَاعِثٌ وَلا وَارِثٌ غَيْرِي ، أَمْ كَيْفَ يُعَازِّنِي مَنْ نَاصِيَتُهُ بِيَدِي ؟ أَمْ كَيْفَ يَعْدِلُ بِي مَنْ أُفْنِي عُمُرَهُ ، وَأُسْقِمُ جِسْمَهُ ، وَأُنْقِصُ عَقْلَهُ وَقُوَّتَهُ ، وَأَتَوَفَّى نَفْسَهُ ، وَأُخْلِقُهُ وَأُهْرِمُهُ فَلا يَمْتَنِعُ ؟ أَمْ كَيْفَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِي عَبْدِي ، وَابْنُ عَبْدِي ، وَابْنُ أَمَتِي ، وَمِلْكِي طَوْعُ يَدِي لا يَنْتَسِبُ إِلَى خَالِقٍ وَلا وَارِثٍ غَيْرِي ؟ أَمْ كَيْفَ يَعْبُدُ دُونِي مَنْ تُخْلِقُهُ الدُّنْيَا ، وَيُفْنِي أَجَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَهُمَا شُعْبَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ سُلْطَانِي ؟ فَإِلَيَّ إِلَيَّ يَا أَهْلَ الْمَوْتِ وَالْفَنَاءِ ، إِلَيَّ لا إِلَى غَيْرِي ، فَإِنِّي كَتَبْتُ الرَّحْمَةَ عَلَى نَفْسِي ، وَقَضَيْتُ الْعَفْوَ ، وَالْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَنِي ، أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ، صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا ، وَلا يَكْبُرُ عَلِيَّ ذَلِكَ ، وَلا يَتَعَاظَمَنِي فَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ ، وَلا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِي ، فَإِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ، وَخَزَائِنُ الْخَيْرِ كُلُّهَا بِيَدِي ، لَمْ أَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقْتُ لِحَاجَةٍ كَانَتْ بِي إِلَيْهِ ، وَلَكِنْ لأُبَيِّنَ بِهِ قُدْرَتِي ، وَلأُعَرِّفَ بِهِ النَّاظِرِينَ نَفْسِي ، وَلْيَنْظُرَ النَّاظِرُونَ فِي مُلْكِي ، وَتَدْبِيرِ حُكْمِي ، وَلِيَدِينَ الْخَلائِقُ كُلُّهَا لِعِزَّتِي ، وَيُسَبِّحَ الْخَلْقُ كُلُّهُ بِحَمْدِي ، وِلِتَعْنُوَ الْوُجُوهُ كُلُّهَا لِوَجْهِي " .

الرواه :

الأسم الرتبة