ذكر ارم ذات العماد


تفسير

رقم الحديث : 876

حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي أَبِي ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قِلابَةَ : " أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ نَشَزَتْ ، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي صَحَارِي عَدَنِ أَبْيَنَ وَالشَّجَرُ تُظِلُّهُ فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ ، إِذْ وَقَعَ عَلَى مَدِينَةٍ فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ ، عَلَيْهَا حِصْنٌ حَوْلَ ذَلِكَ الْحِصْنِ قُصُورٌ كَثِيرَةٌ ، وَأَعْلامٌ طِوَالٌ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا ظَنَّ أَنَّ فِيهَا أَحَدًا يَسْأَلُهُ عَنْ إِبِلِهِ ، فَإِذَا لا خَارِجَ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ حِصْنِهَا ، وَلا دَاخِلٌ يَدْخُلُ مِنْهُ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ عَنْ نَاقَتِهِ ، وَعَقَلَهَا ، ثُمَّ اسْتَلَّ سَيْفَهُ ، وَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ ، فَلَمَّا خَلَفَ الْحِصْنَ إِذَا هُوَ بِبَابَيْنِ عَظِيمَيْنِ لَمْ يُرَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنْهُمَا ، وَلا أَطْوَلُ ، وَإِذَا خَشَبُهُمَا مُحْمِرٌّ ، وَفِي ذَيْنِكَ الْبَابَيْنِ مَسَامِيرُ مِنْ يَاقُوتٍ أَبْيَضَ ، وَيَاقُوتٍ أَحْمَرَ يُضِيئُ ذَانِكَ الْبَابَانِ فِيمَا بَيْنَ الْحِصْنِ وَالْمَدِينَةِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَعْجَبَهُ ، وَتَعَاظَمَهُ الأَمْرُ ، فَفَتَحَ أَحَدَ الْبَابَيْنِ وَدَخَلَ ، فَإِذَا هُوَ بِمَدِينَةٍ لَمْ يَرَ الرَّاءُونَ مِثْلَهَا قَطُّ ، وَإِذَا هِيَ قُصُورٌ ، قُصُورٌ عَلَى كُلِّ قَصْرٍ مُعَلَّقٍ تَحْتَهُ أَعْمِدَةٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ ، وَمِنْ فَوْقِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْهَا غُرَفٌ ، وَفَوْقَ الْغُرَفِ غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ ، وَالزَّبَرْجَدِ ، وَكُلُّ مَصَارِيعِ تِلْكَ الْقُصُورِ ، وَتِلْكَ الْغُرَفِ مِثْلُ مِصْرَاعَيْ بَابِ الْمَدِينَةِ مِنْ حَجَرٍ ، كُلُّهَا مُفَصَّصَةٌ بِالْيَاقُوتِ الأَبْيَضِ ، وَالْيَاقُوتِ الأَحْمَرِ ، مُتَقَابِلَةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، يُنَوَّرُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، مَفْرُوشَةٌ كُلُّهَا تِلْكَ الْقُصُورُ ، وَتِلْكَ الْغُرَفُ بِاللُّؤْلُؤِ ، وَبَنَادِقٍ مِنْ مِسْكٍ وَزَعْفَرَانٍ ، فَلَمَّا عَايَنَ الرَّجُلُ مَا عَايَنَ ، وَلَمْ يَرَ فِيهَا أَحَدًا ، وَلا أَثَرَ أَحَدٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ ، بِنَاءً لَمْ يَسْكُنْهُ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَرَ أَثَرًا لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ إِلا عَصًا حَدِيدَةً أَهَالَهُ ذَلِكَ وَأَفْزَعَهُ ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الأَزِقَّةِ ، فَإِذَا هُوَ بِالشَّجَرِ فِي كُلِّ زُقَاقٍ مِنْهَا قَدْ أَثْمَرَتْ تِلْكَ الأَشْجَارُ كُلُّهَا ، وَإِذَا تَحْتَ تِلْكَ الأَشْجَارِ أَنْهَارٌ مُطَّرِدَةٌ ، يَجْرِي مَاؤُهَا مِنْ قَنَوَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ ، كُلُّ قَنَاةٍ مِنْهَا أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الشَّمْسِ ، تَجْرِي تِلْكَ الْقَنَوَاتُ تَحْتَ الأَشْجَارِ ، وَدَاخَلَ الرَّجُلَ الْعَجَبُ مِمَّا رَأَى ، وَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِالْحَقِّ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِثْلَ هَذِهِ الدُّنْيَا ، وَإِنَّ هَذِهِ لِلْجَنَّةُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مَا بَقِيَ مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَيْءٌ إِلا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ الْجَنَّةُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَدْخَلَنِيهَا ، سَاهِرٌ عَلَى ذَلِكَ يُوامِرُ نَفْسَهُ وَيَتَدَبَّرُ رَأْيَهُ ، إِذْ دَعَتْهُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لُؤْلُئِهَا ، وَيَاقُوتِهَا وَزَبَرْجَدِهَا ، ثُمَّ يَخْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَ بِلادَهُ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهَا ، فَفَعَلَ فَحَمَلَ مَعَهُ مِنْ لُؤْلُئِهَا وَمِنْ بَنَادِقِ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْلَعَ مِنْ زَبَرْجَدِهَا شَيْئًا ، وَلا مِنْ يَاقُوتِهَا لأَنَّهَا مُثَبَّتَةٌ فِي أَبْوَابِهَا وَجُدْرَانِهَا ، وَكَانَ ذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ وَالْبَنَادِقُ مِنَ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ مَنْثُورًا فِي تِلْكَ الْغُرَفِ ، وَالْقُصُورِ كُلِّهَا ، فَأَخَذَ مَا أَرَادَ وَخَرَجَ إِلَى نَاقَتِهِ ، فَحَلَّ عَقْلَهَا وَرَكِبَهَا ، ثُمَّ سَارَ رَاجِعًا يَقْفُو أَثَرَ نَاقَتِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْيَمَنِ ، فَأَظْهَرَ مَا كَانَ مَعَهُ ، فَأَعْلَمَ النَّاسَ أَمَرَهُ ، وَمَا كَانَ مِنْ قِصَّتِهِ ، وَبَاعَ بَعْضَ اللُّؤْلُؤِ ، وَكَانَ ذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ قَدِ اصْفَرَّ مِنْ طُولِ مُرُورِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلِ يَنْمَى وَيَخْرُجُ حَتَّى بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَأَرْسَلَ رَسُولا وَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ صَنْعَاءَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَبْعَثَ لَهُ الرَّجُلَ لَيَسْأَلَهُ عَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ، فَخَرَجَ بِهِ رَسُولُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الْيَمَنِ حَتَّى قَدِمَ بِهِ الشَّامَ ، وَأَمَرَ صَاحِبَ صَنْعَاءَ الرَّجُلَ أَنْ يَخْرُجَ بِبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ مَتَاعِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ ، فَسَارَ الرَّجُلُ وَرَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، حَتَّى قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، فَخَلَّى بِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَسَأَلَهُ عَمَّا رَأَى وَعَايَنَ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ أَمْرَ الْمَدِينَةِ ، وَمَا رَأَى فِيهَا شَيْئًا ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ وَأَنْكَرَ مَا حَدَّثَهُ وَقَالَ : مَا أَظُنُّ مَا تَقُولُ حَقًّا ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هِيَ مِنْ مَتَاعِهَا الَّذِي هُوَ مَفْرُوشٌ فِي قُصُورِهَا وَغُرَفِهَا وَبُيُوتِهَا ، قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : اللُّؤْلُؤُ وَبَنَادِقُ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : هَاتِ حَتَّى أَرَاهُ . فَأَرَاهُ لُؤْلُؤًا أَصْفَرَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ ، وَأَرَاهُ تِلْكَ الْبَنَادِقَ ، فَشَمَّهَا مُعَاوِيَةُ فَلَمْ يَجِدْ لَهَا رِيحًا ، فَأَمَرَ بِدَقِّ بُنْدُقَةٍ مِنْ تِلْكَ الْبَنَادِقِ ، فَسَطَعَ رِيحُهَا مِسْكًا وَزَعْفَرَانًا فَصَدَّقَهُ مُعَاوِيَةُ عِنْدَ ذَلِكَ وَقَالَ : كَيْفَ لِي حَتَّى أَعْلَمَ مَا اسْمُ هَذِهِ الْمَدِينَةِ ؟ وَمَنْ بَنَاهَا ؟ وَلِمَنْ كَانَتْ ؟ فَواللَّهِ ، مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، وَمَا مَلَكَ سُلَيْمَانُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَدِينَةَ . فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ خَبَرَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي زَمَانِنَا هَذَا إِلا عِنْدَ كَعْبِ الأَحْبَارِ ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ ، وَيَأْمُرَ بِأَنْ يَغِيبَ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلُ ، فَإِنَّهُ سَيُخْبِرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرِهَا ، وَأَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ ، إِنْ كَانَ دَخَلَهَا ، لأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ لا يَسْتَطِيعُ هَذَا الرَّجُلُ دُخُولَهَا إِلا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ فِي الْكِتَابِ الأَوَّلِ دُخُولُهُ إِيَّاهَا ، فَابْعَثْ إِلَى كَعْبٍ ، فَإِنَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدًا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْهُ ، وَلا مَنْ مَضَى مِنَ الدَّهْرِ ، وَلا يَكُونُ مِنْ بَعْدِ الْيَوْمِ إِلا هُوَ فِي التَّوْرَاةِ مُفَسَّرًا مَنْسُوبًا مَعْرُوفًا مَكَانُهُ ، فَلْيَبْعَثْ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُ خَبَرَهَا عِنْدَهُ ، فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى كَعْبِ الأَحْبَارِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، إِنِّي دَعَوْتُكَ لأَمْرٍ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُ عِنْدَكَ . قَالَ كَعْبٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ ، فَسَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ ؟ قَالَ : أَخْبِرْنِي يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، هَلْ بَلَغَكَ أَنَّ فِي الدُّنْيَا مَدِينَةً مَبْنِيَّةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَعُمُدُهَا زَبَرْجَدٌ وَيَاقُوتٌ وَحَصْبَاءُ ، قُصُورُهَا وَغُرَفُهَا اللُّؤْلُؤُ ، فِيهَا أَجِنَّتُهَا وَأَنْهَارُهَا فِي الأَزِقَّةِ تَحْتَ الأَشْجَارِ وَالأَنْهَارِ ؟ قَالَ كَعْبٌ : وَالَّذِي نَفْسُ كَعْبٍ بِيَدِهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي سَأُوَسَّدُ يَمِينِي قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَنِي أَحَدٌ عَنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَمَا فِيهَا وَلِمَنْ هِيَ ؟ ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكَ بِهَا ، وَمَنْ بَنَاهَا ؟ ، وَلِمَنْ هِيَ ؟ : أَمَّا تِلْكَ الْمَدِينَةُ ، فَهِيَ حَقٌّ كَمَا بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَعَلَى مَا وُصِفَ لَهُ ، وَأَمَّا صَاحِبُهَا الَّذِي بَنَاهَا ، فَشَدَّادُ بْنُ عَادٍ ، وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَإِرَمُ ذَاتُ الْعِمَادِ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ { 7 } الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ سورة الفجر آية 7-8 وَهِيَ كَمَا وُصِفَ لَكَ لَمْ يُبْنَ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : حَدِّثْنَا بِحَدِيثِهَا يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ تَعَالَى . قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ عَادًا الأُولَى لَيْسَ عَادَ قَوْمِ هُودٍ ، وَلَكِنْ عَادٌ الأُولَى إِنَّمَا هُوَ هُودٌ ، وَقَوْمُ هُودٍ وَلَدُ ذَلِكَ ، فَكَانَ عَادٌ لَهُ ابْنَانِ : فَسَمَّى أَحَدَهُمَا شَدِيدًا ، وَالآخَرَ شَدَّادًا ، فَهَلَكَ عَادٌ فَبَغَيَا ، وَتَجَبَّرَا ، وَمَلَكَا فَقَهَرَا كُلَّ الْبِلادِ ، وَأَخَذَاهَا عَنْوَةً وَقَسْرًا حَتَّى دَانَ لَهُمَا جَمِيعُ الْقَبَائِلِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمَا إِلا وَهُوَ فِي طَاعَتِهِمَا ، لا فِي مَشْرِقِ الأَرْضِ ، وَلا فِي مَغْرِبِهَا ، وَإِنَّهُ لَمَّا صَفَا لَهُمَا ذَلِكَ ، وَقَرَّ قَرَارُهُمَا مَاتَ شَدِيدٌ وَبَقِيَ شَدَّادٌ ، فَمَلَكَ وَحْدَهُ ، وَلَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ ، وَدَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا كُلُّهَا بِأَسْرِهَا ، فَكَانَ مُولَعًا بِقِرَاءَةِ الْكُتُبِ الأُولَى الْفَانِيَةِ ، وَكُلَّمَا مَرَّ فِيهِ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ ، وَمَا سَمِعَ مِمَّا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ دَعَتْهُ نَفْسُهُ أَنْ يُقَلِّدَ تِلْكَ الصِّفَةَ فِي الدُّنْيَا عُتُوًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِبْرًا ، فَلَمَّا وَقَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، وَالَّذِي يُرِيدُ أَمَرَ بِصَنْعَةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، وَأَمَرَ عَلَى صُنْعِهَا مِائَةَ قَهْرَمَانٍ ، مَعَ كُلِّ قَهْرَمَانٍ أَلْفٌ مِنَ الأَعْوَانِ . قَالَ : انْطَلِقُوا إِلَى أَطْيَبِ فَلاةٍ فِي الأَرْضِ وَأَوْسَعِهَا ، فَاعْمَلُوا لِي فِيهَا مَدِينَةً مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ تَحْتَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَعْمِدَةٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ ، وَعَلَى الْمَدِينَةِ قُصُورٌ ، وَمِنْ فَوْقِ الْقُصُورِ غُرَفٌ ، وَمِنْ فَوْقِ الْغُرَفِ غُرَفٌ ، وَاغْرِسُوا تَحْتَ الْقُصُورِ فِي أَزِقَّتِهَا أَصْنَافَ الثِّمَارِ كُلَّهَا ، وَأَجْرُوا فِيهَا الأَنْهَارَ حَتَّى يَكُونَ تَحْتِ الأَشْجَارِ ، فَإِنِّي أَسْمَعُ فِي الْكِتَابِ صِفَةَ الْجَنَّةِ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَجْعَلَ مِثْلَهَا فِي الدُّنْيَا ، أَتَعَجَّلُ سُكْنَاهَا . فَقَالَ لَهُ قَهَارِمَتُهُ - وَكَانُوا مِائَةَ قَهْرَمَانٍ - تَحْتَ يَدِ كُلِّ قَهْرَمَانٍ مِنْهُمْ أَلْفٌ مِنَ الأَعْوَانِ : كَيْفَ لَنَا أَنْ نَقْدِرَ عَلَى مَا وَصَفْتَ لَنَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَبْنِي مَدِينَةً مِنَ الْمَدَائِنِ كَمَا وَصَفْتَ لَنَا ؟ مَتَى نَقْدِرُ عَلَى هَذَا الذَّهَبِ كُلِّهِ وَهَذِهِ الْفِضَّةِ ؟ فَقَالَ لَهُمْ شَدَّادٌ : أَلَيْسَ تَعْلَمُونَ أَنَّ مُلْكَ الدُّنْيَا كُلِّهَا بِيَدِي ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَانْطَلِقُوا إِلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَعْدِنٍ مِنْ مَعَادِنِ الزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ ، أَوْ بَحْرٍ فِيهِ لُؤْلُؤٌ ، أَوْ مَعْدِنُ ذَهَبٍ ، أَوْ فِضَّةٍ ، وَوَكِّلُوا بِهِ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ رَجُلا يُخْرِجُ لَكُمْ مَا كَانَ فِي كُلِّ مَعْدِنٍ مِنْ تِلْكَ الْبِلادِ ، ثُمَّ انْطَلِقُوا ، فَانْظُرُوا إِلَى مَا كَانَ فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ ، فَخُذُوهُ سِوَى مَا يَأْتِيكُمْ بِهِ أَصْحَابُ الْمَعَادِنِ ، فَإِنَّ مَعَادِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا فِيهَا مِمَّا لا تَعْلَمُونَ بِهِ أَكْثَرُ ، وَأَعْظَمُ مِمَّا كُلِّفْتُمْ مِنْ صَنْعَةِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ . قَالَ : فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ ، فَكَتَبَ مِنْهُ إِلَى كُلِّ مَلِكٍ فِي الدُّنْيَا يَأْمُرُهُ أَنْ يَجْمَعَ مَا فِي بِلادِهِ مِنْ جَوْهَرِهَا ، وَيَحْفُرَ مَعَادِنَهَا ، فَانْطَلَقَ أُولَئِكَ الْقَهَارِمَةُ ، فَبَعَثُوا بِكَلِّ كِتَابٍ إِلَى مَلِكٍ مِنْ تِلْكَ الْمُلُوكِ ، وَأَخَذَ كُلُّ مَلِكٍ مَا يَجِدُ فِي يَدَيْهِ فِي مُلْكِهِ عَشْرَ سِنِينَ حَتَّى بَعَثَ إِلَى فَعَلَةِ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ بِمَا قَبْلَهُ مِمَّا سَأَلَهُ مِنَ الزَّبَرْجَدِ ، وَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَأَخَذَ الْقَوْمُ فِي طَلَبِهِمْ لَهُ مَوَاضِعَ ، كُلَّمَا أَرَادُوا وَضَعَهُ لَهُمْ مِنَ الْبَسَاتِينَ بَسَاتِينِ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، وَإِجْرَاءِ الأَنْهَارِ وَغَرْسِ الأَشْجَارِ ، وَحُدُودِهَا عَلَى مَا وَصَفَ لَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ . فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، وَكَمْ كَانَ عَدَدُ تِلْكَ الْمُلُوكِ الَّتِي كَانَتْ إِرَمُ ؟ قَالَ : كَانَتْ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ مَلِكًا قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ ، كُلُّ مَلِكٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ ، وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَرَاجِ . فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَتْمِمْ حَدِيثَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ . قَالَ : فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْفَعَلَةُ وَالْقَهَارِمَةُ ، فَتَبَدَّدُوا فِي الصَّحَارِي لِيَجِدُوا مَا يُوَافِقُهُ فَلَمْ يَجِدُوا ذَلِكَ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى صَحْرَاءَ عَظِيمَةٍ نَقِيَّةٍ مِنَ الْجِبَالِ وَالتِّلالِ ، فَإِذَا هُمْ بِعُيُونٍ مُطَّرِدَةٍ ، فَقَالُوا : هَذِهِ صِفَةُ إِرَمَ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا فَعَمَدُوا ، فَأَخَذُوا بِقَدْرِ الَّذِي أَمَرَهُمْ مِنَ الْعَرْضِ وَالطُّولِ ، ثُمَّ جَعَلُوا ذَلِكَ بِحُدُودٍ مَحْدُودَةٍ ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى مَوَاضِعِ الأَزِقَّةِ الَّتِي فِيهَا الْحُدُودُ ، فَأَجْرَوْا فِيهَا قَنَوَاتِ تِلْكَ الأَنْهَارِ ، ثُمَّ وَضَعُوا الأَسَاسَ مِنْ صُخُورِ الْجَزَعِ الْيَمَانِي ، وَعَبَّوْا طِينَ ذَلِكَ الأَسَاسِ مِنْ مُرٍّ وَلُبَانٍ ، وَمَحْلَبٍ ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِمَّا وَضَعُوا مِنَ الأَسَاسِ ، وَأَجْرَوُا الْقَنَوَاتِ ، وَأُرْسِلَتْ إِلَيْهِمُ الْمُلُوكُ بِالزَّبَرْجَدِ ، وَالْيَاقُوتِ وَالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ ، وَالْجَوْهَرِ ، كُلُّ مَلِكٍ قَدْ عَمِلَ مَا كَانَ فِي مَعْدِنِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ بَعَثَ بِالْعُمُدِ مَفْرُوغٌ مِنْهَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ بَعَثَ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ مَفْرُوغٌ مِنْهُ مَصْنُوعًا ، فَدَفَعُوهُ إِلَى تِلْكَ الْقَهَارِمَةِ وَالْوُزَرَاءِ ، فَأَقَامُوا فِيهَا حَتَّى فَرَغُوا مِنْ بِنَائِهَا ، وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الْعُمُدِ ، وَهِيَ قُصُورٌ مِنْ فَوْقِ الْقُصُورِ غُرَفٌ ، وَمِنْ فَوْقِ الْغُرَفِ غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَالزَّبَرْجَدِ ، وَالْيَاقُوتِ الَّتِي بَعَثَ بِهَا الْمُلُوكُ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسِبُهُمْ قَدْ أَقَامُوا فِي بِنَائِهَا زَمَانًا مِنَ الدَّهْرِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي لأَجِدُ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا فِي بِنَائِهَا ، وَمَا أَجَّلَهُمُ الْمُلُوكُ فِي الَّذِي أَمَرَهُمْ مِنْ حَمْلِ مَا فِي الدُّنْيَا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ ، وَلُؤْلُؤٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ حَتَّى فَرَغُوا مِنْهَا ، أَجِدُهُ مَكْتُوبًا ثَلاثُ مِائَةِ سَنَةٍ . قَالَ مُعَاوِيَةُ : " وَكَمْ كَانَ عُمْرُ شَدَّادِ بْنِ عَادٍ صَاحِبُهَا ؟ قَالَ : كَانَ عُمْرُهُ تِسْعَ مِائَةِ سَنَةٍ . قَالَ مُعَاوِيَةُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، لَقَدْ أَخْبَرْتَنَا عَجَبًا ، فَحَدِّثْنَا . قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّمَا سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى : إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ { 7 } الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ سورة الفجر آية 7-8 الَّتِي لَمْ يُعْمَلْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ، لِلَّذِي فِيهَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ ، وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَدِينَةٌ بِالزَّبَرْجَدِ غَيْرُهَا وَلا يَاقُوتٌ غَيْرُهَا ، فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ { 7 } الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ سورة الفجر آية 7-8 . قَالَ كَعْبٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُمْ لَمَّا أَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِفَرَاغِهِمْ مِنْهَا ، قَالَ : انْطَلِقُوا فَاجْعَلُوا عَلَيْهَا حِصْنًا ، وَاجْعَلُوا حَوْلَ الْحِصْنِ أَلْفَ قَصْرٍ عِنْدَ كُلِّ قَصْرٍ أَلْفُ عَلَمٍ ، يَكُونُ فِي قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ ، وَزِيرٌ مِنْ وُزَرَائِي ، وَيَكُونُ فَوْقَ كُلِّ عَلَمٍ مِنْهَا نَاطُورٌ ، قَالَ : فَرَجَعُوا ، فَعَمِلُوا تِلْكَ الْقُصُورَ وَالأَعْلامَ وَالْحِصْنَ ، ثُمَّ أَتَوْهُ ، فَأَخْبَرُوهُ بِالْفَرَاغِ مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ . قَالَ : فَأَمَرَ أَلْفَ وَزِيرٍ مِنْ أَهْلِ خَاصَّتِهِ ، وَمَنْ يَثِقُ بِهِ أَنْ يَتَهَيَّئُوا إِلَى النَّقْلَةِ إِلَى إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، وَأَمَرَ لِتِلْكَ الأَعْلامِ بِرِجَالٍ يَسْكُنُونَهَا ، وَيُقِيمُونَ فِيهَا لَيْلَهُمْ وَنَهَارَهُمْ ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْعَطَاءِ وَالأَرْزَاقِ ، وَالْجِهَازِ إِلَى تِلْكَ الأَعْلامِ ، قَالَ : وَأَمَرَ الْمَلِكُ مَنْ أَرَادَ مِنْ نِسَائِهِ ، وَخَدَمِهِ بِالْجِهَازِ إِلَى إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، فَأَقَامُوا فِي جَهَازِهِمْ إِلَيْهَا عَشْرَ سِنِينَ ، فَسَارَ الْمَلِكُ بِمَنْ أَرَادَ ، وَخَلَفَ مِنْ قَوْمِهِ فِي عَدَنِ أَبْيَنَ ، وَالشُّجَرَاءُ كُثْرٌ مِمَّا سَارَ ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ وَسَارَ إِلَيْهَا لِيَسْكُنَهَا ، وَبَلَغَهَا إِلا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، وَعَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ صَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ ، فَأَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعًا ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَدْخُلْ إِرَمَ ذَاتَ الْعِمَادِ ، وَلا مَنْ كَانَ مَعَهُ ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى السَّاعَةِ ، فَهَذِهِ صِفَةُ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَسَيَدْخُلُهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَانِكَ هَذَا وَيَرَى مَا فِيهَا ، وَيُحَدِّثُ بِمَا فِيهَا ، وَلا يُصَدَّقُ . قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، هَلْ تَصِفُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، هُوَ رَجُلٌ أَحْمَرُ أَشْقَرُ قَصِيرٌ ، عَلَى حَاجِبِهِ خَالٌ ، وَعَلَى عُنُقِهِ خَالٌ ، يَخْرُجُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّحَارِي ، فَيَقَعُ عَلَى إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ فَيَدْخُلُهَا وَيَحْمِلُ مِمَّا فِيهَا ، وَالرَّجُلُ جَالِسٌ عِنْدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَالْتَفَتَ كَعْبٌ فَرَأَى ذَلِكَ الرَّجُلَ ، فَقَالَ : هَذَا ذَلِكَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَاسْأَلْهُ عَمَّا حَدَّثْتُكَ بِهِ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، هَذَا مِنْ خَدَمِي ، وَلَمْ يُبَالِ حَتَّى قَالَ : فَقَدْ دَخَلَهَا ، وَإِلا فَسَيَدْخُلُهَا ، وَسَيَدْخُلُهَا أَهْلُ هَذَا الدِّينِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ . فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : لَقَدْ فَضَّلَكَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَبَا إِسْحَاقَ عَلَى غَيْرِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَلَقَدْ أُعْطِيتَ مِنْ عِلْمِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ . فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا إِلا وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي التَّوْرَاةِ لِعَبْدِهِ مُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامُ ، تَفْسِيرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ لَشِدَّةٌ وَوَعِيدٌ ، وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا ، وَشِدَّةٌ وَوَعِيدًا " .

الرواه :

الأسم الرتبة
وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ

ثقة

خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ

صدوق حسن الحديث

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ

ضعيف الحديث

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ

مقبول

أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ

ثقة ثبت