حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَهْبًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، يَقُولُ : لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ إِلَى الأَرْضِ فَرَأَى سَعَتَهَا وَلَمْ يَرَ فِيهَا أَحَدًا غَيْرَهُ ، قَالَ : رَبِّ مَا لأَرْضِكَ هَذِهِ عَامِرٌ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَيُقَدِّسُ لَكَ ؟ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " سَأَجْعَلُ فِيهَا بُيُوتًا تُرْفَعُ بِذِكْرِي ، يُسَبِّحُ فِيهَا خَلْقِي وَيُذْكَرُ فِيهَا اسْمِي ، وَسَأَجْعَلُ مِنْ تِلْكَ بَيْتًا أَخُصُّهُ بِكَرَامَتِي ، وَأُوثِرُهُ بِاسْمِي ، وَأُسَمِّيهِ بَيْتِي أُنْطِقُهُ بِعَظَمَتِي وَأَحُوزُهُ بِحُرُمَاتِي وَلَسْتُ أَسْكُنُهُ وَلا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَسْكُنَ الْبُيُوتَ ، وَلا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَسَعَنِي ، وَلَكِنْ وَضَعْتُ جَلالِي وَعَظَمَتِي عَلَى عَرْشِي فَهُوَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِعَظَمَتِي ، وَعَلَيْهِ وَضَعْتُ جَلالِي ، ثُمَّ أَنَا مَعَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَمَعَ كُلِّ شَيْءٍ أَجْعَلُ ذَلِكَ الْبَيْتَ حَرَمًا آمَنًا ، أُحَرِّمُ بِحُرْمَتِهِ مَنْ حَوْلَهُ ، وَمَنْ تَحْتَهُ ، وَمَنْ فَوْقَهُ ، فَمَنْ حَرَّمَهُ بِحُرْمَتِي اسْتَوْجَبَ بِذَلِكَ كَرَامَتِي ، وَمَنْ أَخَافَ أَهْلَهُ فِيهِ فَقَدْ أَخْفَرَ ذِمَّتِي ، وَأَبَاحَ حُرْمَتِي ، أَجْعَلُهُ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ بِبَطْنِ مَكَّةَ مُبَارَكًا ، يَأْتُونَهُ شُعْثًا غُبْرًا ، وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، يَرُجُّونَ بِالتَّلْبِيَةِ رَجِيجًا ، وَيَثُجُّونَ فِيهِ ثَجِيجًا ، وَيَعِجُّونَ بِالتَّكْبِيرِ عَجِيجًا ، مَنِ اعْتَمَرَهُ لا يُرِيدُ غَيْرَهُ ، فَقَدْ وَفَدَ لِي وَنَزَلَ بِي وَضَافَنِي ، وَحَقٌّ لِلْكَرِيمِ أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وَأَضْيَافَهُ ، وَأَنْ يُسْعِفَ كُلا بِحَاجَتِهِ تَعْمُرُهُ ، يَا آدَمُ مَا دُمْتَ حَيًّا ، ثُمَّ تَعْمُرُهُ الأُمَمُ وَالْقُرُونُ ، وَالأَنْبِيَاءُ مِنْ وَلَدِكَ ، أُمَّةٌ بَعْدَ أُمَّةٍ ، وَقَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ ذَلِكَ ، فَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، أُخْرِجُهُ مِنْ تِهَامَةَ ، وَأَجْعَلُهُ مِنْ خُزَّانِهِ ، وَحُمَاتِهِ ، وَسُقَاتِهِ ، يَكُونُ أَمِينًا عَلَيْهِ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا انْقَلَبَ إِلَيَّ وَجَدَنِي قَدْ ذَخَرْتُ لَهُ مِنْ أَجْلِهِ وَفَضِيلَتِهِ مِمَّا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْقِرْبَةَ عِنْدِي ، وَأَفْضَلَ الْمَنَازِلِ فِي دَارِ الْمُقَامِ ، أَجْعَلُ ذِكْرَ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَسَنَاءَهُ وَمَجْدَهُ ، لِنَبِيٍّ مِنْ وَلَدِكَ هُوَ قَبْلَ هَذَا النَّبِيِّ هُوَ أَبُوهُ ، يُقَالُ لَهُ : إِبْرَاهِيمُ أُعَافِيهِ فَيَشْكُرُ ، وَأَبْتَلِيهِ فَيَصْبِرُ ، وَيَعِدُنِي فَيَصْدُقُ ، وَيَنْذُرُ لِي فَيَفِي ، أُعَلِّمُهُ مَنَاسِكَهُ وَمَوَاقِفَهُ ، وَأُرِيهِ حِلَّهُ وَحَرَامَهُ ، وَأُنِيطُ لَهُ سِقَايَتَهُ ، أَجْعَلُ إِبْرَاهِيمَ إِمَامَ ذَلِكَ الْبَيْتِ ، وَأَهْلَ تِلْكَ الشَّرِيعَةِ يَأْتَمُّ بِهِ مَنْ وَرَدَ ذَلِكَ الْبَيْتَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ ، وَأَهْلِ الأَرْضِ ، يَطْلُبُونَ فِيهِ آثَارَهُ ، وَيَتَّبِعُونَ فِيهِ سُنَّتَهُ ، وَيَهْتَدُونَ فِيهِ بِهُدَاهُ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَكْمَلَ نُسُكَهُ وَأَوْفَى نَذْرَهُ ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ ضَيَّعَ نُسُكَهُ وَأَخْطَأَ بُغْيَتَهُ ، فَمَنْ سَأَلَ عَنِّي يَوْمَئِذٍ أَيْنَ أَنَا فَأَنَا مَعَ الشُّعْثِ الْغُبْرِ الْمُوفِينَ بِنُذُورِهِمْ ، الْمُسْتَكْمِلِينَ مَنَاسِكَهُمُ ، الْمُبْتَهِلِينَ إِلَى رَبِّهِمُ الَّذِي يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ، وَلَيْسَ هَذَا الأَمْرُ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ شَأْنُهُ بِزَائِدٍ مِمَّا عِنْدِي مِنَ الْمُلْكِ وَالسَّعَةِ ، إِلا كَمَا زَادَتْ قَطْرَةٌ مِنْ رَشَاشٍ ، وَقَعَتْ فِي سَبْعَةِ أَبْحُرٍ يَمُدُّهَا مِنْ بَعْدِهَا أَبْحُرٌ لا تُحْصَى بَلِ الْقَطْرَةُ أَزْيَدُ فِي الأَبْحُرِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فِي مُلْكِي وَسُلْطَانِي ، لِمَا عِنْدِي مِنَ السَّعَةِ وَلَيْسَ هَذَا الأَمْرُ لَوْ لَمْ أَجْعَلْهُ بِنَاقِصٍ شَيْئًا مِمَّا عِنْدِي ، إِلا كَمَا نَقَصَتْ ذَرَّةٌ ، وَقَعَتْ فِي جَمِيعِ تُرَابِ الأَرْضِ ، وَرِمَالِهَا وَحَصَاهَا وَجِبَالِهَا ، بَلِ الذُّرَةُ أَنْقَصُ فِي الأَرْضِ وَتُرَابِهَا وَجِبَالِهَا ، مِنْ هَذَا الأَمْرِ لَوْ لَمْ أَخْلُقْهُ مِمَّا عِنْدِي مِنَ الْمُلْكِ وَالسَّعَةِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |