حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّاجِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، وَجَاءَ ابْنُ سِيرِينَ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ ، فَجَاءَهُ رَجُلانِ ، فَقَالا : جِئْنَاكَ نَسْأَلُكُ عَنْ شَيْءٍ ، فَقَالَ : سَلانِي عَمَّا بَدَا لَكُمَا ، فَقَالا : " عِنْدَكُمْ عِلْمٌ مِنَ الْجِنِّ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : فَتَبَسَّمَ ، وَقَالَ : مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسُ ، وَلَكِنِ اذْهَبَا إِلَى أَبِي رَجَاءٍ لأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنِّي سِنًّا ، لَعَلَّهُ يُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي رَأَى وَبِالَّذِي سَمِعَ ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلانِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي رَجَاءٍ فَإِذَا هُوَ فِي جَوْفِ الدَّارِ ، وَالدَّارُ مَمْلُوءَةٌ رَمْلا ، وَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَاقَةٌ تُحْلَبُ فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا ، فَقُلْنَا : جِئْنَا نَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ ، فَقَالَ : سَلا عَمَّا شِئْتُمْ ، فَقَالا : أَعِنْدَكَ عِلْمٌ مِنَ الْجِنِّ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَتَبَسَّمَ مِثْلَ مَا تَبَسَّمَ الْحَسَنُ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي رَأَيْتُ وَبِالَّذِي سَمِعْتُ ، كُنَّا فِي سَفَرٍ حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى الْمَاءِ ، فَضَرَبْنَا أَخْبِيَتَنَا وَذَهَبْتُ أَقِيلُ ، فَإِذَا أَنَا بِحَيَّةٍ دَخَلَتِ الْخِبَاءَ ، وَهِيَ تَضْطَرِبُ ، فَمَدَدْتُ إِدَاوَتِي فَنَضَحْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ ، كُلَّمَا نَضَحْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ سَكَنَتْ ، وَكُلَّمَا حَبَسْتُ عَنْهَا اضْطَرَبَتْ ، حَتَّى أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالرَّحِيلِ ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِي : أَنْتَظِرُ حَتَّى أَعْلَمَ عِلْمَ هَذِهِ الْحَيَّةِ إِلَى مَا يَصِيرُ ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ مَاتَتِ الْحَيَّةُ ، فَعَمَدْتُ إِلَى عَيْبَتِي ، فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا خِرْقَةً بَيْضَاءَ ، فَلَفَفْتُهَا وَكَفَّنْتُهَا ، وَحَفَرْتُ لَهَا وَدَفَنْتُهَا ، ثُمَّ سِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَلَيْلَتَنَا ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحْتُ ، وَنَزَلْنَا عَلَى الْمَاءِ وَضَرَبْنَا أَخْبِيَتَنَا ، فَذَهَبْتُ أَقِيلُ ، فَإِذَا أَنَا بِأَصْوَاتٍ : سَلامٌ عَلَيْكُمْ مَرَّتَيْنِ ، لا وَاحِدٌ وَلا عَشَرَةٌ وَلا مِائَةٌ وَلا أَلْفٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، قُلْتُ : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ الْجِنُّ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ ، قَدْ صَنَعْتَ إِلَيْنَا مَا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُجَازِيَكَ ، فَقُلْتُ : مَاذَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ ؟ قَالُوا : إِنَّ الْحَيَّةَ الَّتِي مَاتَتْ عِنْدَكَ كَانَتْ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِنِّ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |