مرداس الاصبهاني


تفسير

رقم الحديث : 23

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ , قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ , قَالُ : " كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ ، يُقَالُ لَهَا : جَيُّ , وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أَرْضِهِ ، وَكَانَ يُحِبُّنِي حُبًّا شَدِيدًا لَمْ يُحِبَّهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلا وَلدِهِ , فَمَا زَالَ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى أَجْلَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَمَا تَجْلِسُ الْجَارِيَةُ ، فَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قُطْنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا سَاعَةً ، فَكُنْتُ كَذَلِكَ لا أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا إِلا مَا أَنَا فِيهُ حَتَّى بَنَى أَبِي بُنْيَانًا لَهُ وَكَانَتْ لَهُ ضَيْعَةٌ فِيهَا بَعْضُ الْعَمَلِ فَدَعَانِي أَبِي ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي مَا نَرَى مِنْ بُنْيَانِي عَنْ ضَيْعَتِي هَذِهِ ، وَلا بُدَّ لِي مِنِ اطَّلاعِهَا ، فَانْطَلِقْ إِلَيْهَا ، فَمُرْهُمْ بِكَذَا وَكَذَا ، وَلا تَحْبِسْ عَلَيَّ ، فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَلَيَّ شَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ , فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ النَّصَارَى ، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : هَؤُلاءِ النَّصَارَى يُصَلُّونَ ، فَدَخَلْتُ أَنْظُرُ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَبَعَثَ أَبِي فِي طَلَبِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى جِئْتُهُ حِينَ أَمْسَيْتُ ، وَلَمْ أَذْهَبْ إِلَى ضَيْعَتِهِ , فَقَالَ لِي أَبِي : يَا بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ أَلَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَبَتَاهُ مَرَرْتُ بِأُنَاسٍ ، يُقَالُ لَهُمُ النَّصَارَى ، فَأَعْجَبَنِي كَلامُهُمْ وَدُعَاؤُهُمْ ، فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ كَيْفَ يَفْعَلُونَ ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ ، فَقُلْتُ : لا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِخَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ هَؤُلاءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيَدْعُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ ، وَنَحْنُ إِنَّمَا نَعْبُدُ نَارًا نُوقِدُهَا بِأَيْدِينَا ، إِذَا تَرَكْنَاهَا مَاتَتْ فَخَافَنِي ، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ حَدِيدًا وَحَبَسَنِي فِي بَيْتٍ عِنْدَهُ ، فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ الَّذِي أَرَاكُمْ عَلَيْهِ ؟ قَالُوا : بِالشَّامِ ، قُلْتُ : فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنْ هُنَاكَ نَاسٌ فَآذِنُونِي بِهِ , قَالُوا : نَفْعَلُ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ نَاسٌ مِنْ تُجَّارِهِمْ ، فَبَعَثُوا إِلَيَّ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا تُجَّارٌ مِنْ تُجَّارِنَا ، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِمْ ، إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الْخُرُوجَ فَآذِنُونِي بِهِ , قَالُوا : نَفْعَلُ , فَلَمَّا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّحِيلَ بَعَثُوا إِلَيَّ بِذَلِكَ ، فَطَرَحْتُ الْحَدِيدَ الَّذِي فِي رِجْلَيَّ وَلَحِقْتُ بِهِمْ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ , فَلَمَّا قَدِمْتُهَا ، قُلْتُ : مَنْ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا الدِّينِ ؟ قَالُوا : الْأُسْقُفُ صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ ، فَجِئْتُهُ ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَعْبُدَ اللَّهَ مَعَكَ فِيهَا ، وَأَتَعَلَّمَ مِنْكَ الْخَيْرَ , قَالَ : فَكُنْ مَعِي ، فَكُنْتُ مَعَهُ وَكَانَ رَجُلُ سُوءٍ كَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا ، فَإِذَا جَمَعُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ , فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حَالِهِ ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ , فَلَمَّا جَاءُوا لِيَدْفِنُوهُ ، قُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا رَجُلُ سُوءٍ كَانَ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا ، حَتَّى إِذَا جَمَعْتُمُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ , قَالُوا : وَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : أَنَا أُخْرِجُ لَكُمْ كَنْزَهُ ، قَالُوا : فَهَاتِهِ ، فَأَخْرَجْتُ لَهُمْ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا , فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ ، قَالُوا : وَاللَّهِ لا يُدْفَنُ أَبَدًا ، فَصَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ ، وَجَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ , فَلا وَاللَّهِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَشَدُّ اجْتِهَادًا ، وَلا أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا ، وَلا أَدْأَبُ لَيْلا وَلا نَهَارًا مِنْهُ ، مَا أَعْلَمُنِي أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ قَبْلَهُ حُبَّهُ ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ : يَا فُلانُ قَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ حُبَّكَ ، فَإِلَى مَنْ تَأْمُرُنِي ، إِلَى مَنْ تُوصِينِي ؟ قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ فَآتِهِ ، فَإِنَّكَ تَجِدُهُ عَلَى مثل حَالِي ، فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِالْمَوْصِلِ فَأَتَيْتُ صَاحِبَهَا ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مثل حَالِهِ مِنَ الاجْتِهَادِ وَالزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي أَنْ آتِيَكَ فَأَكُونَ مَعَكَ , قَالَ : فَأَقِمْ أَيْ بُنَيَّ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ عَلَى مثل أَمْرِ صَاحِبِهِ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ فُلانًا قَدْ أَوْصَانِي إِلَيْكَ وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَإِلَى مَنْ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَيْ بُنَيَّ إِلا رَجُلا بِنَصِيبِينَ هُوَ عَلَى مثل مَا نَحْنُ عَلَيْهِ فَالْحَقْ بِهِ , فَلَمَّا دَفَنَّاهُ لَحِقْتُ بِالآخَرِ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي إِلَيْكَ ، قَالَ : فَأَقِمْ يَا بُنَيَّ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ عَلَى مثل حَالِهِمْ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى , وَقَدْ كَان فُلانٌ ، أَوْصَانِي إِلَى فُلانٍ ، وَأَوْصَى فُلانٌ ، إِلَى فُلانٍ وَأَوْصَانِي فُلانٌ ، إِلَيْكَ فَإِلَى مَنْ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ أَيْ بُنَيَّ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى مثل مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ ، فَإِنَّهُ سَتَجِدُهُ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ , فَلَمَّا وَارَيْتُهُ خَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى صَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مثل حَالِهِمْ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَتْ لِي غَنِيمَةٌ وَبَقَرًا ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ : يَا فُلانُ ، إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَانِي إِلَى فُلانٍ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِينِي ؟ قَالَ : يَا بُنَيَّ ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ أَحَدٌ عَلَى مثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهَ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنَ الْحَرَمِ , مُهَاجِرَتُهُ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ إِلَى أَرْضٍ سَبِخَةٍ ذَاتِ نَخْلٍ , وَإِنَّ فِيهِ عَلامَاتٍ لا تَخْفَى , بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ ، وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، فَلَوِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَخْلُصَ إِلَى تِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُهُ , فَلَمَّا وَارَيْنَاهُ أَقَمْتُ حَتَّى مَرَّ بِي رِجَالٌ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مِنْ كَلْبٍ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَحْمِلُونِي مَعَكُمْ حَتَّى تَقْدَمُوا بِي أَرْضَ الْعَرَبِ وَأُعْطِيَكُمْ غَنَمِي هَذِهِ وَبَقَرَاتِي هَذِهِ ؟ فَأَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا وَحَمَلُونِي حَتَّى إِذَا جَاوَزُوا بِي وَادِيَ الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ بِوَادِي الْقُرَى , فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّخْلَ وَطَمِعْتُ أَنْ يَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي نَعَتَ لِي صَاحِبِي وَمَا حَقَّتْ مِنِّي حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْ يَهُودِ وَادِي الْقُرَى ، فَابْتَاعَنِي مِنْ صَاحِبِي الَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ بِي حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُ نَعْتَهَا فَأَقَمْتُ فِي رَقِّي مَعَ صَاحِبِي ، فَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِمَكَّةَ لا يُذْكَرُ لِي مِنْ أَمْرِهِ شَيْءٌ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ ، حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَاءَ ، وَأَنَا أَعْمَلُ لِصَاحِبِي فِي نَخْلٍ لَهُ , فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِيهَا إِذْ جَاءَنِي عَمٌّ لَهُ ، فَقَالَ فُلانٌ : قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُمُ الآنَ لَفِي قُبَاءَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى رَجُلٍ جَاءَ مِنْ مَكَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيُّ , فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُهَا وَأَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ يَقُولُ الرِّعْدَةُ حَتَّى ظَنَنْتُ لأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي ، فنزلت أَقُولُ : مَا هَذَا الْخَبَرُ مَا هُوَ ؟ فَرَفَعَ مَوْلايَ يَدَهُ ، فَلَطَمَنِي لَطْمَةً شَدِيدَةً ، فَيَقُولُ : فَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا أَقْبِلْ قِبَلَ عَمَلِكَ , فَقُلْتُ : لا شَيْءَ ، إِنَّمَا سَمِعْتُ خَبَرًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَهُ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ وَكَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ ، فَحَمَلْتُهُ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ ، فَقُلْتُ : إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَأَنَّ مَعَكَ أَصْحَابُكَ غُرَبَاءُ وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مِنَ الصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ مِنِّي بِهَذِهِ فَكُلْ مِنْهُ فَأَمْسَكَ يَدَهُ ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : " كُلُوا كُلُوا " ، وَلَمْ يَأْكُلْهُ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : هَذِهِ خَلَّةٌ مِمَّا وَصَفَ صَاحِبِي ، ثُمَّ رَجَعْتُ ، فَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَمَعْتُ شَيْئًا كَانَ عِنْدِي ، ثُمَّ جِئْتُهُ ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ وَكَرَامَةٌ لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ , فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَتَبَّعُ خِيَارَهُ , وَعَلَيَّ شَمْلَتَانِ لِي وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ ، فَاسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ0 إِلَى الْخَاتَمِ فِي ظَهْرِهِ ، فَلَمَّا رَآنِي اسْتَدْبَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي قَدِ أَسْتَثْبِتُ شَيْئًا قَدْ وُصِفَ لِي ، فَرَفَعَ رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي ، فَقَالَ : " تَحَوَّلْ يَا سَلْمَانُ هَكَذَا " , فَتَحَوَّلْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَحَبَّ أَنْ يُسْمِعَ أَصْحَابَهُ حَدِيثِي عَنْهُ , فَحَدَّثْتُهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، كَمَا حَدَّثْتُكَ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَأَعَانَنِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ ثَلاثِينَ وَدْيَةً وَعِشْرِينَ وَدْيَةً وَعُشْرٍ , كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا عِنْدَهُ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقِّرْ لَهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَآذِنِّي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي , فَقِّرْهَا فَأَعَانَنِي أَصْحَابِي ، يَقُولُ : فَفَقَّرْتُ لَهَا حَيْثُ تُوضَعُ حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهَا ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهَا ، فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَهَا ، فَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَيْهِ الْوَدْيَ فَيَضَعُهُ بِيَدِهِ وَيُسَوِّي عَلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا مَاتَتْ مِنْهُ وَدْيَةٌ وَاحِدَةٌ , وَبَقِيتُ عَلَى الدَّرَاهِمِ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنَ الذَّهَبِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْنَ الْفَارِسُ الْمُسْلِمُ الْمُكَاتَبُ فَدُعِيتُ لَهُ ، فَقَالَ : خُذْ هَذِهِ يَا سَلْمَانُ فَأَدِّهَا عَنْكَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ ؟ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّيهَا عَنْكَ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ لَقَدْ وَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ " ، وَعُتِقَ سَلْمَانُ ، وَكَانَ الرِّقُّ قَدْ حَبَسَنِي حَتَّى فَاتَنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرٌ , وَأُحُدٌ ثُمَّ أُعْتِقْتُ فَشَهِدْتُ الْخَنْدَقَ ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ

صحابي

ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ

له رؤية

عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ

ثقة

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ

صدوق مدلس

يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ

صدوق حسن الحديث

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ

ضعيف الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ

ثقة محدث حافظ

Whoops, looks like something went wrong.