باب ما يرجى من رحمة الله تعالى


تفسير

رقم الحديث : 18

قَالَ ، وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّابَاذِيُّ ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ إِلَّا وَلَهُ خُوَارٌ يَسْمَعُهُ كُلُّ دَابَّةٍ عِنْدَهُ إِلَّا الْإِنْسَانَ ، فَلَوْ سَمِعَهُ لَصُعِقَ فَإِذَا انْطَلَقَ بِهِ إِلَى قَبْرِهِ فَإِنْ كَانَ صَالِحًا قَالَ : عَجِّلُوا بِي لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَمَامِي مِنَ الْخَيْرِ لَقَدَّمْتُمُونِي ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ : لَا تَعْجَلُوا بِي لَوْ تَعْلَمُونَ مَا تُقَدِّمُونِي لَهُ مِنَ الشَّرِّ لَمَا عَجَّلْتُمُونِي ، فَإِذَا وُورِيَ فِي قَبْرٍ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ ، فَيَأْتِيَانِهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ، فَتَقُولُ صَلَاتُهُ : لَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِي ، فَرُبَّ لَيْلَةٍ قَدْ بَاتَ فِيهَا سَاهِرًا حَذِرًا مِنْ هَذَا الْمَضْجَعِ ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ ، فَيَجِئُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ فَيَقُولُ : لَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِنَا ، فَقَدْ كَانَ يَمْشِي وَيَنْتَصِبُ عَلَيْنَا حَذِرًا لِهَذَا الْمَضْجَعِ ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ ، فَتَقُولُ صَدَقَتُهُ : لَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِي ، فَقَدْ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِي حَذِرًا لِهَذَا الْمَضْجَعِ ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ شِمَالِهِ ، فَيَقُولُ صَوْمُهُ : لَا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِي فَقَدْ كَانَ يَظْمَأُ وَيَجُوعُ حَذِرًا لِهَذَا الْمَضْجَعِ ، فَيُوقَظُ كَمَا النَّائِمِ فَيُقَالُ لَهُ : أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ مَا يَقُولُ ، عَلَامَ كُنْتَ مِنْهُ ، فَيَقُولُ : مَنْ هُوَ ، فَيُقَالُ : مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولَانِ لَهُ : عِشْتَ مُؤْمِنًا وَمُتَّ مُؤْمِنًا ، فَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ ، وَيُنْشَرُ لَهُ مِنْ كُلِّ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا شَاءَ اللَّهُ . فَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ وَأَنْ يُعِيذَنَا مِنَ الْأَهْوَاءِ الضَّالَّةِ الْمُضِلَّةِ وَالْغَفْلَةِ ، وَأَنْ يُعِيذَنَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْهُ . وَذُكِرَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ لَمْ أَعْلَمَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ يَهُودِيَّةٌ فَسَأَلَتْ شَيْئًا فَأَعْطَيْتُهَا فَقَالَتْ أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ قَوْلَهَا مِنْ أَبَاطِيلِ الْيَهُودِ ، حَتَّى دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ حَقٌّ ، فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَنْ يَسْتَعِدَّ لِلْقَبْرِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ، فَإِنَّهُ قَدْ سَهُلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا ، فَإِذَا دَخَلَ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ بِحَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ ، فَيَبْقَى فِي حَسْرَةٍ وَنَدَامَةٍ . فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي أُمُورِ الْمَوْتَى ، فَإِنَّ الْمَوْتَى يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ بِأَنْ يُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ ، أَوْ يُؤْذَنَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَرَّةً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، أَوْ يُؤْذَنَ لَهُمْ بِتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَتَعَجَّبُونَ مِنَ الْأَحْيَاءِ أَنَّهُمْ يُضَيِّعُونَ أَيَّامَهُمْ فِي الْغَفْلَةِ وَالْبَطَالَةِ . يَا أَخِي فَلَا تُضَيِّعْ أَيَّامَكَ فَإِنَّهَا رَأْسُ مَالِكَ ، فَإِنَّكَ مَا دُمْتَ قَادِرًا عَلَى رَأْسِ مَالِكَ قَدِرْتَ عَلَى الرِّبْحِ ، لِأَنَّ بِضَاعَةَ الْآخِرَةَ كَاسِدَةٌ فِي يَوْمِكَ هَذَا ، فَاجْتَهِدْ حَتَّى تَجْمَعَ بِضَاعَةَ الْآخِرَةِ كَاسِدَةً فِي وَقْتِ الْكَسَادِ ، فَإِنَّهُ يَجِئُ يَوْمٌ تَصِيرُ هَذِهِ الْبِضَاعَةُ فِيهِ عَزِيزَةً ، فَاسْتَكْثِرْ مِنْهَا فِي يَوْمِ الْكَسَادِ لِيَوْمِ الْعِزِّ ، فَإِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلِاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ ، وَلَا يَجْعَلَنَا مِنَ النَّادِمِينَ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الرَّجْعَةَ ، فَلَا يُقَالُونَ وَيُسَهِّلَ عَلَيْنَا سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَشِدَّةَ الْقَبْرِ ، وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ آمِينَ ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، فَإِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّابَاذِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.