قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُعَلِّمُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْفَارَابِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ سورة النصر آية 1 ، مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا لَبِثَ أَنْ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَقَدْ شَدَّ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ ، فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ ، مُصْفَرَّ الْوَجْهِ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ ، ثُمَّ دَعَا بِبِلَالٍ ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يُنَادِي فِي الْمَدِينَةِ ، أَنِ اجْتَمِعُوا لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا آخِرُ وَصِيَّةٍ لَكُمْ ، فَنَادَى بِلَالٌ فَاجْتَمَعَ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ ، وَتَرَكُوا أَبْوَابَ بُيُوتِهِمْ مُفَتَّحَةً ، وَأَسْوَاقَهُمْ عَلَى حَالِهَا ، حَتَّى خَرَجَتِ الْعَذَارَى مِنْ خُدُورِهِنَّ ، لِيَسْمَعُوا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى غَصَّ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " وَسِّعُوا لِمَنْ وَرَاءَكُمْ " . ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي لِلَّهِ وَيَسْتَرْجِعُ فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَصَلَّى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَعَلَى نَفْسِهِ ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، ثُمَّ قَالَ : " أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْعَرَبِيُّ الْمَكِّيُّ الَّذِي لَا نَبِيَّ بَعْدِي ، أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ ، وَحَانَ فِرَاقِي فِي الدُّنْيَا ، وَاشْتَقْتُ إِلَى لِقَاءِ رَبِّي ، فَوَاحَزَنَاهُ عَلَى فِرَاقِ أُمَّتِي ، مَاذَا يَقُولُونَ مِنْ بَعْدِي ، اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ، أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَصِيَّتِي وَعُوهَا وَاحْفَظُوهَا ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ ، فَإِنَّهَا آخِرُ وَصِيَّتِي لَكُمْ ، أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ ، مَا أَحَلَّ لَكُمْ ، وَمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ وَمَا تَأْتُونَ ، وَمَا تَتَّقُونَ ، فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ ، وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ ، وَاعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ ، وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ " . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ بَلَّغْتُ فَاشْهَدْ ، أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَهْوَاءَ الضَّالَةَ الْمُضِلَّةَ الْبَعِيدَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمِنَ الْجَنَّةِ ، الْقَرِيبَةَ مِنَ النَّارِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ ، وَالِاسْتِقَامَةِ فَإِنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنَ اللَّهِ ، قَرِيبَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ بَعِيدَةٌ مِنَ النَّارِ " . ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، اللَّهَ اللَّهَ فِي دِينِكُمْ وَأَمَانَتِكُمْ ، اللَّهَ اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ ، فَإِنَّهُمْ لَحْمٌ وَدَمٌ ، وَخَلْقٌ أَمْثَالُكُمْ ، أَلَا مَنْ ظَلَمَهُمْ ، فَأَنَا خَصْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَاللَّهُ حَاكِمُهُمْ ، اللَّهَ اللَّهَ فِي النِّسَاءِ أَوْفُوا لَهُنَّ مُهُورَهُنَّ ، وَلَا تَظْلِمُوهُنَّ ، فَيَحْرِمَكُمْ حَسَنَاتِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ . أَيُّهَا النَّاسُ : قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا سورة التحريم آية 6 ، وَعَلِّمُوهُمْ ، وَأَدِّبُوهُمْ فَإِنَّهُمْ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ ، وَأَمَانَةٌ ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ . أَيُّهَا النَّاسُ أَطِيعُوا وُلَاةَ أُمُورِكُمْ ، وَلَا تَعْصُوهُمْ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا ، فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ عَصَانِي ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، أَلَا لَا تَخْرُجُوا عَلَيْهِمْ ، وَلَا تَنْقُضُوا عُهُودَهُمْ . أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ . أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِحُبِّ أَهْلِ بَيْتِي ، عَلَيْكُمْ بِحُبِّ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ ، عَلَيْكُمْ بِحُبِّ عُلَمَائِكُمْ لَا تُبْغِضُوهُمْ ، وَلَا تَحْسُدُوهُمْ ، وَلَا تَطْعَنُوا فِيهِمْ . أَلَا مَنْ أَحَبَّهُمْ فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ . أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ، أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، بِإِسْبَاغِ وَضُوئِهَا ، وَإِتْمَامِ رُكُوعِهَا ، وَسُجُودِهَا . أَيُّهَا النَّاسُ أَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ . أَلَا مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ فَلَا صَلَاةَ لَهُ ، أَلَا مَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ ، فَلَا دِينَ لَهُ ، وَلَا صَوْمَ لَهُ ، وَلَا حَجَّ لَهُ ، وَلَا جِهَادَ لَهُ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ . أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الْحَجَّ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَمُتْ عَلَى أَيِّ حَالٍ شَاءَ يَهُودِيًّا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا ، أَوْ مَجُوسِيًّا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ مَرَضٌ حَابِسُهُ ، أَوْ مُنِعَ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَلَا لا نَصِيبَ لَهُ فِي شَفَاعَتِي وَلَا يَرِدُ حَوْضِي ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ . أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، فِي مَقَامٍ عَظِيمٍ ، وَهُوَ شَدِيدٌ فِي يَوْمِ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ . أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ، أَيُّهَا النَّاسُ احْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ ، وَأَبْكُوا أَعْيُنَكُمْ ، وَأَخْضِعُوا قُلُوبَكُمْ ، وَأَتْعِبُوا أَبْدَانَكُمْ ، وَجَاهِدُوا أَعْدَاءَكُمْ ، وَعَمِّرُوا مَسَاجِدَكُمْ ، وَأَخْلِصُوا إِيمَانَكُمْ ، وَانْصَحُوا إِخْوَانَكُمْ ، وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَتَصَدَّقُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ ، وَلَا تَحَاسَدُوا فَتَذْهَبَ حَسَنَاتُكُمْ ، وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَتَهْلِكُوا ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ، أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فِي فِكَاكِ رِقَابِكُمْ ، وَاعْمَلُوا الْخَيْرَ لِيَوْمِ فَقْرِكُمْ وَفَاقَتِكُمْ ، أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَظْلِمُوا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الطَّالِبُ لِمَنْ جَارَ ، وَعَلَيْهِ حِسَابُكُمْ ، وَإِلَيْهِ إِيَابُكُمْ ، إِنَّهُ لَا يَرْضَى مِنْكُمْ بِالْمَعْصِيَةِ ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَادِمٌ إِلَى رَبِّي ، وَقَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، فَأَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ ، وَأَمَانَتَكُمْ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ أَصْحَابِي ، وَعَلَى جَمِيعِ أُمَّتِي ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " . ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَنْزِلَ ، فَمَا خَرَجَ بَعْدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ ، وَمُحِبِّيهِ وَأُمَّتِهِ وَسَلَّمَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
عَبْدِ خَيْرٍ | عبد خير بن يزيد الهمداني | ثقة |
عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ | عباد بن كثير الثقفي / توفي في :141 | وضاع |
دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ | داود بن المحبر الطائي | وضاع |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ | عبد الرحيم بن حبيب الخراساني | مقبول |