باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر


تفسير

رقم الحديث : 51

قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِ , بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ قَوْمٍ يَكُونُ فِيهِمْ رَجُلٌ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي ، وَيَقْدِرُونَ أَنْ يُغَيِّرُونَ فَلَا يُغَيِّرُونَهُ إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا " . قَدِ اشْتَرَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُدْرَةَ . يَعْنِي إِذَا كَانَتِ الْغَلَبَةُ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَهْلَ الْمَعَاصِي مِنَ الْمَعْصِيَةِ إِذَا أَظْهَرُوا الْمَعَاصِيَ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِذَلِكَ قَالَ : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ سورة آل عمران آية 110 وَيُقَالُ : مَعْنَاهُ كُنْتُمْ مَكْتُوبِينَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، يَعْنِي أَخْرَجَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَجْلِ النَّاسِ ، تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ، يَعْنِي لِكَيْ تَأْمُرُوا بِالطَّاعَةِ ، وَتَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ، يَعْنِي تَمْنَعُونَ أَهْلَ الْمَعَاصِي مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، فَالْمَعْرُوفُ مَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ وَالْعَقْلِ ، وَالْمُنْكَرُ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ وَالْعَقْلِ ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة آل عمران آية 104 وَهَذِهِ اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ ، يَعْنِي لِتَكُنْ مِنْكُمْ جَمَاعَةٌ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ . وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَقْوَامًا بِتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ : كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ سورة المائدة آية 79 يَعْنِي لَا يَنْهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ . لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ سورة المائدة آية 79 وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى : لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ سورة المائدة آية 63 يَعْنِي هَلَّا يَنْهَاهُمُ عُلَمَاؤُهُمْ وَفُقَهَاؤُهُمْ وَقُرَّاؤُهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ، يَعْنِي قَوْلَ الْفُحْشِ وَأَكْلَ الْحَرَامِ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ . وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمُرَ فِي السِّرِّ إِنِ اسْتَطَاعَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ مِنْهُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ . قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَقَدْ شَانَهُ ، وَمَنْ وَعَظَ أَخًا فِي السِّرِّ فَقَدْ زَانَهُ ، فَإِنْ لَمْ تَنْفَعْهُ الْمَوْعِظَةُ فِي السِّرِّ يَأْمُرْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَيَسْتَعِينُ بِأَهْلِ الصَّلَاحِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ لِيَزْجُرُوهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ ، فَإِنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ ، فَيَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعًا .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ

مقبول

مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِ

مجهول الحال