قَالَ الْفَقِيهُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، قَالَ : " مَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ ، فِي طَلَبِ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ حَفَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا ، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الطُّيُورُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ ، وَالسِّبَاعُ فِي الْبَرِّ ، وَالْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ ، وَآتَاهُ اللَّهُ أَجْرَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ صِدِّيقًا ، أَلَا فَاطْلُبُوا الْعِلْمَ وَاطْلُبُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ ، وَالْحِلْمَ ، وَالْوَقَارَ ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ ، وَلِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ ، وَلَا تُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ ، وَلَا تُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ ، وَلَا تَخْتَلِفُوا بِهِ إِلَى الْأُمَرَاءِ ، وَلَا تَطَاوَلُوا بِهِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ ، فَتَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ أَدْرَكَهُمْ سَخَطُ اللَّهِ ، فَكَبَّهُمْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، اطْلُبُوا عِلْمًا لا يَضُرُّكُمْ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَاعْبُدُوا اللَّهَ عِبَادَةً لَا تَضُرُّكُمْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَذَا إِلَّا هَذَا ، وَلَا تَكُونُوا كَأَقْوَامٍ تَرَكُوا طَلَبَ الْعِلْمِ ، وَأَقْبَلُوا عَلَى الْعِبَادَةِ ، حَتَّى إِذَا نُحِلَتْ جُلُودُهُمْ عَلَى أَجْسَادِهِمْ ، خَرَجُوا عَلَى النَّاسِ بِأَسْيَافِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّهُمْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لَكَانَ الْعِلْمُ يَحْجُزُهُمْ عَمَّا صَنَعُوا ، وَإِنَّ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَالْحَائِدِ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَهُوَ لَا يَزْدَادُ اجْتِهَادًا إِلَّا ازْدَادَ بُعْدًا ، وَكَانَ مَا يُفْسِدُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ " ، قِيلَ لَهُ : عَمَّنْ هَذَا يَا أَبَا سَعِيدٍ ؟ قَالَ : " لَقِيتُ فِيهِ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا وَاغْتَرَبْتُ فِي طَلَبِهِ أَرْبَعِينَ عَامًا " .