تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة وان تظلم وتظلم


تفسير

رقم الحديث : 130

قَالَ : حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ . ح صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ . ح عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، قَالَ : أخ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ ذَرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الْقُلُوبِ ، فَبَعَثَهُ نَبِيًّا ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ ، وَاسْتَخْلَصَهُ ، وَانْبَعَثَ بِالرِّسَالَةِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ قَلْبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ " . وَفِي رِوَايَةٍ : خَيْرَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ ، وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ وَقَوْلُهُ : " وَأَهْلُ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى " أَيْ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ النُّفُوسِ ، وَالْمُجَاهَدَاتِ وَأَصْحَابُ الْمُعَامَلاتِ والمكابدات ، فَالْبِرُّ هُوَ صِدْقُ الْمُعَامَلَةِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَالتَّقْوَى حُسْنُ الْمُجَاهَدَةِ فِي اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ سورة البقرة آية 177 إِلَى قَوْلِهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ سورة البقرة آية 177 ، فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الْبِرَّ هُوَ صِدْقُ الْمُعَامَلَةِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَهَذِهِ أَوْصَافُ أَرْبَابِ الْمُعَامَلاتِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى { 40 } فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى سورة النازعات آية 40-41 . فَهَذَا حُسْنُ التَّقْوَى ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ عَنِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ الْمُعَامَلاتِ ، وَأَصْحَابُ الْمُجَاهِدَاتِ ، وَوَصْفُهُ لِلطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّرَاحُمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَامَلُوا اللَّهَ تَعَالَى بِوَاسِطَةِ الدُّنْيَا فِي الْعُزُوفِ عَنْهَا وَالتَّرْكِ لَهَا ، وَوَاسِطَةِ الْخَلْقِ بِالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَالْبَذْلِ لَهُمْ ، سَخِطَتِ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ بِالنُّفُوسِ فَبَذَلُوهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَحَمُّلِ أَفْعَالِهِ ، وَأَنْصَبُوهَا فِي الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَتْعَبُوهَا بِالْخِدْمَةِ لَهُ ، وَلَمْ يَبْلُغُوا دَرَجَةَ الطَّبَقَةِ الأُولَى فِي مُشَاهَدَاتِ الْقُلُوبِ ، وَسَخَطَتِ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ بِالدُّنْيَا ، فَبَذَلُوهَا لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى شَفَقَةً عَلَيْهِمْ ، وَنَظَرًا إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَبْلُغُوا دَرَجَةَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ فِي بَذْلِ النُّفُوسِ ، فَكَانُوا فِي سَخَاوَةِ الدُّنْيَا عَلَى صِنْفَيْنِ ، فَصِنْفٌ سَخَتْ عَلَيْهَا نُفُوسُهُمْ فَتَرَكُوهَا لأَرْبَابِهَا ، وَصِنْفٌ سَخَتْ بِهَا أَيْدِيهِمْ ، فَبَذَلُوهَا لِطُلابِهَا ، فَالصِّنْفُ الأَوَّلُ أَهْلُ التَّوَاصُلِ ، لأَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوهَا وَأَعْرَضُوا عَنْهَا سَلِمُوا مِنَ التَّقَاطُعِ ، إِذْ كَانَ سَبَبُ التَّقَاطُعِ مُجَاذَبَةَ الدُّنْيَا بَيْنَهُمْ ، وَمُنَازَعَتَهُمْ فِيهَا ، وَمُقَاتَلَتَهُمْ عَلَيْهَا . قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَوَقَفَ عَلَى مَنْ عَلا ، فَأَخَذَ مَنْ كَانَ مَعَهُ بِالْفَهْمِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمْ هَذِهِ دُنْيَاكُمُ الَّتِي تَنَازَعْتُمْ عَلَيْهَا ، فَأَخْبَرَ أَنَّ مُجَازَتَهَا بَيْنَهُمْ سَبَبُ التَّقَاطُعِ ، فَتَرْكُهَا لِطُلابِهَا سَبَبُ التَّوَاصُلِ . وَالصِّنْفُ الثَّانِي : أَهْلُ التَّرَاحُمِ ، لأَنَّ الدُّنْيَا لَمَّا حَصَلَتْ فِي أَيْدِيهِمْ بَذَلُوهَا شَفَقَةً عَلَيْهِمْ ، وَرَحْمَةً لَهُمْ ، فَهُمْ أَهْلُ التَّرَاحُمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَفَ طَبَقَتَهُ وَطَبَقَةَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ ، وَأَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ ، وَوَصَفَ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ : أَنَّهُمْ أَرْبَابُ النُّفُوسِ ، وَأَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْمُجَاهِدَاتِ وَالْمُعَامَلاتِ ، وَوَصَفَ الطَّبَقَةَ الثَّالِثَةَ : أَنَّهُمْ أَهْلُ بَذْلٍ وَسَخَاءٍ وَشَفَقَةٍ وَوَفَاءٍ ، وَالطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ : أَهْلُ تَنَازُعٍ وَتَجَاذُبٍ ، فَصَارُوا أَهْلَ تُقَاطُعٍ وَتَدَابُرٍ ، لأَنَّهُمْ لَمَّا أَقْبَلُوا عَلَى الدُّنْيَا قَطَعَتْهُمْ عَنِ الآخِرَةِ ، وَانْقَطَعَتِ الأُخُوَّةُ الَّتِي أَوْجَبَهَا الإِيمَانُ بِتَنَابُحِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا ، وَتَنَافُسِهِمْ فِيهَا ، وَأَدْبَرُوا عَنِ الآخِرَةِ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَيْهَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.