قَالَ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمْدَانَ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ . ح أَحْيَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَامْبَاتِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ ، قَالَ . ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ ، قَالَ . ح عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلا مَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الدُّنْيَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَلاذَّ النُّفُوسِ ، وَشَهَوَاتِهَا ، وَجَمِيعَ حُطَامِهَا ، وَزَهْرَاتِهَا ، وَمَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ سورة آل عمران آية 14 ، وَحُبَّ الْبَقَاءِ فِيهَا ، فَتَكُونُ هَذِهِ الأَشْيَاءُ هِيَ الْمَلْعُونَةَ إِذَا كَانَتْ لِلنُّفُوسِ وَشَهَوَاتِهَا وَلَذَّةِ الطَّبْعِ ، وَالتَّلَهِّي بِهَا ، وَالشُّغْلِ فِيهَا ، وَالْحُبِّ لَهَا ، وَلَمْ تَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى وَلا فِيهِ ، لأَنَّ الدُّنْيَا فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْحَيَاةُ الأُولَى الَّتِي يَلِيهَا الْمَوْتُ وَالْفَنَاءُ ، وَالآخِرَةُ هِيَ الْحَيَاةُ الْبَاقِيَةُ ، الَّتِي لَيْسَ لَهَا زَوَالٌ وَلا فَنَاءٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ " أَيْ : مَرْفُوضَةٌ مَتْرُوكَةٌ ، وَمَا فِيهَا أَيْ : مَا فِي الْحَيَاةِ الأُولَى مِنْ هَذِهِ الشَّهَوَاتِ ، وَالْمَلاذِّ ، وَالْحُطَامِ ، وَمَا ذُكِرَ فِي الآيَةِ مَلْعُونٌ ، أَيْ : مَتْرُوكٌ يَجِبُ تَرْكُهَا ، وَرَفْضُهَا ، وَالإِعْرَاضُ عَنْهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى هَذَا حَثَّ ، وَإِلَيْهِ نَدَبَ ، وَفِيهِ رَغَّبَ ، وَعَنْهَا زَهَّدَ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ سورة يونس آية 24 ، وَقَالَ : إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ سورة محمد آية 36 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا سورة لقمان آية 33 ، وَقَالَ تَعَالَى : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا سورة هود آية 7 رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَيُّكُمْ أَحْسَنُ لِلدُّنْيَا تَرْكًا ، وَعَنْهَا إِعْرَاضًا ، وَاللَّعْنُ عِنْدَ الْعَرَبِ التَّرْكُ ، وَالْمَلْعُونُ الْمَتْرُوكُ ، كَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ ، وَأَنْشَدَ يَصِفُ الْمَغَارَةَ : غَوْرِيَّةٌ نَجْدِيَّةٌ تَصْعِيدُهُ تَصْوِيبُهُ مُتَشَابِهٌ مَلْعُونُ يَصِفُ طَرِيقًا تَرَكَ سُلُوكَهُ ، حَتَّى اشْتَبَهَ ، وَصَارَ مَا ارْتَفَعَ مِنْهُ وَانْخَفَضَ شَيْئًا وَاحِدًا , فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ " أَيْ : مَتْرُوكَةٌ يَجِبُ تَرْكُهَا إِلا مَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ ، وَهُوَ مَا كَانَ عَدُّوهُ لِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَوْنًا عَلَى إِقَامَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " مَتْرُوكٌ " أَيْ : هِيَ مَتْرُوكُ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ وَالأَفَاضِلِ مِنَ النَّاسِ ، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوهَا ، وَرَفَضُوهَا ، وَأَعْرَضُوا عَنْهَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ | جابر بن عبد الله الأنصاري | صحابي |
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ | محمد بن المنكدر القرشي / ولد في :51 / توفي في :130 | ثقة |
سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ | سفيان الثوري | ثقة حافظ فقيه إمام حجة وربما دلس |
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو | عبد الملك بن عمرو القيسي / توفي في :204 | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ | عبد الله بن الجراح التميمي / توفي في :232 | صدوق حسن الحديث |
أَحْيَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَامْبَاتِيُّ | أحيد بن الحسين السلمي | ثقة |
بَكْرُ بْنُ حَمْدَانَ الْمَرْوَزِيُّ | بكر بن محمد الصيرفي | ثقة |