حَدَّثَنَا حَاتِمٌ . ح يَحْيَى ، ح الْخَيَّاطُ . ح حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمَّارٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي دُعَاءٍ طَوِيلٍ فِيهِ : " وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَغَسْلَ الْخَطَايَا وَتَمْحِيصَهَا وَكَفَّارَتِهَا " ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْمِحَنِ وَالْبَلايَا فِي الدُّنْيَا ، وَيَكُونُ بِالشَّدَائِدِ وَالأَهْوَالِ فِي الآخِرَةِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِالنَّارِ ، وَيَكُونُ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : كَفِّرْ خَطَايَايَ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : أَوْ مِنْ بَرَدِ عَفْوِكَ ، فَعَبَّرَ عَنِ الْعَفْوِ بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ، وَالْبَرَدُ هُوَ الرَّوْحُ وَالْمَحْبُوبُ ، وَتَكْفِيرُ الْخَطَايَا بِالْعَفْوِ رَوْحٌ وَرَاحَةٌ وَمَحْبُوبٌ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ " كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْكَلِمَتَيْنِ تُؤَيِّدُ صَاحِبَتَهَا . وَالتَّأْوِيلُ الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِيهَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ : " أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ " أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ بِهَا ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ " أَنَّهُ أَرَادَ تَكْفِيرَهَا بِالْعَفْوِ وَالْفَضْلِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْ غَيْرِ أَلَمٍ وَشِدَّةٍ مِنْ حَرَازَةِ مِحَنِ الْمَكَانِ فِي الدُّنْيَا ، وَوَهَجِ النَّارِ فِي الْعُقْبَى . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا ، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ " الثَّوْبُ الأَبْيَضُ يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ الدَّنَسِ ، وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا بِلَوْنٍ آخَرَ دُونَ الْبَيَاضِ فَلا يَكَادُ يَظْهَرُ فِيهِ الأَثَرُ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا " أَيْ : أَذْهِبْ أَثَرَهَا وَمُرَادَهَا وَشَهَوَاتِهَا عَنْ قَلْبِي بَعْدَ تَكْفِيرِهَا ، فَلا يَبْقَى لَهَا قي قَلْبِي أَثَرٌ مِنْ لَذَّةِ تِلْكَ الْخَطَايَا ، وَشَهَوَاتِهَا ، وَإِنْ كَانَتِ الْخَطَايَا مَكْفُورَةً بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ ، فَإِنَّهَا إِذًا ذَهَبَتْ شَهْوَةُ الْمَعْصِيَةِ ، وَلَذَّتُهُ مِنَ الْقَلْبِ ، كَأَنْ قُمْنَا لا يَعُودُ إِلَيْهَا ، فَيَقُولُ : أَذْهِبْ لَذَّةَ الذُّنُوبِ وَشَهْوَةَ الْخَطَايَا الْمَكْفُورَةِ مِنْ قَلْبِي ، كَمَا أَذْهَبْتَ آثَارَ الدَّنَسِ مِنَ الثَّوْبِ الأَبْيَضِ إِذَا غُسِلَ ، فَلا أَعُودُ إِلَيْهَا آخِرَ الأَبَدِ . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى ، لأَنَّ الْفِعْلَ لِلثُّبُوتِ أَفْعَالُنَا ، وَذَهَابُ الدَّنَسِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنَ الْغَسْلِ نَسَبُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : " كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ " . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَيْ : كَمَا لا يَلْتَقِي الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ وَلا يَجْتَمِعَانِ ، كَذَلِكَ لا أَجْتَمِعُ مَعَ خَطَايَايَ ، وَلا يَكُونُ لِي مَعَهَا الْتِقَاءٌ بِمَعْنَى الْعَوْدِ إِلَيْهَا أَبَدًا . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ " الْكَسَلُ : فُتُورٌ فِي الإِنْسَانِ عَنِ الْوَاجِبَاتِ ، فَإِنَّ الْفُتُورَ إِذَا كَانَ فِي الْفُضُولِ وَمَا لا يَنْبَغِي فَلَيْسَ بِكَسَلٍ ، بَلْ هُوَ عِصْمَةٌ ، وَإِذَا كَانَ فِي الْوَاجِبَاتِ فَهُوَ كَسَلٌ ، وَهُوَ الثِّقَلُ ، وَالْفُتُورُ عَنِ الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ ، وَهُوَ الْخِذْلانُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ ، وَعَاتَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي التَّثَاقُلِ عَنِ الْوَاجِبِ ، وَالْفُتُورِ فِيهِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ سورة التوبة آية 38 . وَالْهَرَمُ : فُتُورٌ مِنْ ضِعْفٍ يَحِلُّ بِالإِنْسَانِ ، فَلا يَكُونُ بِهِ نُهُوضٌ ، فَفُتُورُ الْهَرَمِ فُتُورُ عَجْزٍ ، وَفُتُورُ الْكَسَلِ فُتُورُ تَثْبِيطٍ وَتَأْخِيرٍ ، فَاسْتَعَاذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ الْفُتُورِ فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ ، وَالْقِيَامِ بِوَاجِبِ الْحَقِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ، مِنْ جِهَةِ عَجْزِ ضَرُورَةٍ وَحِرْمَانٍ مِنْهَا مَعَ الإِمْكَانِ . وَالْمَأْثَمُ : تَضْيِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ ، وَالْمَغْرَمُ : تَضْيِيعُ حُقُوقِ الْعِبَادِ ، فَاسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ عِبَادِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْثَمُ إِتْيَانَ الْمَنَاهِي ، وَالْمَغْرَمُ تَرْكَ الأَوَامِرِ ، فَإِنَّ الْغَرَامَةَ إِنَّمَا يَلْزَمُ الْعَبْدُ فِي تَضْيِيعِ مَا اسْتُرْعِيَ ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم اسْتَعَاذَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبًا لِنَوَاهِيهِ مُضَيِّعًا لأَمْرِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَمَّارٍ | عمار بن ياسر العنسي / توفي في :37 | صحابي |
أَبِيهِ | السائب بن مالك الثقفي | ثقة |
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ | عطاء بن السائب الثقفي / توفي في :136 | صدوق حسن الحديث |
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ | حماد بن زيد الأزدي | ثقة ثبت فقيه إمام كبير مشهور |
الْخَيَّاطُ | يحيى بن عبد الحميد الحماني / توفي في :228 | ضعيف الحديث |
يَحْيَى | يحيى بن إسماعيل | مجهول الحال |
حَاتِمٌ | حاتم بن عقيل المراري | مجهول الحال |