حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ ، ح أَبُو عِيسَى ، ح هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، ح عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَدْعُو بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ ، وَعَذَابِ النَّارِ ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ ، وَمِنْ شَرِّ الْغِنَى ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ ، وَمِنْ سُوءِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ ، وَالْبَرَدِ ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ " فَالْفِتْنَةُ تَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ : أَحَدُهَا : وَهُوَ الأَلْيَنُ فِي هَذَا الْمَكَانِ هِيَ التَّصْفِيَةُ وَالتَّهْذِيبُ ، يُقَالُ : هَذَا ذَهَبٌ مَفْتُونٌ إِذَا دَخَلَ النَّارَ فَنُفِيَ عَنْهُ الْخَبَثُ ، وَيُقَالُ لِلصَّائِغِ : الْفَاتِنُ ، لأَنَّهُ يَفْتِنُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ، أَيْ يُصَفِّيهِمَا بِالنَّارِ ، وَيُزِيلُ الْخَبَثَ عَنْهُمَا ، كَذَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ . وَمَنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ سورة ص آية 34 ، مَعْنَاهُ هَذَّبْنَاهُ وَصَفَّيْنَاهُ مِنَ الأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ , وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ سورة ص آية 24 ، أَيْ : عَلِمَ أَنَّا هَذَّبْنَاهُ ، وَأَدَّبْنَاهُ ، وَنَبَّهْنَاهُ , فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ " أَيْ : أَنْ يَكُونَ تَصْفِيَتِي وَتَهْذِيبِي بِالنَّارِ وَتَأْدِيبِي بِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ يُكَفِّرُهَا اللَّهُ بِالْمِحَنِ وَالْبَلايَا فِي الدُّنْيَا ، وَبِالْمَصَائِبِ وَالأَمْرَاضِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ مَا لَهُ مِنْ ذَنْبٍ " وَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ وَالتَّمْحِيصُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْقَبْرِ ، وَفِي أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ ، وَيَكُونُ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ فَضْلا مِنَ اللَّهِ ، وَيَكُونُ شَفَاعَةُ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الأَسْبَابِ فَبِإِدْخَالِ النَّارِ ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِتْنَتِي وَتَمْحِيصِي مِنْ خَطَايَايَ وَكَفَّارَةُ ذُنُوبِي تَصْفِيَتِي مِنْهَا بِالنَّارِ ، وَلَكِنْ بِعَفْوِكَ وَفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ إِمَّا تَوْفِيقًا لِلتَّوْبَةِ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا ، أَوِ التَّجَاوُزِ فِي الآخِرَةِ ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ : " أَذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ " . وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَعَذَابِ النَّارِ " أَيْ : أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُعَاقِبَنِي بِهَا ، وَتُعَذِّبَنِي بِالنَّارِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : لا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا مِنَ الْكُفَّارِ الْمُلْحِدِينَ ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الْمُعَذَّبُونَ بِهَا ، فَأَمَّا الْمُوَحِّدُونَ فَهُمْ مُؤَدَّبُونَ بِهَا ، لا مُعَذَّبُونَ فِيهَا ، الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ قَالُوا : بِسْمِ اللَّهِ فَتَنْزَوِي النَّارُ عَنْهُمْ وَتَهْرَبُ وَتَقُولُ : مَا لِي وَأَهْلِ بِسْمِ اللَّهِ ، أَوْ كَلامًا هَذَا مَعْنَاهُ ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَائِدَةُ الدُّعَاءِ هُوَ الاضْطِرَارُ ، وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ ، لأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ ، وَنَدَبَ إِلَيْهِ ، فَمَنْ دَعَا شَيْئًا مِنَ اللَّهِ فَلا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ، أَوْ لَمْ يُقَدِّرْ ، فَإِنْ قَدَّرَ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ اضْطِرَارًا مِنْهُ ، فَهُوَ وَاجِبٌ ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنَ الدُّعَاءِ فِيمَا لَمْ يُقَدَّرْ . قَالَ : وَلَيْسَتْ حَالَةٌ فِي الطَّاعَاتِ أَشْرَفَ مِنْ حَالِ الدُّعَاءِ ، لأَنَّ الإِنْسَانَ رُبَّمَا يَشْغَلُ قَلْبَهُ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ فِي الصَّلاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهَا ، فَأَمَّا فِي حَالَةِ الدُّعَاءِ ، فَيُلْزِمُ جَوَارِحَهُ ، وَيَضْطَرُّ إِلَيْهِ ، فَأَيُّ حَالَةٍ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا . قَالَ : فَكَانَ دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لأَجْلِ الاضْطِرَارِ ، وَإِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ ، إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَغْفُورًا لَهُ كُلُّ ذَنْبٍ . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا ، فَإِنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ فِيهَا " وَأَمَّا قَوْمٌ يُرِيدُ بهم اللَّهُ الرَّحْمَةَ ، فَإِذَا أُلْقُوا فِيهَا أَمَاتَهُمْ ، حَتَّى يَأْذَنَ بِإِخْرَاجِهِمْ فَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِيهِ قَبْلُ ، وَذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
أَبِيهِ | عروة بن الزبير الأسدي / توفي في :94 | ثقة فقيه مشهور |
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ | هشام بن عروة الأسدي / ولد في :58 / توفي في :145 | ثقة إمام في الحديث |
عَبْدَةُ | عبدة بن سليمان الكوفي / توفي في :187 | ثقة ثبت |
هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ | هارون بن إسحاق الهمداني / توفي في :258 | ثقة |
أَبُو عِيسَى | محمد بن عيسى الترمذي / توفي في :279 | أحد الأئمة ثقة حافظ |
نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ | نصر بن الفتح الإشتيخني | مقبول |