اللهم اني احبهما فاحبهما


تفسير

رقم الحديث : 221

وَقَدْ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا ، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا " ، حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ . ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ . ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ . ح سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ . ح حَمَّادٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي سَفَرٍ ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسَكُمْ " ، وَذَكَرَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " أَمْ قَرِيبٌ أَنْتَ فَأُنَاجِيَكَ " أَيْ : أَنَا فِي صِفَةِ الْبُعْدِ عَنْكَ وَالإِقْصَاءِ أَوْ بِصِفَةِ الْقُرْبِ وَالإِدْنَاءِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : بَاعَدْتَنِي عَنْكَ وَأَقْصَيْتَنِي عَنْ بَابِكَ سَخَطًا عَلَيَّ فَأُنَادِيَكَ صَارِخًا ، وَأَدْعُوكَ جَاهِرًا مُسْتَغِيثًا مِنْ بُعْدِكَ وَالْفِرَاقِ مِنْكَ ، أَوْ أَدْنَيْتَنِي مِنْكَ ، وَقَرَّبْتَنِي إِلَيْكَ قَبُولا لِي ، وَرِضًا عَنِّي فَأُنَاجِيَكَ نَجْوَى الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْمُسْتَأْنِسِينَ ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بُعْدَهُ عَنِ اللَّهِ وَقُرْبَهُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْخَبَرِ عَلَى لَفْظِ بُعْدِ اللَّهِ عَنْهُ وَقُرْبِهِ مِنْهُ ، لأَنَّ مَنْ بَعُدْتَ عَنْهُ فَقَدْ بَعُدَ عَنْكَ ، وَمَنْ قَرُبْتَ مِنْهُ فَقَدْ قَرُبَ مِنْكَ ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : أَبْعَدْتَنِي عَنْكَ أَمْ أَدْنَيْتَنِي مِنْكَ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ : " أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي " ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ : إِنَّ عَلامَةَ مَنْ قَرَّبْتُهُ مِنِّي وَأَدْنَيْتُهُ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِي ، فَمَنْ وَجَدَ نَفْسَهُ لِي ذَاكِرًا ، فَلْيَعْلَمْ أَنِّي قَرَّبْتُهُ مِنِّي ، كَأَنِّي جَلِيسُهُ ، فَكَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَلَطَّفَ لَهُ ، وَرَأَفَ بِهِ ، وَتَعَطَّفَ عَلَيْهِ ، فَأَخْبَرَهُ عَنْ أَوْصَافِ الْقُرْبِ ، إِذْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ مُقَرَّبَهُ وَمُصْطَفَاهُ وَكَلِيمَهُ وَمُجْتَبَاهُ ، وَوَرَّى عَنْهُ أَوْصَافَ الْبُعْدِ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِعَلامَاتِ مَنْ بَاعَدَهُ عَنْهُ ، كَمَا أَخْبَرَهُ بِعَلامَةِ مَنْ قَرَّبَهُ مِنْهُ عَطْفًا عَلَيْهِ ، وَلُطْفًا بِهِ كَيْلا يُوحِشَهُ إِذْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ لا يُطِيقُ أَنْ يَسْمَعَ بِأَوْصَافِ الْبُعْدِ ، وَعَلامَاتِ الإِقْصَاءِ ، وَأَمَارَاتِ الطَّرْدِ ، وَلأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا مِنْهُ ، وَلا كَانَ عَلَيْهِ أَوْصَافُ مَنْ بَاعَدَهُ الْحَقُّ مِنْ نَفْسِهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي " أَخْبَرَهُ بِقُرْبِهِ مِنْهُ ، وَتَقْرِيبِهِ إِيَّاهُ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : كَيْفَ تَكُونُ بِأَوْصَافِ الْبُعْدِ مِنِّي وَأَنْتَ لِي ذَاكِرًا ، وَمَنْ كَانَ لِي ذَاكِرًا كُنْتُ لَهُ جَلِيسًا ، أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ مُنِعَ بِأَبْلَغِ غَايَاتِ الْقُرْبِ ، وَأَقْصَى نِهَايَاتِ الدُّنُوِّ إِلَيْهِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ : أَنْتَ مِنِّي بِالْقُرْبِ وَالدُّنُوِّ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْءِ مِنْ جَلِيسِهِ . وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحديث إِنَّ مَنْ ذَكَرَنِي جَلِيسِي ، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَتِ الْحَالَةُ مُكْتَسِبَةً ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلالَةُ الْخُصُوصِ وَالإِفْضَالِ عَلَى مَنْ آثَرَهُ اللَّهُ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُرَامَ مُجَالَسَتُهُ وَالدُّنُوُّ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْبُعْدِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ الْجَلِيسُ إِظْهَارًا لِفَضْلِهِ ، وَتَقَرُّبًا إِلَى عَبْدِهِ ، وَلُطْفًا بِذَاكِرِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ سورة المجادلة آية 7 ، وَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ سورة المائدة آية 54 ، جَلَّ اللَّهُ الْبَرُّ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ بِعِبَادِهِ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ

صحابي

أَبِي عُثْمَانَ

ثقة ثبت

أَيُّوبَ

ثقة ثبتت حجة

حَمَّادٌ

ثقة ثبت فقيه إمام كبير مشهور

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

ثقة إمام حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث

إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ

ثقة

خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ

مقبول

Whoops, looks like something went wrong.