وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ . ح نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا . ح عُمَارَةُ بْنُ الْحَسَنِ . ح سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا دُفِنَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَسَبَّحَ النَّاسُ مَعَهُ طَوِيلا ، ثُمَّ كَبَّرَ ، فَكَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مِمَّ سَبَّحْتَ ؟ قَالَ : " لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللَّهُ عَنْهُ " ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، لأَنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدِ اسْتَبْشَرَتِ الْمَلائِكَةُ بِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ " قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ : الاهْتِزَازُ : الْفَرَحُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ " ذَكَرَ الْفِتْنَةَ فِي هَذَيْنِ وَقَرَنَهَا بِالشَّرِّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا الابْتِلاءُ وَالاخْتِيَارُ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً سورة الفرقان آية 20 ، وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ مُوسَى : وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا سورة طه آية 40 أَيِ : اخْتَبَرْنَاكَ وَابْتَلَيْنَاكَ ، وَالاخْتِبَارُ وَالابْتِلاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالأَوْلِيَاءِ وَالأَنْبِيَاءِ لإِصْلاحِهِمْ وَإِرَادَةِ الْخَيْرِ بِهِمْ ، كَمَا قَالَ فِي شَأْنِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا سورة طه آية 40 وَفِي دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ سورة ص آية 24 ، وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ سورة ص آية 34 ، اخْتَبَرَهُمْ ، وَابْتَلاهَمْ لِيُعَذِّبَهُمْ وَيُصَفِّيَهُمْ ، وَالاخْتِبَارُ وَالابْتِلاءُ لِلْكَافِرِينَ وَالْجَاحِدِينَ إِرَادَةُ الشَّرِّ بِهِمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ سورة الدخان آية 17 وَقَالَ تَعَالَى : فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ سورة طه آية 85 أَيْ ضَلَّلْنَاهُمْ ، فَدَلَّ أَنَّ الاخْتِبَارَ يَكُونُ لإِرَادَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْخَيْرَ كَانَ الْغِنَى فِتْنَةً لَهُ ، أَيِ : اخْتِبَارًا لَهُ وَابْتِلاءً لِيَظْهَرَ مَكْنُونُ مَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ طَهَارَةِ سِرِّهِ وَصَفَاءِ قَلْبِهِ ، وَقِلَّةِ نَظَرِهِ إِلَى الدُّنْيَا ، فَلا يَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ ، وَلا يَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ ، قَالَ اللَّهَ تَعَالَى خَبَرًا عَنْ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ سورة النمل آية 40 ، وَمَنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ الشَّرَّ فَتَنَهُ بِالْغِنَى فَافْتَتَنَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْكِي عَنْ قَارُونَ : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي سورة القصص آية 78 ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً سورة الأنعام آية 44 . إِذًا فَالْغِنَى فِتْنَةٌ أَيِ : اخْتِبَارٌ وَابْتِلاءٌ لِلْخَيْرِ مِنَ الشَّرِّ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَفْتِنَنِي بِالْغِنَى أَيْ : تَبْتَلِيَنِي بِهِ إِرَادَةَ الشَّرِّ بِي ، وَكَذَلِكَ الْفَقْرُ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ شَرًّا وَخَيْرًا ، وَهُوَ بَلْوَى وَاخْتِبَارٌ اسْتَعَاذَ مِنْ شَرِّهِمَا ، وَلَمْ يَسْتَعِذْ مِنْ عَيْنِهِمَا ، لأَنَّ عَيْنَهُمَا قَدْ يَكُونَانِ خَيْرًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ " فِتْنَةٌ وَاخْتِبَارٌ لِيَزْدَادَ إِيمَانُ الْمُؤْمِنِ بِاللَّهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ أَعْوَرُ ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ " ، وَقَالَ " : " مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ " ، وَفِي رِوَايَةٍ : " ك ا ف ر يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ " ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَقْرَأْهُ ، وَالْكَافِرَ لا يَعْلَمُهُ ، فَيَفْتَتِنُ بِهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَبِعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْفَهَانَ عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ " فَاسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَرِّهِ ، وَذَكَرَ الْمَسِيحَ ، وَعَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ : الدَّجَّالُ ، لأَنَّهُمَا مَسِيحَانِ : مَسِيحٌ هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ وَحَبِيبُهُ ، وَمَسِيحٌ هُوَ عَدُوُّ اللَّهِ وَبَغِيضُهُ وَلَعِينُهُ ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا ، فَيَقُولُونَ لِلدَّجَّالِ : الْمِسِّيحُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ لا يَرَوْنَ ذَلِكَ شَيْئًا ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُمْ تَقْيِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسِيحُ بِذِكْرِ الدَّجَّالِ , وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ " ، وَالْعَرَبُ تُعَبِّرُ عَنِ الرَّاحَةِ وَالرَّوْحِ وَطِيبِ الْعَيْشِ بِالْبَرَدِ ، وَعَنْ ضِدِّهِ بِالْحَرِّ ، وَلِذَلِكَ قَالُوا لِلرَّوْحِ وَالرَّوْحَةِ : قُرَّةُ الْعَيْنِ ، وَلِلْغَمِّ وَالْحُزْنِ : سُخْنَةٌ الْعَيْنِ وَفِي الْحديث " وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ ، وَعَفْوَكَ ، وَبرْدَ الْعَيْشِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ | جابر بن عبد الله الأنصاري | صحابي |
مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ | محمد بن عبد الرحمن الأنصاري | ثقة |
مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ | معاذ بن رفاعة الأنصاري | صدوق حسن الحديث |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ | سلمة بن الفضل الأنصاري | صدوق كثير الخطأ |
عُمَارَةُ بْنُ الْحَسَنِ | عمار بن الحسن الهمداني / ولد في :169 / توفي في :242 | ثقة |
نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا | نصر بن زكريا البخاري | متهم بالوضع |
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ | محمد بن محمد بن محمود | مجهول الحال |