راس الحكمة مخافة الله تعالى


تفسير

رقم الحديث : 285

وَقَالَ : " إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى " تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا " أَيْ : تَخْضَعُ وَتَتَوَاضَعُ لِلْعِلْمِ وَأَهْلِهِ ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْمُتَوَاضِعِ الْمُنْذَلِّ لِلْحَقِّ خَافِضُ الْجَنَاحِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة الشعراء آية 215 ، فَوَضْعُ الْجَنَاحِ عِبَارَةٌ عَنِ التَّوَاضُعِ ، وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ لأَهْلِ الْعِلْمِ خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ سَائِرِ عُمَّالِ اللَّهِ تَعَالَى ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْزَمَهَا ذَلِكَ فِي آدَمَ ، وَذَلِكَ لَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلائِكَةَ أَنَّهُ جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً اسْتَخْبَرَتْ وَسَأَلَتِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى جِهَةِ الاسْتِفْهَامِ ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْكُتُبِيَّةِ مِنَ الْكَلامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الاسْتِعْظَامِ إِنَّ خَلْقًا يَكُونُ مِنْهُمُ الْفَسَادُ وَسَفْكُ الدِّمَاءِ ثُمَّ يَكُونُ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ سورة البقرة آية 30 ، وَعَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الأَسْمَاءَ ثُمَّ قَالَ لِلْمَلائِكَةِ : أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ سورة البقرة آية 31 فَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ : سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا سورة البقرة آية 32 فَقَالَ لآدَمَ : أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ سورة البقرة آية 33 ، تَصَاغَرَتِ الْمَلائِكَةُ فِي نَفْسِهَا وَرَأَتْ فَضْلَ آدَمَ عَلَيْهَا ، وَأَلْزَمَهَا اللَّهُ الْخُضُوعَ لَهُ وَالسُّجُودَ ، فَسَجَدَتْ لَهُ خُضَّعًا مُتَواضِعِينَ ، فَتَأَدَّبَتِ الْمَلائِكَةُ بِذَلِكَ الأَدَبِ ، فَلَمَّا ظَهَرَ لَهَا عِلْمُ الْبَشَرِ خَضَعَتْ لَهُ وَتَوَاضَعَتْ ، وَتَذَلَّلَتْ إِعْظَامًا لِلْعِلْمِ وَأَهْلِهِ ، وَرِضَا مِنْهُمْ بِالطَّلَبِ لَهُ وَالشُّغُلِ بِهِ ، فَهَذَا بِالطُّلابِ مِنْهُمْ فَكَيْفَ بِالأَخْيَارِ فِيهِمُ الرَّبَّانِيِّينَ مِنْهُمْ ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ وَفِيهِمْ بِمَنِّهِ وَطَوْلِهِ إِنَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.