راس الحكمة مخافة الله تعالى


تفسير

رقم الحديث : 290

ح مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ ، قَالَ . ح سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ . ح مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ ، قَالَ . ح الأَعْمَشُ ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ جَالِسٌ ، فَلَمَّا رَآنِي أَقْبَلْتُ ، قَالَ : " هَلَكَ الأَكْثَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، هَلَكَ الأَكْثَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ " قَالَ : فَأَخَذَنِي غَمٌّ فَجَعَلْتُ أَتَنَفَّسُ ، فَقُلْتُ : هَذَا شَيْءٌ حَدَثَ ، قُلْتُ : مَنْ هُمْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، قَالَ : " الأَكْثَرُونَ إِلا مَنْ قَالَ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَخَلْفِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ فَيَتْرُكُ إِبِلا أَوْ غَنَمًا لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا إِلا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ حَتَّى تَطَأَهُ بِأَظْلافِهَا وَتَنْطَحَهُ بِقُرُونِهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ ، ثُمَّ يَعُودَ أُولاهَا عَلَى أُخْرَاهَا " ، فَإِنْ طَلَبَهَا لِيَطْلُبَ بِهَا الْبِرَّ ، وَفِعْلَ الصَّنَائِعِ ، وَاكْتِسَابَ الْمَعْرُوفِ كَانَ عَلَى خَطَرٍ ، وَتَرْكُهُ لَهَا أَبْلَغُ فِي الْبِرِّ ، فَقَدْ قِيلَ : يَا طَالِبَ الدُّنْيَا لِتَبَرَّ بِرُّكَ بِهَا بَرَّ فَقَدْ تَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ أَنَّ الطَّالِبَ لَهَا مِنْ وَجْهِهَا لِلضَّرُورَةِ لا غَيْرَ , فَإِنَّهُ قَدْ شُرِطَ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا الْحَلالُ ، وَمَا شَيْءٌ أَعَزَّ اللَّهُ مِنْ دِرْهَمٍ حَلالٍ ، قَالَ سُفْيَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا شَيْءٌ أَعَزَّ اللَّهُ الْيَوْمَ مِنْ دِرْهَمٍ وَافَى فِي اللَّهِ . فَفِي الْحَدِيثِ دَلالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى شَرَفِ الْفَقْرِ وَضَعَةِ الْغِنَى وَقُصُورِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْفَقْرِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْغِنَى الَّذِي هُوَ فُضُولُ الْمَالِ لَيْسَ إِلا كَثْرَةُ الْعَرَضِ ، وَحُطَامُ الدُّنْيَا ، وَلا يَكَادُ الْكَثْرَةُ مِنْهَا يَكُونُ إِلا بِالطَّلَبِ لَهَا وَالْجَمْعِ إِيَّاهَا ، وَالطَّالِبُ لِلاسْتِكْثَارِ مُتَوَعَّدٌ بِغَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَمَنْ حَصَلَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَهُوَ مُكْثِرٌ ، وَالْمُكْثِرُ هَالِكٌ إِلا مَنْ أَعْطَى يَمِينًا وَشِمَالا وَوَرَاءً ، وَلا يَكَادُ يَبْقَى الْمَالُ مَعَ الإِعْطَاءِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ . وَقَالَ بَعْضُ الْفَلاسِفَةِ لِرَجُلٍ افْتَخَرَ بِالْغَنَاءِ بِالْمَالِ ، فَقَالَ : مَا افْتِخَارُكَ بِشَيْءٍ يُتْلِفُهُ الْجُودُ وَيُمْسِكُهُ الْبُخْلُ . وَقَالَ آخَرُ وَرَأَى رَجُلا يَفْتَخِرُ عَلَى آخَرَ بِمَالِهِ ، فَقَالَ : مَا افْتِخَارُكَ بِشَيْءٍ يُعْطِيهِ الْبَخْتُ ، وَيَحْفَظُهُ اللَّوْمُ ، وَيُهْلِكُهُ السَّخَاءُ . أَنْشَدَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحَكِيمُ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَلأْتُ يَدِي مِنَ الدُّنْيَا مِرَارًا وَمَا طَمَعَ الْعَوَاذِلُ فِي اقْتِصَادِي وَلا وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاةُ مَالٍ وَهَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْجَوَادِ وَكَفَاكَ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَا الْمَالِ يَحْتَاجُ إِلَى التَّطْهِيرِ ، وَلَوْلا التَّدَنُّسُ بِهِ لَمْ تُطَهِّرْهُ الزَّكَاةُ قَالَ الله تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا سورة التوبة آية 103 . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ " . فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَتَدَنَّسُوا بِهَا ، لأَنَّهُمْ كَانُوا خَزَنَ اللَّهِ لا مُتَمِلِّكِينَ لِلأَمْوَالِ جَامِعِينَ لَهَا ، وَكَذَلِكَ الأَطْفَالُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَتَدَنَّسُوا بِهَا ، وَسَائِرُ الْمُكْثِرِينَ مِنْهَا يَحْتَاجُونَ إِلَى التَّطْهِيرِ مِنْ أَدْنَاسِهَا ، وَالْغُسْلِ مِنْ أَقْذَارِهَا ، وَالْمُتَخَلِّي مِنْهَا طَاهِرٌ مِنْ أَدْنَاسِهَا ، طَيِّبٌ مِنْ أَقْذَارِهَا ، غَنِيٌّ عَنِ التَّطَيُّرِ بِالزَّكَاةِ مِنْهَا ، آمِنٌ مِنَ الْوَعِيدِ بِكَيِّ الْجِبَاهِ وَالْجُنُوبِ بِهَا ، وَالْعَذَابِ عَلَى الْحَرَامِ مِنْهَا ، وَالْحِسَابِ عَلَى الْحَلالِ فِيهَا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِشَرَفِ الْفَقْرِ وَأَهْلِهِ كِتَابًا جَامِعًا يَشْتَمِلُ عَلَى الأَخْبَارِ وَالآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهِ ، وَالْحُجَجِ الْكَثِيرَةِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ وَالنَّظَرِ ، وَمَعْنَى الأَخْبَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْغَنَاءِ مَا أَغْنَى عَنِ الإِعَادَةِ هَا هُنَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ، وَمِنْهُ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي ذَرٍّ

صحابي

الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ

ثقة

الأَعْمَشُ

ثقة حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ

ثقة يحفظ

سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ

المحدث المسند أحد الثقات

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.