من اعجب الخلق ايمانا قالوا الملائكة يا رسول الله قال وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينو...


تفسير

رقم الحديث : 348

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ حُبِّكَ الشَّيْءَ مَا يُعْمِي ، وَمَا يُصِمُّ " ، حَدَّثَنَاهُ حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ ، قَالَ . ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ . ح الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ . ح ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَالْمُحِبُّ يُصِمُّ عَنِ الأَغْيَارِ ، وَيُعْمِي عَمَّا سِوَى الْمَحْبُوبِ الأَبْصَارَ ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْكِبَارِ : أَصَمَّنِي الْحُبُّ إِلا عَنْ تَسَاوُدِهِ فَمَنْ رَأَى حُبَّ حُبٍّ يُورِثُ الصَّمَمَا وَكُفَّ طَرْفِيَ إِلا عَنْ وِعَايَتِهِ وَالْحُبُّ يُعْمِي وَفِيهِ الْقَتْلُ إِنْ كُتِمَا وَقِيلَ لِقَيْسٍ الْمَجْنُونِ : أَتُحِبُّ لَيْلَى ؟ فَقَالَ : لا ، قِيلَ : لِمَ ؟ قَالَ : إِنَّ الْمَحَبَّةَ ذَرِيعَةُ الْوَصْلَةِ ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْوَصْلَةُ سَقَطَتِ الذَّرِيعَةُ ، فَأَنَا لَيْلَى ، وَلَيْلَى أَنَا ، قَالَ الشَّيْخُ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَنَا أَحْكِي لَكَ عَنِّي عَجَبًا فِي رُؤْيَا رَأَيْتُهَا ، رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ امْرَأَةً رَقِيقَةً مَمْشُوقَةً ، عَلَيْهَا مَلاحَةٌ ، وَلَهَا شَعْرٌ مَا رَأَيْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مِثْلَهُ طُولا وَغِلْظًا وَسَوَادًا ، فَخُيِّلَ لِي أَنَّهَا لَيْلَى ، وَهِيَ تُنْشِدُ أَشْعَارًا ، فَكُنْتُ حَفِظْتُ مِنْهَا أَبْيَاتًا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ، فَقُلْتُ لَهَا وَعَزَمْتُ عَلَيْهَا : أَخْبِرِينِي عَنْ قَيْسٍ ، فَقَالَتْ : كَانَ عُنْوَانَ حُبِّي وَكُنْتُ مَعْنَاهُ الَّذِي قَامَ بِهِ ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُ حَالٌ يُوصَفُ ، وَلا كَانَتْ لَهُ صِفَةٌ تُعْرَفُ ، فِي كَلامٍ كَثِيرٍ حَفِظْتُ مِنْهُ هَذَا . فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ أَحْوَالَ الْمُحِبِّ ، فَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى صَرَفَهُ عَنِ الأَشْيَاءِ إِلَيْهِ ، وَأَقْبَلَ بِهِ عَلَيْهِ ، فَأَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا أَحَبَّهُ اللَّهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ سورة المائدة آية 54 وَالْمُحْدَثُ لا يُطِيقُ تَحَمُّلَ أَعْبَاءِ الْمَحَبَّةِ ، لأَنَّهَا تُفْنِيهِ ، فَإِذَا أَفْنَتْهُ مَحَبَّةُ اللَّهِ عَنْ نَفْسِهِ أَنْشَأَهُ اللَّهُ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ خَلْقًا جَدِيدًا ، فَأَفَادَهُ سَمْعًا بَدَلَ سَمْعِهِ ، وَبَصَرًا بَدَلَ بَصَرِهِ ، وَيَدًا بَدَلَ يَدِهِ ، وَأَيَادِيَ أَقْوَى مِنْ أَيْدِهِ ، فَلا يُبْصِرُ إِلا رَبَّهُ ، وَلا يَسْمَعُ إِلا مِنْهُ ، وَلا يَبْطِشُ إِلا لَهُ ، وَلا يَقْوَى إِلا فِيهِ ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ : " يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ ، وَيَسْتَنْصِحُنِي فَأَنْصَحُ لَهُ " ، لأَنَّهُ لا يَعْرِفُ لَهُ مَوْلًى ، وَلا وَلِيًّا إِلا إِيَّاهُ ، وَلا يَرَى فِي الدَّارَيْنِ لَهُ غَيْرَهُ ، فَمَنْ يَدْعُو سِوَاهُ وَمَنْ يُجِيبُهُ إِلا هُوَ ، إِذْ لَيْسَ عِنْدَهُ مُجِيبًا لَهُ إِلا رَبُّهُ ، وَلا مَدْعُوًّا إِلا مَحْبُوبُهُ . وَقَوْلُهُ : " يَسْتَنْصِحُنِي فَأَنْصَحُ لَهُ " ، لأَنَّهُ سَقَطَتْ عَنْهُ اخْتِيَارَاتُهُ ، وَمَاتَتْ فِيهِ شَهَوَاتُهُ ، وَبَطَلَتْ مِنْهُ إِرَادَتُهُ ، قَدْ ذُهِلَ عَنْ أَوْصَافِهِ ، وَشُغِلَ فِي مَحَبَّةِ مَحْبُوبِهِ عَنْ نُعُوتِهِ ، فَهُوَ لا يَهْتَدِي إِلَى مَصَالِحِ نَفْسِهِ ، وَلا يَتَخَيَّرُ فِي أَحْكَامِ مَوْلاهُ , فَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ ، وَأَلْقَى نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَقْبَلَ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اكْلأْنِي كِلاءَةَ الْوَلِيدِ " فَهَذَا اسْتِنْصَاحُهُ لَهُ ، فَهُوَ تَعَالَى يُصَرِّفُهُ فِي مَشِيئَتِهِ ، وَيَجْعَلُهُ فِي قَبْضَتِهِ ، وَيَحُوطُهُ بِعِصْمَتِهِ ، وَيُصَرِّفُهُ فِي مَحَابِّهِ ، فَهَذَا نُصْحُهُ لَهُ . وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : " إِنَّ مِنْ عِبَادِي لِمَنْ يُرِيدُ الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَصْرِفُهُ عَنْهُ كَرَاهَةَ أَنْ يَدْخُلَهُ عُجْبٌ فَيُفْسِدَهُ ذَلِكَ " هَذَا مَنْ نَصَحْتُ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لا يَتَصَرَّفُ فِي شَهَوَاتِ نَفْسِهِ ، وَلا يَشْتَغِلُ بِحُظُوظِهَا ، وَإِنَّمَا شُغْلُهُ بِمَوْلاهُ ، وَتَصَرُّفُهُ فِيمَا يَرْضَاهُ ، فَهُوَ يُرِيدُ الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ عِنْدَ غَلَبَةِ الاشْتِيَاقِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ حَبِيبُ اللَّهِ وَمَحْبُوبُهُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُحِبُّهُ ، وَالْمُحِبُّ يَغَارُ عَلَى مَحْبُوبِهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى غَيْرِهِ ، وَيَضِنُّ بِهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى سِوَاهُ ، فَالْعَبْدُ لِغَلَبَةِ الاشْتِيَاقِ عَلَيْهِ يَقْصِدُ الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ بِاخْتِيَارِهِ وَإِرَادَتِهِ ، فَيَصْرِفُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّا اخْتَارَهُ إِلَى مَا اخْتَارَهُ لَهُ ، لِئَلا يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى غَيْرِهِ ، وَلا نَاظِرًا إِلَى نَفْسِهِ ، أَوْ يَرْجِعُ إِلَى اخْتِيَارِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَلَبِ مَرْضَاتِهِ ، وَاجْتِهَادًا فِي عِبَادَتِهِ لَهُ ، لأَنَّ الْعُجْبَ هُوَ النَّظَرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ الاسْتِحْسَانِ ، وَمَنِ اسْتَحْسَنَ شَيْئًا شُغِلَ بِهِ وَسَكَنَ إِلَيْهِ ، فَهُوَ تَعَالَى يَصْرِفُهُ عَمَّا يَسْكُنُ إِلَيْهِ ، وَيَشْغَلُهُ عَنْهُ ، لِيَكُونَ شُغُلُهُ بِهِ ، وَسُكُونُهُ إِلَيْهِ . وَقَوْلُهُ : " إِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلا الْغِنَى ، لَوْ أَفْقَرْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ " هَذَا أَيْضًا مِنْ نَصِيحَتِهِ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَحَبَّ الْمُؤْمِنَ لإِيمَانِهِ ، لأَنَّهُ لَمَّا أَحَبَّهُ كَتَبَ فِي قَلْبِهِ الإِيمَانَ ، وَحَبَّبَهُ إِلَيْهِ ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ، فَهُوَ عَزَّ وَجَلَّ يَصْرِفُهُ عَمَّا يُخِلُّ بِإِيمَانِهِ ، لِئَلا يَخْرُجَ فِي حُبِّهِ إِيَّاهُ شَيْءٌ ، وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ عِبَادَهُ عَلَى طَبَائِعَ مُخْتَلِفَةٍ وَأَوْصَافٍ مَتَفَاوِتَةٍ ، فَمِنْهُمُ الْقَوِيُّ ، وَمِنْهُمُ الضَّعِيفُ ، وَمِنْهُمُ الرَّفِيقُ ، وَمِنْهُمُ الْكَثِيفُ ، وَمِنْهُمُ الْوَضِيعُ ، وَمِنْهُمُ الشَّرِيفُ . فَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَلْبِهِ ضَعْفًا لا يَحْتَمِلُ الْفَقْرَ أَغْنَاهُ ، إِذْ لَوْ أَفْقَرَهُ إِيَّاهُ فَهُوَ عَزَّ وَجَلَّ يُغْنِيهِ ، فَيُقِرُّ بِهِ بِذَلِكَ مِنْهُ وَيُدْنِيهِ ، فَيَصُونُهُ بِغِنَاهُ مِنْ أَنْ يَنْصَرِفَ بِحَاجَتِهِ إِلَى سِوَاهُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ خَمْسًا : غِنًى مُطْغِيًا ، وَفَقْرًا مُنْسِيًا ، وَهَرَمًا مُفَنِّدًا ، وَمَرَضًا مُفْسِدًا , وَمَوْتًا مُجْهِزًا " ، فَإِذَا كَانَ الْفَقْرُ لِبَعْضِ النَّاسِ مُنْسِيًا ، صَرَفَ الْحَقُّ عَمَّنْ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ الْفَقْرَ ، لأَنَّهُ لا يُحِبُّ أَنْ يَنْسَاهُ حَبِيبُهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى غَيْرِهِ قَرِيبُهُ ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَلِمَ أَنْ لا يُصْلِحَ إِيمَانَهُ إِلا الْفَقْرُ أَفْقَرَهُ ، لأَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّ الْغِنَى يُطْغِيهِ ، وَأَنَّ الْفَقْرَ لا يُنْسِيهِ بَلْ يَشْغَلُ لِسَانَهُ بِذِكْرِهِ ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، وَقَلْبَهُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ، وَالالْتِجَاءِ إِلَيْهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبًّا ، وَسَحَّهُ عَلَيْهِ سَحًّا ، فَإِذَا دَعَاهُ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ : صَوْتٌ مَعْرُوفٌ ، وَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ : يَا رَبِّ عَبْدُكَ فُلانٌ ، اقْضِ لَهُ حَاجَتَهُ ، فَيَقُولُ : دَعُوا عَبْدِي فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ ، فَإِذَا قَالَ : يَا رَبِّ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَبَّيْكَ عَبْدِي وَسَعْدَيْكَ ، لا تَدْعُونِي بِشَيْءٍ إِلا اسْتُجِيبَ لَكَ ، وَلا تَسْأَلُنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكَ ، إِمَّا أَنْ أُعَجِّلَ لَكَ مَا سَأَلْتَ ، وَإِمَّا أَنْ أَدَّخِرَ لَكَ عِنْدِي أَفْضَلَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ أَدْفَعَ عَنْكَ مِنَ الْبَلاءِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ " ، وَالْفَقْرُ أَشَدُّ الْبَلاءِ ، وَأَعْظَمُ الْمِحَنِ ، فَإِنَّمَا يَفْعَلُ اللَّهُ ذَلِكَ بِعَبْدِهِ الَّذِي أَحَبَّهُ لِيَدْعُوَهُ فَيَسْمَعَ صَوْتَهُ دَاعِيًا لَهُ ، وَيَسْأَلَهُ وَيَرَاهُ مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ السَّقَمُ وَمِنَ الْبَلايَا وَالْمِحَنِ ، فَيُسْقِمُ اللَّهُ تَعَالَى حَبِيبَهُ لِيَدْعُوَهُ فِي الدُّنْيَا فَيُجِيبَهُ ، وَيَسْأَلُهُ فَيُعْطِيهِ ، وَيَشْغَلُهُ بِهِ عَمَّا يَشْغَلُهُ عَنْهُ ، وَيَصُبُّ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ صَبًّا كَمَا سَحَّ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا الْبَلاءَ سَحًّا .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي الدَّرْدَاءِ

صحابي

بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ

ثقة

خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ

ثقة

ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ

ضعيف الحديث

ابْنُ الْمُبَارَكِ

ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير

الْحِمَّانِيُّ

ضعيف الحديث

يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

مجهول الحال

حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.