حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ . ح ابْنُ نَجْدَةَ ، قَالَ . ح الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ . ح مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ أَوْ يَخْلُقُ قَوْمًا يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ " ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : خَيْرُ بَنِي آدَمَ التَّوَّابُونَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَالَ بَعْضُ الْكُبَرَاءِ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الإِنْسَانَ وَفِيهِ شُمُوخٌ وَعُلُوٌّ وَتَرَفُّعٌ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ أَبَدًا ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ لِنَفْسِهِ ، وَخَلَقَ سَائِرَ الأَشْيَاءِ لَهُ فَأَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نَظَرَهُ إِلَى رَبِّهِ ، وَإِعْرَاضَهُ عَمَّا سِوَاهُ لِذَلِكَ سَخَّرَ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ لِيَرْجِعَ عَنْ مَصَالِحِ نَفْسِهِ ، وَالشُّغْلِ بِهَا إِلَى رَبِّهِ بِالإِقْبَالِ عَلَيْهِ ، وَالْخَدْمَةِ لَهُ ، لأَنَّهُ أَقَامَ بِمَصَالِحِهِ قَوْمًا هُمْ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْهُ ، وَأَهْدَى لِمَصَالِحِهِ ، وَأَعْلَمُ لِمَرَافِقِهِ مِنَ الْعَبْدِ ، وَجَعَلَ لَهُ حَظَّهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ مُعَقِّبَاتٍ فَكَفَاهُ رَبُّهُ كُلَّ مُؤْنَةٍ دِينِيَّةٍ وَدُنْيَاوِيَّةٍ ، بَعَثَ رُسُلا ، وَأَنْزَلَ كُتُبًا ، وَأَقَامَ شَرِيعَةً ، وَنَصَبَ لَهُ دُعَاةً ، وَجَعَلَ لَهُ شُفَعَاءَ مِنْ حَمَلَةِ عَرْشِهِ ، وَكِرَامِ مَلائِكَتِهِ ، لِيَتَفَرَّغَ الْعَبْدُ لِرَبِّهِ تَعَالَى إِقْبَالا عَلَيْهِ ، وَنَظَرًا إِلَيْهِ ، وَعَلِمَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَعَ هَذَا كُلِّهِ يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ ، وَيُقْبِلُ عَلَيْهَا إِعْجَابًا بِهَا ، وَعُكُوفًا عَلَيْهَا فَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا يَصْرِفُهُ إِلَيْهِ ، وَقَدَّرَ لَهُ مَا يَشْغَلُهُ بِهِ ، إِذَا شُغِلَ عَنْهُ وَصُرِفَ مِنْهُ مِنْ شَرٍّ يَعْمَلُهُ ، وَسُوءٍ يَأْتِيهِ ، وَمَعْصِيَةٍ يَرْتَكِبُهَا ، وَكَبِيرَةٍ يُوَاقِعُهَا ، وَصَغِيرَةٍ لا يَمْتَنِعُ مِنْهَا . يُنَبِّهُهُ لِنَظَرِهِ إِلَيْهِ ، وَيَبْعَثُهُ عَلَى إِقْبَالِهِ عَلَيْهِ : فَقَالَ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ سورة البقرة آية 222 ، وَقَالَ تَعَالَى : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ سورة النور آية 31 ، وَقَالَ جَلَّ جَلالُهُ : وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ سورة الزمر آية 54 . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ يَجِدُهَا بِأَرْضٍ فَلاةٍ " ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ " ، وَقَالَ : " السِّرُّ بِالسِّرِّ وَالْعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ " . أَخْبَرَ أَنَّ الشَّرَّ الَّذِي يَعْمَلُهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ، وَفِي حَالَيْنِ سِرًّا وَجَهْرًا ، فَالسِّرُّ أَفْعَالُ الْقُلُوبِ وَالْعَلانِيَةُ أَفْعَالُ الْجَوَارِحِ ، كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِذَا عَمِلْتَ شَرًّا بِسِرِّكَ فَأَحْدِثْ تَوْبَةً بِسِرِّكَ ، وَإِذَا عَمِلْتَ شَرًّا بِجَوَارِحِكَ فَأَحْدِثْ تَوْبَةً بِجَوَارِحِكَ ، فَأَفْعَالُ السِّرِّ مِنَ الذُّنُوبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ طَمَعٌ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ ، وَمَخَافَةٌ مِنْهُ وَرَجَاءٌ إِلَيْهِ وَمُعَادَاةُ أَوْلِيَائِهِ ، وَمُوَالاةُ أَعْدَائِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ سورة الممتحنة آية 1 . وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِ اللَّهِ حَسَدٌ لِمُؤْمِنٍ ، وَتُهْمَةٌ لِبَرِيءٍ ، وَبَغْيٌ عَلَى مُسْلِمٍ ، وَحِقْدٌ يُضْمِرُهُ ، وَسُوءٌ يُرِيدُهُ بِهِ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْدِثَ تَوْبَةً مِنْهَا بِسِرِّهِ بِاكْتِسَابِ مَا يُزِيلُهَا وَيُثَبِّتُ أَضْدَادَهَا ، لأَنَّ سَائِرَ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ مِنْ صَلاةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ وَأَمْثَالِهَا لا يُجْدِي عَلَيْهِ كَثِيرُ نَفْعٍ مِنْهَا مَعَ فَسَادِ السِّرِّ وَنَجَاسَةِ الْقَلْبِ ، فَإِنَّ الْقَلْبَ لا يَكَادُ يُطَهِّرُهَا بِأَفْعَالِ الْجَوَارِحِ . قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَكَمُ لأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنَّ الْجَرَائِمَ أَقْفَلَتْ بَابَ الْهُدَى فَالْعِلْمُ لَيْسَ بِفَاتِحٍ أَقْفَالَهَا إِنَّ الْقُلُوبَ تَنَجَّسَتْ بِبَطَالَةٍ فَالسَّعْيُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ أَفْعَالَهَا وَذُنُوبُ الْعَلانِيَةِ فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ وَالْعَبْدِ تَرْكُ مَا أَمَرَ بِهِ ، وَارْتِكَابُ مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ تَضْيِيعِ فَرْضٍ وَإِضَاعَةِ حَقٍّ ، وَمُجَاوَزَةِ حَدٍّ ، وَقُصُورٍ عَنْهُ . وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى : الْمَظَالِمُ وَالْجِنَايَاتُ قَوْلا وَفِعْلا ، وَتَوْبَةُ الْعَبْدِ مِنْهَا عَلانِيَةٌ مِنْ رَدِّ الْمَظَالِمِ وَالاسْتِحْلالِ مِنْ أَرْبَابِهَا ، وَالْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ مَحَالَتُهُمْ عَلَيْهِ ، وَقَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ مِنْ صَلاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ ، وَالانْتِهَاءِ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ وَإِخْرَاجِ مَا حَصَّلَ مِنْ مَالٍ ، أَوْ مَتَاعٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ سورة البقرة آية 279 . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمِخْيَطَ " ، لأَنَّهُ لا يَنْفَعُ الْعَبْدَ نَدَمُهُ بِسِرِّهِ عَلَى مَا مَضَى مَعَ إِقَامَتِهِ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْوَقْتِ ، وَتَوْبَتُهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْمَظَالِمِ بِسِرِّهِ مَعَ تَمَسُّكِهِ بِمَا فِي يَدَيْهِ . رُوِيَ فِي الْحديث " إِذَا قَالَ الْمُلَبِّي : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، وَعِنْدَهُ مَالٌ حَرَامٌ قِيلَ لَهُ : لا لَبَّيْكَ ، وَلا سَعْدَيْكَ حَتَّى تَرُدَّ مَا فِي يَدَيْكَ " لِذَلِكَ قَالَ السِّرُّ بِالسِّرِّ ، وَالْعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي أَيُّوبَ | أبو أيوب الأنصاري | صحابي |
أَبِي صِرْمَةَ | مالك بن أبي قيس المازني | صحابي |
مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ | محمد بن قيس القاص | ثقة |
لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ | الليث بن سعد الفهمي / ولد في :94 / توفي في :175 | ثقة ثبت فقيه إمام مشهور |
مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ | المعلى بن منصور الرازي / توفي في :211 | ثقة سني فقيه حافظ |
الْحِمَّانِيُّ | يحيى بن عبد الحميد الحماني / توفي في :228 | ضعيف الحديث |
ابْنُ نَجْدَةَ | أحمد بن نجدة الهروي | مجهول الحال |
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ | أحمد بن عبد الله المغفلي | ثقة |