لا تقبحوا الوجوه فان ادم على صورة الرحمن


تفسير

رقم الحديث : 69

قَالَ ح نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ ، قَالَ . ح أَبُو عِيسَى ، قَالَ . ح مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَبْهَانَ بْنِ صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ . ح رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ ، عَنْ أَبِي الْوَازِعِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْظُرْ مَا تَقُولُ " ، قَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، قَالَ : " إِنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا ، فَإِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا " أَيْ : إِنَّكَ ادَّعَيْتَ دَعْوَةً كَبِيرَةً ، وَمَنِ ادَّعَى شَيْئًا طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّكَ مُطَالَبٌ بِصِحَّةِ دَعْوَاكَ بِالاخْتِبَارِ لَكَ بِالصَّبْرِ تَحْتَ أَثْقَالِ الْفَقْرِ ، وَتَحَمُّلِ مَكْرُوهِهِ ، وَتَجَرُّعِ غَصَصِهِ ، فَاسْتَعِدَّ لِذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ : " انْظُرْ مَا تَقُولُ " ، كَأَنَّهُ يُنَبِّهُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ إِيَّاهُ ، أَنَّهُ أَمْرٌ لَهُ غَوْرٌ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِهَيِّنٍ ، وَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ إِنَّمَا يَقُولُ مَا يَقُولُ مِنْ غَفْلَةٍ لِعِظَمِ مَا ادَّعَاهُ ، وَحُسْبَانٍ مِنْهُ ، وَسَلامَةِ صَدْرٍ ، وَلَيْسَ يَقُولُهُ عَلَى التَّيَقُّظِ وَالْعِلْمِ وَتَحَقُّقِ مَعْنَاهُ . أَلا تَرَى أَنَّ فِي الحديث " أَنَّ رَجُلا أَتَاهُ " دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ ، وَمِنَ الَّذِينَ لَهُمْ فَضْلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعَارِفُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا " تَنْبِيهًا لَهُ وَحَثًّا عَلَى الْعَمَلِ ، وَاسْتِعْدَادًا لِفَقْرِ يَوْمِ الْحِسَابِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ : لا تَتَّكِلْ عَلَى ذَلِكَ ، وَاعْمَلْ كَيْ لا تَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ لَكَ عَمَلٌ ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا فَاطِمَةُ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا " ، حَثًّا لَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ ، وَتَرْكِ التَّفْرِيطِ فِيهِ ، اتِّكَالا عَلَى قُرْبِ النَّسَبِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلِمَ مِنَ الرَّجُلِ نَظَرًا إِلَى نَفْسِهِ ، وَإِلَى أَوْصَافِهَا بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ فَصَرَفَهُ عَنْ نَظَرِهِ إِلَى أَوْصَافِهِ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ وَالاتِّكَالِ عَلَيْهَا ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ دَعَاهُ إِلَى عَمَلٍ لِفَقْرِ يَوْمِ الْحِسَابِ ، وَعَمَلُهُ صِفَتُهُ ، فَإِنَّهُ دَعَاهُ إِلَيْهِ جِدًّا وَاجْتِهَادًا ، فَقَدْ دَعَاهُ عَنْهُ اتِّكَالا عَلَيْهِ ، وَسُكُونًا إِلَيْهِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فَقْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا " ، وَالتِّجْفَافُ إِنَّمَا يَكُونُ لِرَدِّ الشَّيْءِ ، وَالْحَوْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ ، وَفَقْرُ الدُّنْيَا لِمَنْ أَحَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَائِزَةٌ مِنَ اللَّهِ وَعَطَاءٌ ، وَعَطَاءُ اللَّهِ وَجَائِزَتُهُ لا تُرَدُّ ، فَدَلَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا " أَيْ لِفَقْرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِيَصْرِفَهُ عَنْكَ ، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْفَقْرَ الَّذِي هُوَ قِلَّةُ الْمَالِ ، وَالضُّرُّ ، وَعَدَمُ الْمَرَافِقِ ، وَهُوَ الْفَقْرُ الْمَعْرُوفُ ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا " أَيْ تِجْفَافًا تَصُونُهُ بِهِ ، وَتَدْفَعُ عَنْهُ مَا يَقْدَحُ فِيهِ مِنَ الْجَذَعِ فِيهِ ، وَالنَّكِرَةِ لَهُ ، وَالتَّشَوُّقِ لِمُرَادَتِهِ ، فَإِنَّ الْفَقْرَ جَائِزَةُ اللَّهِ لِمَنْ أَحَبَّنِي ، وَخِلْعَتُهُ عَلَيْهِ ، وَبِرُّهُ بِهِ ، وَإِكْرَامُهُ لَهُ ، وَتُحْفَتُهُ إِيَّاهُ ، وَجَزِيلُ الثَّوَابِ مِنْهُ عَلَى جَلِيلِ قَدْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَقْرَ زِيُّ أَنْبِيَائِهِ ، وَحِلْيَةُ أَوْلِيَائِهِ ، وَزِينَةُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَشِعَارُ الصَّالِحِينَ ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ : " إِنَّ هَذَا كَائِنٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " ، فَاسْتَعِدَّ لِقَبُولِهِ ، وَالاسْتِقْبَالِ لَهُ ، وَالاسْتِعْدَاد لِدَفْعِ مَا يَقْدَحُ فِيهِ مِنَ الصَّبْرِ فِيهِ ، وَالشُّكْرِ عَلَيْهِ ، وَالصَّوْنِ لَهُ ، وَالدَّفْعِ عَنْهُ تَعْظِيمًا لَهُ ، وَإِجْلالا لِقَدْرِهِ ، فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَإِنْ ذَكَرَ الْفَقْرَ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْمَكَارِهِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ خُصُوصَ الْفَقْرِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الإِمْلاكِ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ الْمَكَارِهِ وَأَنْوَاعَ الْمِحَنِ وَالْبَلايَا ، لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبًّا ، وَسَحَّهُ عَلَيْهِ سَحًّا " ، وَمَنْ أَحَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَحَبَّهُ اللَّهُ ، فَالْمُرَادُ مِنَ الْفَقْرِ الْمَكَارِهُ وَالْبَلايَا مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ خُصُوصَ الْفَقْرِ ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عَظِيمِ الْمَكَارِهِ ، وَجَلِيلِ الْبَلايَا عَبَّرَ عَنِ الْبَلاءِ وَالْمَكْرُوهِ بِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَجِلَّةَ مِنْهُمْ وَالْكِبَارَ لَمْ يَكُونُوا مَخْصُوصِينَ بِالْفَقْرِ ، وَعَدَمِ الإِمْلاكِ ، وَلَمْ يَكُونُوا مَجَانِبِينَ مِنَ الْبَلايَا الْعِظَامِ ، وَالْمَكَارِهِ الشِّدَادِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ

صحابي

أَبِي الْوَازِعِ

مقبول

شَدَّادٌ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ

صدوق حسن الحديث

رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ

ضعيف الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَبْهَانَ بْنِ صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ

مقبول

أَبُو عِيسَى

أحد الأئمة ثقة حافظ

نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ

مقبول

Whoops, looks like something went wrong.