لا تقبحوا الوجوه فان ادم على صورة الرحمن


تفسير

رقم الحديث : 76

وَقَالَتْ : وَقَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى " حِسَانِ الْوُجُوهِ " أَيِ الَّذِينَ وُجُوهُهُمْ طَلْقَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ بَسْطَةٌ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ صُدُورِهِمْ ، وَحُسْنِ أَخْلاقِهِمْ ، وَتَحَرِّيهِمْ مَسَرَّةَ النَّاسِ ، وَمَنِ اتَّسَعَ صَدْرُهُ لا يَصْعُبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَاجَةِ لأَخِيهِ ، وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ اسْتَحْيَا مِنَ الرَّدِّ ، وَمَنِ اتَّسَعَ صَدْرُهُ يَسْخُو بِمَا فِي يَدَيْهِ ، فَإِنَّ الْبُخْلَ مِنْ ضِيقِ الصَّدْرِ ، لأَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى مَا يُطْلَبُ مِنْهُ فَيَتَمَسَّكُ بِهِ ضَنًّا بِهِ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ لِضِيقِ صَدْرِهِ عَنْ تَحَمُّلِ الْخَصَاصَةِ إِنْ دُفِعَ إِلَيْهَا ، وَمَنْ تَحَرَّى مَسَرَّةَ النَّاسِ يَتَسَارَعُ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ ، لأَنَّ طَلاقَةَ وَجْهِهِ وَبَسْطَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ مَسَرَّةَ النَّاسِ ، وَيَطْلُبُ مَحَابَّهُمْ ، وَقَضَاءُ حَوَائِجِهِمْ مَسَرَّتَهُمْ وَمَحَابَّهُمْ . الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الحديث " مَحَاسِنِ الأَخْلاقِ " وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : " اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ " ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ إِلَى اللَّهِ وَكُونُوا عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ أَيْ : وُجُوهَ أَحْوَالِهِمْ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : خَالِطُوا الَّذِينَ حَسُنَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي مُعَامَلَتِهِمْ لِلَّهِ فِي قَضَاءِ فُرُوضِهِ ، وَاجْتِنَابِ مَنَاهِيهِ ، وَقَبُولِ أَحْكَامِهِ ، وَحُسْنِ مُعَامَلَتِهِمْ عِبَادَ رَبِّهِمْ فِي تَحَمُّلِ أَذَاهُمْ ، وَطَلَبِ مَحَابِّهِمْ ، وَكَفِّ الأَذَى عَنْهُمْ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : كُونُوا عِنْدَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ سورة التوبة آية 119 ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الأَبْرَارَ " كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْخُلْطَةَ أَيْ : خَالِطُوا الأَبْرَارَ مِنَ النَّاسِ ، وَكُونُوا مَعَهُمْ . يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَالِطُوا الْحُكَمَاءَ " ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ " أَيِ : اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ مِنَ اللَّهِ وَكُونُوا عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ ، أَيْ : كُونُوا مَعَ الصَّالِحِينَ . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " أَيْ : جَمِيلُ الأَفْضَالِ بِكُمْ ، حَسَنُ النَّظَرِ لَكُمْ ، مُرِيدٌ لِصَلاحِكُمْ ، جَمِيلُ الْمُعَامَلَةِ مَعَكُمْ ، يَرْضَى بِالْقَلِيلِ ، وَيُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ ، وَيَقْبَلُ الْحَسَنَاتِ الْمَدْخُولَ عَلَيْهَا ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ الْمَسْكُونِ إِلَيْهَا ، يُكَلِّفُكُمُ الْيَسِيرَ وَيُعِينُكُمْ عَلَيْهِ ، وَيُعْطِيكُمُ الْجَزِيلَ ، وَيَشْكُرُكُمْ عَلَيْهِ ، وَلا يَمُنُّ عَلَيْكُمْ ، وَتَعْطُونَ الْقَلِيلَ وَيَشْكُرُكُمْ ، فَهُوَ يُحِبُّ الْجَمَالَ مِنْكُمْ أَيِ : التَّجَمُّلَ مِنْكُمْ فِي قِلَّةِ إِظْهَارِ الْحَاجَةِ إِلَى غَيْرِهِ ، فَإِنَّهُ قَامَ لَكُمْ بِهَا ، وَمَا زُوِيَ عَنْكُمْ زَوَاهَا نَظَرًا لَكُمْ ، وَإِرَادَةَ الْخَيْرِ بِكُمْ ، فَتَجَمَّلُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ ، وَلا تَشْكُوهُ إِلَى غَيْرِهِ بِإِظْهَارِ حَوَائِجِكُمْ ، فَهُوَ جَمِيلُ الْفِعْلِ بَيْنَكُمْ ، يُحِبُّ التَّجَمُّلَ مِنْكُمْ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " أَنَّهُ جَمِيلُ الْفِعْلِ ، أَيْ يَخْلُقُهُ كَمَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ قَضَاءُ حَاجَاتِ الْخَلْقِ ، فَيُحِبُّ مِنْكُمْ هَذِهِ الصِّفَةَ أَيْ : يُحِبُّ مِنْكُمْ قَضَاءَ حَوَائِجِ إِخْوَانِكُمْ ، وَهُوَ الْجَمَالُ ، وَبِهِ الْجَمَالُ لَكُمْ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ إِلَى حِسَانِ الْوُجُوهِ " أَيِ : اطْلُبُوا حَوَائِجَكُمْ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ وُجُوهِ إِخْوَانِكُمْ ، أَيْ : إِذَا كُنْتُمْ عِنْدَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ بِالْحُبِّ لَهُمْ ، وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلاقِهِمْ ، شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ لَكُمْ فَقَضَى حَوَائِجَكُمْ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا " وَكَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هُمْ قَوْمٌ لا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.