ثلاثة لا ينظر الله تعالى اليهم يوم القيامة الحالف بعد العصر كذبا ومدمن الخمر والمنان...


تفسير

رقم الحديث : 115

قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ . ح إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالَ . ح أَبِي ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ سَالِمًا ، يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْحَالِفُ بَعْدَ الْعَصْرِ كَذِبًا ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُ الْوَقْتِ لِلْحَلِفِ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ أَرَادَ بِهِ خَتْمَ عَمَلِهِ ، لأَنَّ بَعْدَ الْعَصْرِ آخِرُ النَّهَارِ ، وَحَلِفُهُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَتْمُ عَمَلِ نَهَارِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ " وَفِي رِوَايَةٍ " خَوَاتِمُهَا " . وَقَالَ : " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا قَيْدُ شِبْرٍ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ " ، فَهَذَا الْحَالِفُ فِي آخِرِ نَهَارِهِ قَدْ خَتَمَ نَهَارَهُ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ ، فَلا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ . وَكَذَلِكَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، لأَنَّ مَنْ أَدْمَنَ عَلَى عَمَلٍ ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ عَمَلِهِ ، وَلَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاصِرَ الْخَمْرِ وَمُعْتَصِرَهَا " ، وَالْمُدْمِنُ لَهَا جَامِعٌ لِهَذِهِ الأَوْصَافِ ، فَهُوَ جَامِعٌ لِهَذِهِ الْمَلاعِنِ كُلِّهَا ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهَا ، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِهِ . وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى مُنَازِعٌ لِلَّهِ تَعَالَى صِفَتَهُ الَّتِي لا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ ، لأَنَّ الْمِنَّةَ بِالْعَطَاءِ لا يَسْتَحِقُّهَا إِلا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ ، لأَنَّهُ يُعْطِي مِنْ مُلْكِ نَفْسِهِ ، وَيُعْطِي مَا يُعْطِي مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ إِذْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ ، فَإِذَا أَعْطَى مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَأَعْطَى مِنْ مُلْكِهِ لا مِنْ مُلْكِ غَيْرِهِ اسْتَحَقَّ الامْتِنَانَ ، فَأَمَّا مَنْ دُونَهُ فَإِنَّهُ إِذَا أَعْطَى أَعْطَى مِنْ مُلْكِ غَيْرِهِ ، لا مِنْ مُلْكِ نَفْسِهِ ، لأَنَّ مَا فِي أَيْدِي الْعِبَادِ فَمُلْكُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَا أَعْطَى أَعْطَى بِوُجُوبٍ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِ الإِعْطَاءَ ، وَمَنْ أَعْطَى مَا أَعْطَى مِنْ مُلْكِ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَى مَنْ أَعْطَى ، وَمَنْ أَعْطَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَوْجِبِ الْمِنَّةَ ، فَهُوَ إِذَا مَنَّ بِمَا أَعْطَى كَأَنَّهُ ادَّعَى لِنَفْسِهِ الْمُلْكَ وَالْحُرِّيَّةَ ، وَانْتَفَى مِنَ الْعُبُودِيَّةِ ، وَنَازَعَ اللَّهَ تَعَالَى فِي صِفَتِهِ ، فَلا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى سورة البقرة آية 264 وَقَوْلُهُ : " لا يَنْظُرُ اللَّهُ تَعَالَى " يُفْهَمُ أَيْ : لا يَرْحَمُهُمْ ، وَلا يَتَحَنَّنُ عَلَيْهِمْ ، وَمَعْنَاهُ أَنْ لا يَرْحَمَ رَحْمَةً لا يُعَذِّبَهُمْ ، وَلا يَرْحَمَهُمْ رَحْمَةً لا يُخَلِّدَهُمْ فِي النَّارِ ، فَيَجُوزُ أَنْ لا يَرْحَمَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَلا يَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ فَيُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ بِأَنْ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ، وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ، وَلَمْ يَرْحَمْهُمْ إِذَا أُدْخِلُوا حُفَرَهُمْ ، فَقَدْ قِيلَ : أَرْحَمُ مَا يَكُونُ اللَّهُ بِعَبْدِهِ إِذَا دَخَلَ حُفْرَتَهُ ، وَرَجَعَ عَنْهُ مُشَيِّعُوهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ لا يَرْحَمَهُ فِي قَبْرِهِ وَيَرْحَمَهُ فِي الْقِيَامَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ لا يَرْحَمَهُمْ فِي الْقِيَامَةِ وَيَرْحَمَهُمْ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ يَرْحَمَهُمْ بَعْدَ أَنْ يُدْخِلَهُمُ النَّارَ ، ثُمَّ يَرْحَمَهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ، فَيُخْرِجَهُمْ مِنَ النَّارِ ، وَقَدِ امْتُحِشُوا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ . وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الآخَرِ : " فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ " إِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ وَالْجُحُودُ وَالشِّرْكُ الَّذِي لا يَجُوزُ أَنْ يَغْفِرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، لأَنَّ أَهْلَ النَّارِ عَلَى الإِطْلاقِ هُمُ الْمُخَلَّدُونَ فِيهَا ، وَلا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ إِلا كُلُّ كُفَّارٍ أَثِيمٍ ، فَأَمَّا أَهْلُ الصَّلاةِ فَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، لأَنَّهُمْ إِلَيْهَا صَائِرُونَ ، وَفِيهَا مُخَلَّدُونَ ، وَدُخُولُهُمُ النَّارَ تَأْدِيبٌ لَهُمْ وَتَطْهِيرٌ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا ، فَإِنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ فِيهَا ، وَأَمَّا قَوْمٌ يُرِيدُ اللَّهُ بِهِمُ الرَّحْمَةَ ، فَإِذَا أُلْقُوا فِيهَا أَمَاتَهُمْ " الْحَدِيثَ ، فَأَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ هُمُ الأَشْقَوْنَ الَّذِينَ يَصِلُونَ النَّارَ الْكُبْرَى فَلا يَمُوتُونَ وَلا يَحْيَوْنَ ، وَهُمُ الكُفَّارُ ، وَأَمَّا أَهْلُ الصَّلاةِ فَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ بِالْحَقِيقَةِ ، فَإِذَا كَانَ أَهْلُ النَّارِ هُمُ الْكُفَّارَ كَانَ عَمَلُ أَهْلِ النَّارِ عَلَى الإِطْلاقِ ، أَوْ قَدْ يَجُوزُ وُقُوعُهَا مِنَ الأَوْلِيَاءِ ، وَأَفَاضِلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلا يَجُوزُ وُقُوعُ الْكُفْرِ مِنْهُمْ ، إِذْ لا يُجَامِعُ الْكُفْرُ الإِيمَانَ ، وَقَدْ تُجَامِعُ الْمَعْصِيَةُ الَّتِي هِيَ دُونَ الْكُفْرِ الإِيمَانَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا سورة التحريم آية 8 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ سورة الصف آية 2 ، وَأَمْثَالُهَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

صحابي

سَالِمًا

ثقة ثبت

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ

مقبول

عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

ثقة

أَبِي

مقبول

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ

صدوق يخطئ

الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.