الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ما كان منها لله


تفسير

رقم الحديث : 107

قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ ، قَالَ : ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ . ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ . ح إِسْحَاقُ وَهُوَ حَازِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُمَيْسِيُّ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : الْحُمَسِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ قَلْبِ آدَمِيٍّ إِلا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يُثَبِّتَهُ ثَبَّتَهُ ، وَإِذَا شَاءَ أَنْ يُقَلِّبَهُ قَلَّبَهُ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ فَلاةٍ فِي رِيحٍ عَاصِفٍ ، تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الرَّبَّ بِالأَصَابِعِ ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ بِالْيَدِ ، وَالسَّمْعِ ، وَالْبَصَرِ ، فَقَامَتِ الدَّلائِلُ عَلَى أَنَّ يَدَهُ وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ لَيْسَ بِجَوَارِحَ ، وَلا أَعْضَاءٍ ، وَلا أَصَابِعَ ، وَلا أَجْزَاءٍ ، إِذْ هُوَ عَزَّ وَجَلَّ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ فَرْدٌ بَعِيدٌ عَنْ أَوْصَافِ الْحَدَثِ ، وَعَنْ شِبْهِ الْمَخْلُوقِينَ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، فَعَلَيْنَا الإِيمَانُ بِهِ ، وَالْوَصْفُ لَهُ بِمَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِهِ ، وَنَفْيُ أَوْصَافِ الْحَدَثِ عَنْهُ ، وَتَنْزِيهُهُ عَنِ التَّشْبِيهِ ، وَالْكَيْفِيَّةِ وَالدَّرَكِ إِلا مِنْ حَيْثُ الإِقْرَارُ بِهِ وَالإِيمَانُ وَالتَّصْدِيقُ لَهُ ، فَكَذَلِكَ مَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنَ الإِصْبَعِ ، فَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ لَهُ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : الإِسْلامُ لَهُ ، وَالإِيمَانُ بِهِ ، وَالتَّصْدِيقُ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لَهُ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ ، وَيَلِيقُ بِهِ مِنْ غَيْرِ كَيْفِيَّةٍ ، وَلا إِدْرَاكٍ ، وَلا تَشْبِيهٍ . أَوَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَعْلَمُ الْخَلْقِ وَأَعْرَفُهُمْ وَبِأَوْصَافِهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى { 3 } إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى سورة النجم آية 3-4 ، فَالإِصْبَعُ صِفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْ صِفَاتِهِ الْعَدْلُ ، وَالْفَضْلُ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " بَيْنَ إصْبَعَيْنِ " أَيْ : بَيْنَ صِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَعْنِي الْفَضْلَ وَالْعَدْلَ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : وَيَعْنِي بِالصِّفَتَيْنِ الْعَدْلَ وَالْفَضْلَ لِقَوْلِهِ : يُقَلِّبُهَا ، فَيَكُونُ التَّقْلِيبُ عَنْ حَالَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : بَيْنَ حَالَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ مَرَّةً إِلَى كَذَا ، وَمَرَّةً إِلَى كَذَا ، كَمَا قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ : " يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ، فَإِذَا قَلَبَ قَلْبَ عَبْدٍ إِلَى هُدًى فَهُوَ فَضْلٌ مِنْهُ ، وَإِذَا قَلَبَهُ إِلَى ضَلالٍ فَهُوَ عَدْلٌ مِنْهُ " ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ " ، وَيَسْأَلُهُ التَّثْبِيتَ ، فَاللَّهُ تَعَالَى يُقَلِّبُ قُلُوبَ أَعْدَائِهِ بِعَدْلٍ ، وَالْعَدْلُ صِفَةٌ لَهُ ، فَهُوَ يُقَلِّبُ قُلُوبَهُمْ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ ، وَكُلُّهَا إِرَادَةُ الشَّرِّ بِهِمْ وَالضَّلالِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ سورة المائدة آية 41 ، فَهُوَ يَجْعَلُ فِي قُلُوبِهِمُ الْمَرَضَ ، وَيُقَلِّبُهَا مِنَ الْمَرَضِ إِلَى الزَّيْغِ ، وَمِنَ الزَّيْغِ إِلَى الدِّينِ ، وَالدِّينُ إِلَى أَنْ يَجْعَلَهَا فِي أَكِنَّةٍ ، وَمِنْهَا إِلَى الطَّبْعِ ، وَمِنَ الطَّبْعِ إِلَى الْخَتْمِ ، وَذَلِكَ عَدْلٌ مِنْهُ ، وَهُوَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا سورة البقرة آية 10 ، وَقَالَ جَلَّ جَلالُهُ : فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ سورة الصف آية 5 ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ سورة المطففين آية 14 ، وَقَالَ جَلَّ جَلالُهُ : وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً سورة الأنعام آية 25 ، وَقَالَ جَلَّ جَلالُهُ : بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ سورة النساء آية 155 ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ سورة البقرة آية 7 ، فَهُوَ عَزَّ وَجَلَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِالْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلَصِينَ ، وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ إِذْ هُوَ الْمَالِكُ لَهُمْ ، وَلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ، فَعَلَى هَذَا يُقَلِّبُ قُلُوبَ أَعْدَائِهِ ، وَمَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الشَّقَاءُ فَكَفَرَ وَجَحَدَ وَأَشْرَكَ وَنَافَقَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ عُلُوًّا كَبِيرًا ، وَيُقَلِّبُ قُلُوبَ أَوْلِيَائِهِ بِفَضْلِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ إِرَادَةَ الْخَيْرِ لَهُمْ لِيَهْتَدُوا وَيُوَفَّقُوا وَيَزِيدَهُمْ إِيمَانًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ سورة الفتح آية 4 وَتَثْبِيتًا لَهُمْ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ سورة إبراهيم آية 27 ، فَقُلُوبُ أَوْلِيَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلَصِينَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْهُ الْحُسْنَى تَتَقَلَّبُ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ ، وَاللِّينِ وَالشِّدَّةِ ، وَالْوَجَلِ وَالطُّمَأْنِينَةِ ، وَالْقَبْضِ الْبَسْطِ ، وَالشَّوْقِ وَالْمَحَبَّةِ ، وَالأُنْسِ وَالْهَيْبَةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُقَلِّبُهَا بِفَضْلِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ سورة الأنفال آية 2 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ سورة الزمر آية 23 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى سورة الحجرات آية 3 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ سورة النور آية 2 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ سورة الرعد آية 28 ، وَقَالَ : أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ سورة الزمر آية 22 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ سورة البقرة آية 165 وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ سورة البقرة آية 245 ، يَقْبِضُ قُلُوبَهُمْ بِالْخَوْفِ مِنْهُ ، وَيَبْسُطُهَا بِالأُنْسِ بِهِ وَالذِّكْرِ لَهُ ، فَقُلُوبُ عِبَادِهِ تَتَقَلَّبُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ الْعَدْلِ وَالْفَضْلِ ، وَهُوَ يُقَلِّبُهَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلالِ ، وَمِنْهُ التَّثْبِيتُ وَالإِزَالَةُ ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ، وَقُلُوبُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ تَتَقَلَّبُ بَيْنَ أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ بَيْنَ يَقِينٍ وَاضْطِرَابٍ ، وَغَفْلَةٍ وَتَيَقُّظٍ ، وَسُكُونٍ إِلَى الدُّنْيَا وَمَيْلٍ إِلَى الآخِرَةِ ، مَرَّةً إِلَى هَذَا ، وَمَرَّةً إِلَى هَذَا . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ قَلْبًا لأَنَّهُ يَتَقَلَّبُ . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَا مِنْ شَيْءٍ أَشَدُّ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ حِفْظِ الْقَلْبِ بَيْنَ مَا يَجُولُ حَوْلَ الْعَرْشِ ، حَتَّى تَرَاهُ يَجُولُ حَوْلَ الْحُشِّ . وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : إِنَّمَا عَلَى الْعَبْدِ ذَمُّ جَوَارِحِهِ ، وَحِفْظُ حُدُودِ اللَّهِ ، وَكَفُّ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ حَفِظَ اللَّهُ تَعَالَى قَلْبَهُ ، وَأَصْلَحَ سِرَّهُ ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : مَنْ صَلَّحَ ربانيته أَصْلَحَ اللَّهُ تَعَالَى جَوَانِبَهُ مَعْنَاهُ : مَنْ أَصْلَحَ ظَاهِرَهُ بِذَمِّ جَوَارِحِهِ ، وَحِفْظِ حَرَكَاتِهِ ، أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حِفْظِ قَلْبِهِ . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : اسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ ، وَاسْتَفْتِحْ بَابَ الْحُزْنِ بِطُولِ الذِّكْرِ ، وَاطْلُبْ رَاحَةَ الْبَدَنِ بِإِحْجَامِ الْقَلْبِ ، وَاطْلُبْ إِحْجَامَ الْقَلْبِ بِتَرْكِ خُلَطَاءِ السُّوءِ ، وَقِيلَ : مَوْتُ الْقَلْبِ بِالْجَهْلِ ، وَحَيَاةُ الْقَلْبِ بِالْعِلْمِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

صحابي

يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ

ضعيف زاهد

إِسْحَاقُ وَهُوَ حَازِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُمَيْسِيُّ

ضعيف الحديث

يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ

ضعيف الحديث

يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

مجهول الحال

حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.