ما سلمناهن منذ حاربناهن فمن ترك منهن خيفة فليس منا وامر بقتل الكلاب


تفسير

رقم الحديث : 153

قال المصنف رحمه الله حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ ، قَالَ . ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ . ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ . ح وَكِيعٌ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الرَّجُلَ يُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ، وَلا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ ، وَلا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلا الْبِرُّ " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى لَطَائِفَ يُحْدِثُهَا بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ لِيَصْرِفَ بِهَا وَجْهَهُ إِلَيْهِ ، وَيُقْبِلَ بِقَلْبِهِ عَلَيْهِ إِذَا شُغِلَ عَنْهُ بِاتِّبَاعِ شَهْوَةٍ ، وَالاشْتِغَالِ بِنَهْمَةٍ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ ، وَالْمُحِبُّ يُحِبُّ إِقْبَالَ مَحْبُوبِهِ عَلَيْهِ ، وَمُوَاجَهَتَهُ لَهُ ، وَانْصِرَافَهُ إِلَيْهِ ، وَيَكْرَهُ شُغْلَهُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ ، وَإِعْرَاضَهُ عَنْهُ ، فَالْمُؤْمِنُ إِذَا شُغِلَ بِنَهْمَتِهِ وَرَجَعَ إِلَى شَهْوَتِهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى غَيْرِ مَوْلاهُ حَرَمَهُ مَوْلاهُ رِزْقَهُ الَّذِي إِلَيْهِ ضَرُورَتُهُ ، وَبِهِ حَاجَتُهُ مِمَّا بِهِ قَوَامُهُ فِي مَعَايِشِهِ ، وَعَوْزٌ عَلَى أَمْرِ مَعَادِهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ زَجْرًا مِنْهُ لَهُ ، وَجَذْبًا إِلَيْهِ مِمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ ، وَصَرْفًا لَهُ عَمَّا شُغِلَ بِهِ إِلَى مَنْ شُغِلَ عَنْهُ ، وَتَأْدِيبًا أَنْ لا يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ كَالطِّفْلِ الَّذِي تَدَعُوهُ أُمُّهُ فَيُعْرِضُ عَنْهَا ، وَيَعْدُو إِلَى لَهْوٍ ، فَيَعْثُرُ ، فَيَقَعُ ، فَيَقُومُ ، فَيَعْدُو إِلَى أُمِّهِ بَاكِيًا ، وَيَتَلَحَّى إِلَيْهَا شَاكِيًا وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُ الذَّنْبَ بِشَهْوَةٍ تَغْلِبُهُ ، وَنَهْمَةٍ لا يُقَاوِمُهَا ، فَيَحْرِمُهُ رَبُّهُ رِفْقَهُ ، وَيَمْنَعُهُ رِزْقَهُ ، فَيَنْتَبِهُ فَيُعْرِضُ عَنْ شَهْوَتِهِ ، فَيَرْفُضُ نَهْمَتَهُ ، وَيُقْبِلُ عَلَى مَوْلاهُ ، وَالَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ ، وَأَشْرَكَ مَعَهُ غَيْرَهُ ، وَأَعْرَضَ بِقَلْبِهِ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ يَزِيدُهُ مِمَّا يُشْغَلُ بِهِ ، وَيَصْرِفُهُ عَنْهُ بُغْضًا لَهُ وَمَقْتًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا سورة آل عمران آية 178 ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ سورة الزخرف آية 33 ، لِيَشْغَلَهُمْ بِهَا عَنْهُ ، وَيُبَاعِدَهُمْ عَنْهُ ، فَمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ كَفَاهُ حَوَائِجَهُ ، وَسَهَّلَ لَهُ مَرَافِقَهُ ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فِي الاشْتِغَالِ بِمَا دُونَهُ عَنْهُ يَكْفِهِ مُؤَنَهُ ، وَيُخْرِجْهُ مِمَّا يَصْرِفُهُ عَنْهُ ، وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ لِئَلا يَشْغَلَهُ عَنْهُ شَاغِلٌ ، بَلْ يَكُونُ شُغْلُهُ بِهِ ، وَوَجْهُهُ إِلَيْهِ ، وَمَنْ شُغِلَ بشَيْءٍ دُونَهُ أَوْ بِهِ فَحَرَمَهُ رِزْقَهُ ، وَمَنْعَهُ رِفْقَهُ فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ ، وَيَرْجِعُ عَمَّا شُغِلَ بِهِ إِلَيْهِ , وَالرِّزْقُ الَّذِي يَحْرِمُهُ : الرِّفْقُ مِمَّا يَمْلِكُهُ ، أَوْ زَوَالُ مُلْكِهِ عَنْهُ ، وَأَنْ يَلْتَوِيَ عَلَيْهِ أَسْبَابُ رِزْقِهِ فَقُدِرَ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ عَلَيْهِ مَطْلَبُهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الرِّزْقِ الشُّكْرَ ، قَالَ تَعَالَى : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ سورة الواقعة آية 82 ، قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ : شُكْرُكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ، فَيَكُونُ حِرْمَانُ الرِّزْقِ حِرْمَانَ الشُّكْرِ عَلَى النِّعْمَةِ ، فَيُحْرَمُ الزِّيَادَةَ بِحِرْمَانِ الشُّكْرِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الزِّيَادَةِ فَهُوَ فِي النُّقْصَانِ وَقَوْلُهُ : " لا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَدَرُ سُبِقَ بِالدُّعَاءِ ، كَمَا سُبِقَ بِالْقَدَرِ ، فَيُصْرَفُ الْمَكْرُوهُ الْمَقْدُورُ بِالدُّعَاءِ الْمَقْدُورِ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسُئِلَ : أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرِقُّهَا ، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى هَلْ يَرُدُّ قَدَرَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ : " إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ " وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَدَرُ سَبَقَ بِأَنْ يُرَدَّ الْمَكْرُوهُ مِنَ الْقَدَرِ بِالدُّعَاءِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَكْرُوهُ مَقْدُورًا أَنْ يُصِيبَهُ ، وَيَقَعَ بِهِ ، فَإِنَّ الدُّعَاءَ يُزِيلُ تَسَخُّطَ ذَلِكَ الْمَكْرُوهِ ، وَيَكُونُ الرِّضَا بِهِ مَقْدُورًا كَمَا كَانَ الْمَكْرُوهُ مَقْدُورًا ، وَالْمَقْدُورُ إِنَّمَا يَكُونُ مَكْرُوهًا ، لأَنَّهُ مُؤْلِمٌ مَسْخُوطٌ ، شَدِيدُ التَّحَمُّلِ ، فَإِذَا زَالَ التَّسَخُّطُ صَارَ الْمَكْرُوهُ مَحْبُوبًا ، فَكَانَ الْمَكْرُوهُ الْمَقْدُورُ الْمُؤْلِمُ قَدْ صُرِفَ عَنْهُ ، وَجَرَى عَلَيْهِ مَقْدُورٌ مَحْبُوبٌ مُلِذٌّ ، كَالإِنْسَانِ يُسْقَى دَوَاءً فَيَتَكَرَّهُهُ لِمَرَارَتِهِ وَبَشَاعَتِهِ ، فَيَذُوقُهُ لا يَجِدُ لَهُ مَرَارَةً وَلا بَشَاعَةً ، فَيَتَلَذَّذُهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْمَكْرُوهُ مَحْبُوبًا بِالدُّعَاءِ ، لأَنَّ الدُّعَاءَ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، مِنْ قُرْبَةِ اللَّهِ إِلَيْهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أُذِنَ لَهُ بِالدُّعَاءِ لا يُحْرَمُ الإِجَابَةَ " فَالدَّاعِي مُقَرَّبٌ ، فَالْمُقَرَّبُ مُشَاهِدٌ ، أَمَّا إِنْ شَاهَدَ عَاقِبَةَ الْمَكْرُوهِ بِالثَّوَابِ الْمَوْعُودِ فِي الآجِلِ ، وَالْمَصْرُوفِ عَنْهُ بِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْعَاجِلِ ، أَوْ بِشُهُودِ الْمُقَدَّرِ لَهُ . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلا الْبِرُّ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبِرُّ مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْتِيَهُ , وَيَكُونَ زِيَادَةُ الْعُمُرِ مَقْدُورًا بِالْبِرِّ الْمَقْدُورِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْبِرُّ مَقْدُورًا لَمْ يَكُنْ زِيَادَةُ الْعُمُرِ مَقْدُورًا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةُ الْعُمُرِ حُسْنَ الْحَالِ فِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ ، وَالأَجَلِ الْمُؤَقَّتِ الَّذِي لا يَتَأَخَّرُ وَلا يَتَقَدَّمُ ، وَطِيبُ الْحَيَاةِ فِي مُدَّةِ الأَجَلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى سورة النحل آية 97 ، وَطِيبُ الْحَيَاةِ بِالارْتِفَاقِ فِي مَعَايِشِهِ ، وَاكْتِسَابِ الطَّاعَةِ لِمَعَادِهِ ، وَالْبِرُّ هُوَ الطَّاعَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَمَرَ ، وَالانْتِهَاءُ عَمَّا زَجَرَ ، وَالرِّضَا بِمَا حَكَمَ وَقَدَّرَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ سورة البقرة آية 177 إلَى قَوْلِهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ سورة البقرة آية 177 ، فَالتَّقْصِيرُ مِنَ الْعُمُرِ ، وَالْيَسِيرُ مِنَ الْمُدَّةِ ، وَإِذَا حَصَلَ مَعَ الطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَمْرِ الدِّينِ ، وَالرِّفْقِ فِي الْمَعَاشِ مِنَ الْكِفَايَةِ فِي الْمُؤْنَةِ ، وَصَوْنِ الْوَجْهِ ، وَكَانَ الْعَبْدُ مَحْمُولا فِي الْمَكَانِ مُيَسَّرًا لَهُ الْيُسْرَى ، مَعْرُوفًا عَنِ الْعُسْرَى ، صَارَ التَّقْصِيرُ مِنَ الْعُمُرِ طَوِيلا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْبِرِّ بِرُّ الْوَلَدِ بِوَالِدَيْهِ ، وَبِرُّ الرَّجُلِ وَلَدَهُ وَقَرَابَتَهُ وَجِيرَانَهُ ، وَمَنْ يُعَاشِرُهُمْ ، فَمَنْ حَسُنَتْ عِشْرَتُهُ خَلْقَ اللَّهِ طَابَتْ حَيَاتُهُ ، وَفَائِدَةُ الْعُمُرِ طِيبُ الْحَيَاةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ثَوْبَانَ

صحابي

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ

مقبول

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى

ثقة فيه تشيع

سُفْيَانَ

ثقة حافظ فقيه إمام حجة وربما دلس

وَابْنُ الْمُبَارَكِ

ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير

وَكِيعٌ

ثقة حافظ إمام

يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ

ضعيف الحديث

يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

مجهول الحال

حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.