وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ ، قَالَ . ح يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ . ح أَبُو هَارُونَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ . ح حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، قَالَ . ح مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ عَوْفَ بْنَ الْحَارِثِ ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي عَفْرَاءَ ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا يُضْحِكُ الرَّبّ عَنْ عَبْدِهِ ؟ قَالَ : " غَمْسَةُ يَدِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَاسِرًا " ، قَالَ : فَنَزَعَ دِرْعًا كَانَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْقَوْمِ ، فَقَتَلَ بَشَرًا كَثِيرًا ، ثُمَّ قُتِلَ " فَإِذَا وَرَدَتِ الأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَجَبَ عَلَيْنَا الإِيمَانُ بِهِ ، وَالتَّسْلِيمُ لَهُ ، وَنَفْيُ أَوْصَافِ الْحَدَثِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالتَّشْبِيهِ لَهُ بِخَلْقِهِ ، وَوَجَبَ حَمْلُ مَعْنَى هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ مَعْنَاهُ عَلَى الرِّضَا عَنْ عَبْدِهِ ، وَاخْتِصَاصِهِ لَهُ ، لأَنَّ الضَّحِكَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ السُّرُورِ ، وَمَنْ سَرَّهُ شَيْءٌ رَضِيَ بِهِ ، وَاخْتَصَّهُ لِنَفْسِهِ ، وَأَثَرُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ : مَا يُضْحِكُ الرَّبَّ عَنْ عَبْدِهِ ؟ أَيْ : يُرْضِيهِ مِنْهُ ، فَيَجْعَلُهُ أَثَرًا عِنْدَهُ ، فَدَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا يَرْضَى بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَفْعَالِ عِبَادِهِ ، وَيَجْعَلُهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ ، وَالْمُؤْثِرِينَ لَهُ ، وَهُوَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِتَالٌ فِي أَعْدَائِهِ مُعْرِضًا عَنْ نَفْسِهِ مُسْتَحْفِيًا بِهَا ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " حَاسِرًا " ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ سورة آل عمران آية 169 ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ عِنْدَهُ ، وَأَنَّهُ اخْتَصَّهُمْ بِمَا لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ غَيْرَهُمْ ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ سورة القمر آية 55 ، وَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا سورة الكهف آية 65 ، وَقَالَ تَعَالَى : وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى سورة ص آية 25 ، كُلُّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الاخْتِصَاصِ ، وَالإِيثَارِ ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : " يَضْحَكُ إِلَيْكَ " ، أَيْ : يُسَرُّ بِقُدُومِهِ عَلَيْكَ ، وَيُحِبُّ لِقَاءَكَ ، وَيَرْضَى ثَوَابَكَ " وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ " ، تَرْضَى عَنْهُ ، وَتَلْقَاهُ بِالْقَبُولِ ، وَتُحِبُّ لِقَاءَهُ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّجَلِّي لِعَبْدِهِ ، وَكَشْفُ الْحُجُبِ عَنْهُ ، فَيَرَاهُ عَيَانًا ، كَمَا وَرَدَتِ الأَخْبَارُ بِهِ ، وَكَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ سورة القيامة آية 22 ، فَيَكُونُ مَعْنَى الضَّحِكِ إِلَيْهِ التَّجَلِّي لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الضَّحِكَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الظُّهُورِ ، فَيُقَالُ : ضَحِكَ الْفَجْرُ إِذَا ظَهَرَ ، وَضَحِكَ السَّحَابُ إِذَا انْكَشَفَ ، فَأَبْدَى عَنِ السَّمَاءِ ، وَضَحِكَ الشَّيْبُ بِرَأْسِهِ ، أَيْ : ظَهَرَ وَبَدَا ، قَالَ دِعْبِلُ بْنُ عَلِيٍّ : لا تَعْجَبِي يَا سَلمَ مِنْ رَجُلٍ ضَحِكَ الْمَشِيبُ بِرَأْسِهِ ، فَبَكَى فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : " يَضْحَكُ " ، أَيْ : يَقْدَمُ عَلَيْكَ فَرَحًا بِلِقَائِكَ مَسْرُورًا بِقُدُومِهِ عَلَيْكَ ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ ، أَيْ : تَتَجَلَّى لَهُ ، وَتَكْشِفُ الْحُجُبَ عَنْهُ ، فَيَرَاكَ ، وَيَنْظُرُ إِلَيْكَ ، كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ ، حَيْثُ قَالَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : " مَا كَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدًا إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَأَنَّهُ أَحْيَا أَبَاكَ ، فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِدْرَارَ الرَّحْمَةِ عَلَى عَبْدِهِ ، كَمَا تَدُرُّ السَّمَاءُ الْمَطَرَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ، فَقَدْ يُقَالُ : ضَحِكَ السَّحَابُ إِذَا صب ماؤه ، وأمطر لأن الماء في السحاب كامن فإذا صبه وبدا ، وَقَدْ يُقَالُ : ضَحِكَ وَبَكَى إِذَا أُمْطِرَ ، قَالَ الشَّاعِرُ : سَحَابَةُ صَادِقَةُ الأَنْوَاءِ عَقِبٌ بَيْنَ الضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَوْفَ بْنَ الْحَارِثِ | حارث بن عوف الليثي | صحابي |
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ | سليمان بن يسار الهلالي | ثقة |
بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ | بكير بن عبد الله القرشي | ثقة |
مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ | مصعب بن محمد القرشي | صدوق حسن الحديث |
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ | مالك بن أنس الأصبحي / ولد في :89 / توفي في :179 | رأس المتقنين وكبير المتثبتين |
حَبِيبٌ | حبيب بن أبي حبيب الحنفي | متهم بالكذب والوضع |
أَبُو هَارُونَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ | إسماعيل بن محمد الثقفي | متهم بالوضع |
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى | يوسف بن موسى الأصبهاني | مجهول الحال |
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ | عبد الله بن محمد المزني / توفي في :373 | ثقة |