قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ، قَالَ . ح يَحْيَى ، قَالَ . ح يَحْيَى ، قَالَ . ح عَبْدُ الْعَزِيزِ ، عَنِ الْعَلاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا نَقَصَتْ أَحَدًا صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ، وَمَا زَادَ اللَّهُ رَجُلا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا تَشْجِيعٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِلْعَبْدِ فِيمَا يَهُولُهُ ، وَتَسْهِيلٌ عَنْهُ فِيمَا يَعْبُرُ عَلَيْهِ ، وَإِزَالَةُ خُلُقِ السُّوءِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْعَبْدِ ، وَتَكْذِيبٌ لِلشَّيْطَانِ فِيمَا يَعِدُ الْعَبْدَ مِنَ الْفَقْرِ فِي الإِنْفَاقِ وَالصَّدَقَةِ ، فَقَوْلُهُ : " مَا نَقَصَتْ أَحَدًا صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنْ يُرَادَ بِالصَّدَقَةِ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ ، فَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ لا يُنْقِصُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ شَيْئًا ، لأَنَّهُ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي يَدِهِ وَجَبَ حَقُّ الْمَسَاكِينِ فِي خَمْسَةٍ مِنْهُ ، فَكَانَ مَالُهُ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَيَطِيبُ لَهُ إِمْسَاكُهُ عِنْدَهُ مِائَةً وَخَمْسًا وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا لأَنَّ الْخَمْسَ مِنْهَا حَقُّ الْمِسْكِينِ ، فَإِخْرَاجُ الْخَمْسَةِ لا يُنْقِصُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُهُ مِنَ الْمِائَتَيْنِ ، وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسَةُ وَالتِّسْعُونَ ، وَالَّذِي أَخْرَجَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ مَالُ الْمَسَاكِينِ فِي يَدِهِ ، فَإِخْرَاجُهُ إِلَيْهِمْ وَرَدُّهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ نَاقِصًا لَهُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخْلِفُ عَلَيْهِ مِمَّا أَنْفَقَ وَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْثَرُ وَأَطْيَبُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ سورة سبأ آية 39 ، وَيَجُوزُ أَنْ يُبَارِكَ لَهُ فِي الْبَاقِي ، فَيَنُوبَ الْبَاقِي عِنْدَهُ مَنَابَهُ ، وَمَنَابَ مَا أَنْفَقَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَأَضْعَافَهُ ، فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ ، فَقَدْ حَصَلَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَا أَنْفَقَهُ ، فَهُوَ لَهُ عِنْدَهُ مُدَّخَرٌ ، فَكَأَنَّهُ أَحْرَزَهُ وَاسْتَوْثَقَ فِي الْحِفْظِ لَهُ ، وَالصَّوْنِ مِمَّا يُفْنِيهِ وَيُذْهِبُهُ ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ سورة النحل آية 96 ، إِذًا فَالنَّاقِصُ مَا يَنْفُدُ وَيَفْنَى ، لا مَا يُصَانُ فَيَبْقَى ، وَالْعَفْوُ هُوَ التَّجَاوُزُ عَنِ الْمُسِيءِ إِلَيْكَ ، وَالْجَانِي عَلَيْكَ ، فَسَبَقَ إِلَى وَهْمِ الإِنْسَانِ أَنَّ تَرْكَ الانْتِقَامِ مِمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ وَعُقُوبَةَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ذُلٌّ وَعَجْزٌ وَهَوَانٌ يَلْحَقُهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلِ اللَّهُ تَعَالَى يَزِيدُهُ بِذَلِكَ عِزًّا بِأَنْ يَنْتَقِمَ لَهُ مِنَ الْمُسِيءِ إِلَيْهِ ، فَيَنْتَصِرُ لَهُ مِنَ الْجَانِي عَلَيْهِ ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُنْتَقِمًا لَهُ وَمُنْتَصِرًا مِمَّا جَنَى عَلَيْهِ ، فَهُوَ الْعَزِيزُ الَّذِي لا أَعَزَّ مِنْهُ ، فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ فِي الدُّنْيَا ، فَقَدْ زَادَهُ عِزًّا ، وَهُوَ أَعَزُّ مِنِ اعْتِزَازِهِ فِي نَفْسِهِ بِالانْتِقَامِ وَالْعُقُوبَةِ ، وَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى الآخِرَةِ ، فَاقْتَصَّ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِ الظَّالِمِ لَهُ ، وَطَرَحَ سَيِّئَاتِهِ عَلَى الْجَانِي عَلَيْهِ ذَلَّ الظَّالِمَ ذُلا لا ذَلَّ مِثْلَهُ ، فَيَكُونُ مِثْلَ الذَّرِّ يَطَؤُهُ أَهْلُ الْمَحْشَرِ ، وَيَطْرَحُ الظَّالِمَ بَدَلَهُ مِنَ النَّارِ ، أَوْ يَسْتَوْهِبُ اللَّهُ مِنْهُ جِنَايَةَ الْجَانِي عَلَيْهِ ، وَظُلْمَ الظَّالِمِ لَهُ ، فَأَيُّ عِزٍّ يَبْلُغُ عِزَّ مَنْ يَسْتَوْهِبُ مِنْهُ مَالِكُ الْمُلُوكِ وَسَيِّدُ السَّادَاتِ ، وَالْحَيُّ الْقَيُّومُ ، ثُمَّ يُعَوِّضُهُ عَلَى مَا جَنَى عَلَيْهِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا رِقًّا وَعُبُودَةً فِي ائْتِمَارِ أَمْرِهِ ، وَانْتِهَاءِ مَنَاهِيهِ ، وَالاسْتِسْلامِ لِحُكْمِهِ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الآخِرَةِ عَلَى سَرِيرِ خُلْدٍ لا يَفْنَى ، وَمِنْبَرِ مُلْكٍ لا يَبْلَى ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي احْتِمَالِ مُؤَنِ خَلْقِهِ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ مُؤْنَةٍ ، وَتَوَلَّى أَمْرَهُ ، وَتَوَكَّلَ لَهُ ، فَأَيَّةُ رِفْعَةٍ تَبْلُغُ وَأَيَّةُ مَرْتَبَةٍ تَكُونُ فَوْقَ مَرْتَبَةِ مَنْ يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى وَكِيلَهُ ، وَتَوَلَّى أُمُورَهُ ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي قَبُولِ الْحَقِّ بِمَنْ دُونَهُ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ دُخُولَ طَاعَتِهِ ، وَجَازَاهُ بِقَلِيلِ حَسَنَاتِهِ رَفِيعَ دَرَجَاتِهِ ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي حِفْظِ عِبَادِهِ ، وَالذَّبِّ عَنْهُمْ رَفَعَهُ اللَّهُ بِمُعَقِّبَاتٍ يَجْعَلُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِهِ ، وَيَحْرُسُونَهُ عَنْ أَعْدَائِهِ ، وَيَتَوَلَّى إِذْلالَ عَدُوِّهِ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ سورة الحجر آية 42 . وَمَنْ أَرْفَعُ مَنْزِلَةً ، وَأَجَلُّ قَدْرًا مِمَّنْ يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى مُتَوَلِّيَ الذَّبِّ عَنْهُ ، وَالنَّاصِرَ لَهُ سُبْحَانَهُ ، مَا أَلْطَفَهُ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَجْزَلَ ثَوَابَهُ لِلْمُحْسِنِينَ ، وَأَحْسَنَ تَجَاوُزَهُ عَنِ الْمُسِيئِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِيهِ | عبد الرحمن بن يعقوب الجهني | ثقة |
الْعَلاءِ | العلاء بن عبد الرحمن الحرقي / توفي في :132 | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ الْعَزِيزِ | عبد العزيز بن محمد الدراوردي / توفي في :186 | صدوق حسن الحديث |
يَحْيَى | يحيى بن عبد الحميد الحماني / توفي في :228 | ضعيف الحديث |
يَحْيَى | يحيى بن إسماعيل | مجهول الحال |
حَاتِمٌ | حاتم بن عقيل المراري | مجهول الحال |