قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ . ح مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْفَضْلِ ، قَالَ . ح أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ ، قَالَ . ح إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذْ عَرَضَ شَيْخٌ جَلِيلٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي بَصَرِهِ بَعْضُ الضَّعْفِ ، مِنْ بَنِي غِفَارٍ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ ، فَلَمَّا قَالَ لِي : يَا ابْنَ أَخِي ، أَوْسَعَ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، ثُمَّ قَالَ الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي السَّحَابِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْشِئُ السَّحَابَ ، فَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ ، وَيَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَضَحِكُ السَّمَاءِ صَبَّةُ الْمَاءِ ، فَقَدْ عَبَّرَ عَنْ صَبِّ الْمَاءِ بِالضَّحِكِ ، وَعَنِ اسْتِبْشَارِ الْعَبْدِ وَسُرُورِهِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ ، وَإِدْرَارِهَا عَلَيْهِ ، وَفَرَحِهِ بِهَا بِالضَّحِكِ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ الضَّحِكُ الْمَفْهُومُ فِيمَا بَيَّنَّا صِفَةً لِلْعَبْدِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ صِفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبُولَ عَمَلِ عَبْدِهِ ، وَرِضَاهُ بِهِ ، وَضَحِكُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ فَرَحُهُ بِثَوَابِ رَبِّهِ ، وَسُرُورَهُ بِهِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً سورة الفجر آية 28 ، أَيْ : رَاضِيَةً بِثَوَابِ اللَّهِ ، مَرْضِيَّةً أَفْعَالُكِ عِنْدَ اللَّهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الضَّحِكِ الْحُسْنَ ، وَالْبَهَاءَ ، وَالنَّضْرَةَ ، كَمَا يُقَالُ : ضَحِكَتِ الشَّمْسُ إِذَا أَشْرَقَ ضَوْؤُهَا ، وَضَحِكَ النَّهَارُ إِذَا أَضَاءَ ، وَضَحِكَتِ الأَرْضُ إِذَا اهْتَزَّتْ بِالنَّوْرِ وَالنَّبَاتِ . قَالَ الأَعْشَى : يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِيهِ حُسْنَ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَنُصْرَتَهُ كَأَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى الْعَبْدِ ، وَحُسْنَ عَمَلِ الْعَبْدِ ، وَإِخْلاصَهُ ، وَطَهَارَتَهُ عَمَّا يُدَنِّسُهُ ، كَأَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، آمَنَّا بِمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا أَرَادَهُ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَتَعَالَى عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَأَوْصَافِ الْمُحْدَثِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا . وَقَدْ يَكُونُ الضَّحِكُ بَيْنَ الْمُحِبِّينَ إِذَا طَالَ الْعَهْدُ بَيْنَهُمَا ، وَتَقَادَمَ ، وَأَضْمَرَ الْمُحِبُّ مَحْبُوبَهُ ، وَكَتَمَ مَحَبَّتَهُ لَهُ ، وَشَوْقَهُ إِلَيْهِ ، وَصَبَابَتَهُ لَهُ ، وَلَمْ يَبُثَّ حُزْنَهُ ، وَلا أَفْضَى سِرَّهُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَمَحْبُوبُهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَيَجِلُّ لِذَلِكَ قَدْرُهُ عِنْدَهُ ، وَيَعْظُمُ مَوْقِعُهُ مِنْهُ ، وَكَأَنَّهُ يُحَدِّثُ إِلَى حَبِيبِهِ مَا يَزِيدُهُ شَوْقًا إِلَيْهِ ، وَصَبَابَةً بِهِ ، وَمَحَبَّةً لَهُ ، فَإِذَا الْتَقَيَا نَظَرَ الْمَحْبُوبُ إِلَيْهِ ، وَقَدْ عَرَفَ لَهُ مَا كَانَ يُضْمِرُهُ لَهُ ، وَيُجِنُّ ضُلُوعَهُ عَلَيْهِ ، فَيَضْحَكُ إِلَيْهِ قَبُولا لَهُ ، وَتَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ ، وَلا يَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَضْحَكُ الْمُحِبُّ سُرُورًا بِرُؤْيَةِ مَحْبُوبِهِ ، فَيُفْضِي بِذَلِكَ سِرَّهُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا ، وَيُظْهِرُ الشَّوْقَ الَّذِي كَانَ مُجِنًّا عَلَيْهِ ضُلُوعَهُ ، وَقَدْ بَدَا لَهُ سُرُورُ مَحْبُوبِهِ بِهِ كَسُرُورِهِ بِهِ ، وَقَبُولِهِ لَهُ ، وَرِضَاهُ عَنْهُ ، فَلا يَزِيدُ عَلَى الضَّحِكِ إِلَى مَحْبُوبِهِ إِجْلالا لَهُ ، وَهَيْبَةً مِنْهُ ، وَتَعْظِيمًا لَهُ . فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ يَضْحَكُ إِلَيْكَ " ، أَيْ : يُظْهِرُ لَكَ مَا كَانَ يُجِنُّهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ لَكَ ، وَالشَّوْقِ إِلَيْكَ ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ تُعْلِمُهُ قَبُولَكَ لَهُ ، وَرِضَاكَ بِهِ ، وَعِظَمَ مَوْقِعِ مَا قَاسَى فِيكَ ، وَكَتَمَهُ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْكَ ، وَالْمَحَبَّةِ لَكَ فِي خَفَاءٍ ، وَسِتْرٍ عَنِ الأَغْيَارِ غَيْرَةً عَلَى الْحَالِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ سورة السجدة آية 17 وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِمَّا أُخْفِيَ لَهُمْ عَنِ الأَغْيَارِ النَّاظِرَةِ وَالأَشْخَاصِ الشَّاهِدَةِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
شَيْخٌ | اسم مبهم | |
حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ | حميد بن عبد الرحمن الزهري | ثقة |
أَبِيهِ | سعد بن إبراهيم القرشي | ثقة |
إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ | محمد بن عبيد الله القرشي | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْفَضْلِ | محمد بن إبراهيم البكري | مجهول الحال |
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ | عبد العزيز بن محمد | مجهول الحال |