كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ خَرَجَ فِي سَفَرٍ ، فَإِذَا الْجَمَاعَةُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : أَسَدٌ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَى النَّاسِ ، فَنَزَلَ ابْنُ عُمَرَ فَمَشَى حَتَّى أَخَذَ بِأُذُنِهِ ، ثُمَّ نَفَاهُ ، ثُمَّ قَالَ : مَا كَذَبَ عَلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يَخَفْ غَيْرَ اللَّهِ مَا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَيْرَهُ ، وَإِنَّمَا وُكِلَ ابْنُ آدَمَ لَمَّا رَجَا ابْنَ آدَمَ ، وَلَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يَرْجُ غَيْرَ اللَّهِ لَمْ يَكِلْهُ اللَّهُ إِلَى غَيْرِهِ " حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَارِثِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ . ح عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ . ح بَقِيَّةُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ حُزَيْمٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي وَهْبٍ الْقُرَيْشِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ خَرَجَ فِي سَفَرٍ ، الْحَدِيثَ فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ لَمَّا أَمِنَ الأَسَدَ ثِقَةً بِاللَّهِ ، فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ أَمِنَهُ الأَسَدُ فَلَمْ يَهْرَبْ مِنْهُ ، وَسَهُلَ إِنْكَارُهُ غَيْبَةً عَنْهَا لِخَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى ، غَابَتِ الأَشْيَاءُ عَنْهُ . وَسُئِلَ بَعْضُ الْكِبَارِ مَنِ الْخَائِفُ ؟ فَقَالَ : الَّذِي تَخَافُهُ الْمَخْلُوقَاتُ ، وَهُوَ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ خَوْفُ اللَّهِ ، فَصَارَ خَوْفًا كُلَّهُ ، فَيَخَافُهُ كُلُّ شَيْءٍ ، كَمَا رُوِيَ فِي الْحديث " إِنَّ النَّارَ تَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : جُزْ يَا مُؤْمِنُ ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي " . أَنْشَدَ بَعْضُ الْكِبَارِ : يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ مَنْ يُحِسُّ بِهَا فَمَنْ هُوَ النَّارُ كَيْفَ يَحْتَرِقُ فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، بِصِفَةِ مَنْ يَخَافُهُ الْمَخْلُوقَاتُ لِغَلَبَةِ خَوْفِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِصِفَةِ مَنْ أَمِنَتْهُ الْمَخَاوِفُ غَيْبَةً عَنْهَا بِشُهُودِ مَوْلاهُ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَحَوَّاءَ : فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ سورة الأعراف آية 20 وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى سورة طه آية 120 ، فَقَدْ نَالَ الشَّيْطَانُ مِنْ آدَمَ بِوَسْوَسَتِهِ لَهُ ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ؟ قِيلَ : إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى وَسْوَسَةِ إِبْلِيسَ ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ بِوَسْوَسَتِهِ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا أَكَلَ مِنْهَا لأَنَّهُ نُهِيَ عَنْ عَيْنِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ لا عَنْ جِنْسِهَا ، فَأَكَلَ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْعَيْنِ ، فَأَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ ، وَأُخْرِجَ إِلَى الأَرْضِ ، لأَنَّهُ خُلِقَ خَلِيفَةً لَهَا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً سورة البقرة آية 30 ، وَلَكِنْ لَمَّا وَافَقَ أَكْلُهُ تَزْيِينَ إِبْلِيسَ لَهُ ، وَوَسْوَسَتَهُ إِيَّاهُ نُسِبَ إِخْرَاجُهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ سورة البقرة آية 36 وَلَمْ يَقْصِدْ إِبْلِيسُ إِخْرَاجَهُ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا قَصَدَ إِسْقَاطَهُ مِنْ رُتْبَتِهِ ، وَإِبْعَادَهُ كَمَا بَعُدَ هُوَ ، فَلَمْ يَبْلُغْ مَقْصَدَهُ ، وَلا أَدْرَكَ مُرَادَهُ ، بَلِ ازْدَادَ سُخْنَةَ عَيْنٍ ، وَغَيْظَ نَفْسٍ ، وَخَيْبَةَ ظَنٍّ ، قَالَ اللَّهُ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى فَصَارَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ خَلِيفَةً لِلَّهِ فِي أَرْضِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ جَارًا لَهُ فِي دَارِهِ ، فَكَمْ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَالْجَارِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ | عبد الله بن عمر العدوي / توفي في :73 | صحابي |
ابْنُ أَبِي وَهْبٍ الْقُرَيْشِيُّ | سعيد بن المسيب القرشي | أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار |
ابْنُ حُزَيْمٍ | بكر بن حدان الأسدي | مجهول |
بَقِيَّةُ | بقية بن الوليد الكلاعي | صدوق كثير التدليس عن الضعفاء |
عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ | عمرو بن عثمان القرشي / توفي في :250 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ | محمد بن صالح البلخي | مجهول |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَارِثِيُّ | عبد الله بن محمد الحارثي / ولد في :248 / توفي في :340 | متهم بالوضع |