لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن


تفسير

رقم الحديث : 177

حَدَّثَنَا حَاتِمٌ . ح يَحْيَى ، قَالَ . ح الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ . ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " اسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ يَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةٌ أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِعُمَرَ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ ، فَدَخَلَ عُمَرُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَضْحَكُ ، فَقَالَ : أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : " عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ النِّسْوَةِ اللاتِي كُنَّ عِنْدِي لَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ " ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَيْهِنَّ ، فَقَالَ : أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ تَهَبْنَنِي وَلا تَهَبْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقُلْنَ لِعُمَرَ : أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَالَ قَائِلٌ : ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَرَى أَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ يَهَابُ عُمَرَ ، وَلا يَهَابُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ الشَّيْطَانَ حَضَرَ بِحُضُورِ النِّسْوَةِ ، فَلَمَّا ذَهَبَ الشَّيْطَانُ بِحُضُورِ عُمَرَ تَبَادَرَتِ النِّسْوَةُ الْحِجَابَ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ ، وَهُوَ أَرْفَعُ دَرَجَةً ، وَأَعْلَى رُتْبَةً مِنْ عُمَرَ ، فَكَيْفَ لَمْ يَهَبْهُ الشَّيْطَانُ ، وَهَابَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ فَالْجَوَابُ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُضُورِ الشَّيْطَانِ حَضْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، بِعُذْرِهِنَّ فِي هَيْبَتِهِنَّ إِيَّاهُ ، فَقَالَ : وَكَيْفَ لا يَهَبْنَكَ ، وَالشَّيْطَانُ يَهَابُكَ ، وَلَوْ كَانَ الْحَالُ يُوجِبُ حُضُورَ الشَّيْطَانِ لَكَانَتِ الْحَالُ حَالَ مَعْصِيَةٍ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ، وَيُنْكِرُ عَلَيْهِنَّ ، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ دَلَّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَالَ عِصْيَانِ اللَّهِ ، فَيَحْضُرُ الشَّيْطَانُ ، قَالَ الشَّيْخُ : وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " عَالِيَةٌ أَصْوَاتُهُنَّ " أَرْفَعُ مِنْ صَوْتِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ النَّهْيِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْطَانُ كَانَ يَخَافُ عُمَرَ ، وَلا يَخَافُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لأَنَّهُ لَوْ خَافَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَخْلُ خَوْفُهُ مِنْهُ وَهَيْبَتُهُ إِيَّاهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إِمَّا خَوْفُ إِجْلالٍ وَتَعْظِيمٍ ، وَهُوَ فَضْلُهُ ، وَالشَّيْطَانُ أَبْعَدُ شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ ، أَوْ يَكُونُ خَوْفَ عُقُوبَةٍ يُحِلُّهَا بِهِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُعَاجِلُ بِالْعُقُوبَةِ اسْتِخْفَافًا بِهِ ، وَقِلَّةَ مُبَالاةٍ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخَافُ فِتْنَتَهُ ، وَلا يَهَابُ وَسْوَسَتَهُ ، وَقَدْ أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلا يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ ، وَلا يَقْرَبُ مِنْهُ ، وَأَمِنَ عُقُوبَتَهُ فَلَمْ يَهَبْهُ اغْتِرَارًا بِهِ ، وَأَمْنًا مِنْ مَكْرِ اللَّهِ ، وَهُمَا مِنْ صِفَاتِهِ ، أَعْنِي الاغْتِرَارَ بِاللَّهِ ، وَأَمْنَ مَكْرِهِ . وَأَمَّا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَخَافُ الشَّيْطَانَ أَنْ يَفْتِنَهُ ، وَيُوَسْوِسَ إِلَيْهِ ، فَكَانَ يُنَاصِبُهُ وَيَسْتَعِدُّ لَهُ ، وَيُنْصَرُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ الشَّيْطَانُ يَخَافُهُ لاسْتِعْدَادِهِ لَهُ ، وَمُنَاصَبَتِهِ إِيَّاهُ ، فَكَانَ يَتْرُكُ فَجَّهُ ، وَسَبِيلَهُ حَذَرًا مِنْهُ . وَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ لا يُبَالِي بِهِ ، وَلا يَتَفَكَّرُ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِهِ ، وَاسْتِصْغَارًا لَهُ ، كَأَنَّهُ لَيْسَ بشَيْءٍ . وَقَدْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ : وَمَا الشَّيْطَانُ حَتَّى يُهَابَ ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُطِيعَ فَمَا نَفَعَ ، وَعُصِيَ فَمَا ضَرَّ وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ الشَّيْطَانُ يَتَمَثَّلُ لَهُ فِي صُورَةِ حَيَّةٍ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ نَحَّاهُ بِيَدِهِ ، وَيَقُولُ : وَاللَّهِ لَوْلا نَتْنُكَ لَمْ أَزَلْ أَسْجُدُ عَلَيْكَ ! وَقَالَ بَعْضُ الْكِبَارِ : لَوْلا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ مَا اسْتَعَذْتُ مِنْهُ , وَلَوْ نَاصَبُوهُ وَاسْتَعَدُّوا لَهُ أَتْعَبُوهُ تَعَبًا لا يَقْرَبُ مِنْهُمْ ، أَلا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ فِي الحديث " إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ " ، هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَقْصِدُ لَهُ ذَاكِرًا لِلَّهِ ، مُسْتَعِيذًا بِهِ مِنْهُ ، غَيْرَ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَالأَكَابِرَ مِمَّنْ دُونَهُمْ لا يُبَالُونَهُ ، وَلا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ ، فَهُوَ يَأْمَنُهُمُ اغْتِرَارًا بِاللَّهِ ، فَيَدْنُو مِنْهُمْ يَرُومُ مِنْهُمْ مَا يَرُومُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلا يَضُرُّهُمْ ، يَضُرُّ نَفْسَهُ ، كَمَثَلِ الْفَرَاشِ يَأْمَنُ النَّارَ فَيَدْنُو مِنْهَا فَيُحْرِقُ نَفْسَهُ ، أَلا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ

ثقة

عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ثقة

ابْنِ شِهَابٍ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ

ثقة ثبت

إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

ثقة حجة

الْحِمَّانِيُّ

ضعيف الحديث

يَحْيَى

مجهول الحال

حَاتِمٌ

مجهول الحال