من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن اوعده الله على عمل عقابا فهو بالخيار


تفسير

رقم الحديث : 176

حَدَّثَنَا حَاتِمٌ . ح يَحْيَى . ح الْحِمَّانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ ، يَقُولُ : " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ ، يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا أَصَابَهُ غَمٌّ ، فَأَحَبَّ أَنْ يَتَسَلَّى بشَيْءٍ ، أَوْ ضَاقَ صَدْرُهُ مِنْ أَمْرٍ ، فَأَرَادَ أَنْ يَفْرَحَ ، أَوْ أَصَابَتْهُ وَحْشَةٌ فَأَحَبَّ إِزَالَتَهَا عَنْهُ ، رُبَّمَا يُغَنِّي ، وَهُوَ أَنْ يُنَغِّمَ ، وَيُرَجِّعَ صَوْتَهُ لِشَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ ، وَالزَّجَلِ ، وَالْمَنْظُومِ مِنَ الْكَلامِ ، يَطْلُبُ بِذَلِكَ رَاحَةً وَفَرْحَةً مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ الْوَحْشَةِ أَوِ الْكَرْبِ ، وَالْغَمِّ . وَالأَنْبِيَاءُ ، وَالرُّسُلُ ، وَأَفْضَلُ الأَوْلِيَاءِ ، وَالصِّدِّيقُونَ هُمُومُهُمْ هَمُّ الْمَعَادِ ، وَكَرْبُهُمْ كَرْبُ الدِّينِ ، وَوَحْشَتُهُمْ مِمَّا دُونَ اللَّهِ ، وَضِيقُ صُدُورِهِمْ عَمَّا يَشْغَلُهُمْ عَنِ اللَّهِ ، فَهُمْ لا يَتَفَرَّحُونَ مِنْ كَرْبِهِمُ إِلا بِذِكْرِ رَبِّهِمْ ، وَلا يَنْسَلُّونَ عَنْ غُمُومِهِمْ وَهُمُومِهِمْ إِلا بِمَوْلاهُمْ ، فَيُرَجِّعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الَّذِي مِنْ مَحْبُوبِهِمْ بَدَأَ ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ ، وَبِخَشْيَتِهِ مِنْ قُلُوبِهِمْ ، وَرِقَّةٍ مِنْ أَفْوَاهِ أَفْئِدَتِهِمْ ، وَيُزَانُ مَحَبَّتُهُ بَيْنَ ضُلُوعِهِمْ وَمَاءُ الاشْتِيَاقِ يَجْرِي عَلَى خُدُودِهِمْ ، فَتَحْسُنُ لِذَلِكَ أَصْوَاتُهُمْ ، لأَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ هُوَ قَرَاءَتُهُ عَلَى خَشْيَةٍ مِنَ اللَّهِ . وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ ؟ فَقَالَ : " مَنْ إِذَا قَرَأَ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى " فَأَخْبَرَ أَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ قِرَاءَتُهُ عَلَى خَشْيَةٍ مِنَ اللَّهِ . فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ " ، يُرِيدُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قِرَاءَتَهُ عَلَى خَشْيَتِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَخُشُوعٍ فِي نَفْسِهِ ، وَرِقَّةٍ مِنْ فُؤَادِهِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَأَفَاضِلِ الأَوْلِيَاءِ ، لَيْسَ تَرْجِيعَ الصَّوْتِ وَالأَلْحَانِ ، وَتَحْرِيكَ الْحَنَكِ ، كَفِعْلِ مَنْ يَتَلَهَّى بِكَلامِ الْمُحَدِّثِ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ إِثَارَةَ الشَّهَوَاتِ الْخَفِيَّةِ بِقُلُوبٍ لاهِيَةٍ ، وَأَفْئِدَةٍ سَاهِيَةٍ تَتَزَيَّنُ لِلنَّاسِ ، وَلا يُطْرَدُ الْخَنَّاسُ ، وَيَزِيدُ فِي الْوَسْوَاسِ ، فَمَنْ رُزِقَ حُسْنَ النِّعْمَةِ ، وَخَشْيَةَ الْقَلْبِ ، وَرِقَّةَ الْفُؤَادِ ، فَقَرَأَ الْقُرْآنَ مُتَرَسِّلا لَهُ ، مُرَتِّلا حَقَّ حُرُوفِهِ ، فَذَلِكَ الْكَامِلُ الَّذِي أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ سَمِعَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى ، فَقَالَ : " لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ " صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَدْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ سَمِعْتُ قِرَاءَتَكَ " ، فَقَالَ : أَمَا لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْمَعُ قِرَاءَتِي لَحَبَّرْتُهَا لَكَ تَحْبِيرًا وَمَنْ لَمْ يُرْزَقْ حُسْنَ النِّعْمَةِ ، وَأُتِيَ بِمَا سِوَاهَا مَنْ لَمْ يَخْرُجْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ صِفَةِ مَنْ يَأْذَنِ اللَّهُ لَهُ بِحُسْنِ صَوْتِهِ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ " ، أَيْ : مَا رَضِيَ مِنَ الْمَسْمُوعَاتِ شَيْئًا هُوَ أَرْضَى عِنْدَهُ ، وَلا أَحَبُّ إِلَيْهِ ، وَلا آثَرُ لَدَيْهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى خَشْيَةٍ مِنَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، وَالرُّؤْيَةِ ، وَالإِدْرَاكِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، وَالسَّمْعُ صِفَةٌ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي ذَاتِهِ بِخِلافِ مَا يَفْعَلُ مِنَ اسْتِمَاعِ الْمُحْدَثِينَ , تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْحَدَثِ عُلُوًّا كَبِيرًا ، فَهُوَ سَامِعٌ لِلْمَسْمُوعَاتِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِيَسْتَمِعَ ، هُوَ لَهُ صِفَةٌ ، وَلَيْسَتْ بِجَارِحَةٍ ، فَإِذْنُ اللَّهِ سَمَاعُهُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَهُوَ تَعَالَى لا يُوصَفُ بِأَنَّهُ أَسْمَعُ بشَيْءٍ مِنْهُ لِغَيْرِهِ ، وَلا يُوصَفُ بِالاسْتِمَاعِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ الْفِكْرِ ، وَإِحْضَارُ السِّرِّ ، وَإِلْقَاءُ السَّمْعِ . فَلِذَلِكَ حَمَلَ مَعْنَى تَخْصِيصِ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مِنْهُ عَلَى الرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ وَالإِيثَارِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا " ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَتَفَرَّجْ مِنْ غُمُومِهِ ، وَلَمْ يَكْتَفِ مِمَّا يُلْهِيهِ عَنْ كُرَبِهِ ، وَيُسَلِّيهِ عَنْ هُمُومِهِ ، وَيَطْرُدُ وَحْشَاتِهِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّفَكُّرِ فِيهِ ، وَالتَّدَبُّرِ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ، أَيْ : لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَوْصَافِنَا ، وَلا تَشَبَّهَ بِنَا طَرِيقَةً وَصِفَةً ، وَإِنْ كَانَ مِنَّا نِحْلَةً وَمِلَّةً هِيَ قَوْلُهُ : " مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا " لَهُ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ هُمُومُهُ هُمُومَ الْمَعَادِ ، وَوَحْشَتُهُ مِنْ أَوْصَافِ الْمُحْدَثِينَ فَلَيْسَ مِنَّا ، لأَنَّ التَّسَلِّيَ بِكَلامِ اللَّهِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ كُرَبِ الدِّينِ وَالْهُمُومِ الَّتِي تَكُونُ فِي اللَّهِ ، فَيَكُونُ التَّسَلِّي مِنْهَا بِمَا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى ، فَأَمَّا هُمُومُ الدُّنْيَا مِنْ جِهَةِ فَوَاتِهَا وَنَيْلِهَا ، وَوَحْشَةُ الْخَلْقِ مِنَ الاتِّزَانِ وَالأَخْدَانِ ، فَإِنَّمَا يُطْلَبُ لَهَا الْمَلاهِي ، وَتَرْجِيعَ الأَصْوَاتِ بِالأَغَانِي . وَالْمَعْنَى الآخَرُ : أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ بِاللَّهِ وَأَذْكَارِهِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى اللَّهِ عِنْدَ ضَرُورَاتِهِ ، وَلَمْ تَكُنْ صِفَاتُهُ جَلَّ وَعَزَّ حَائِلَةً لَهُ عَنْ وَحْشَةِ صِفَاتِهِ ، فَلَيْسَ مِنَّا خُلُقًا وَسِيرَةً ، وَإِنْ كَانَ مِنَّا نُطْقًا وَسَرِيرَةً . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِي سَلَمَةَ

ثقة إمام مكثر

مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ

ثقة

يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ

ثقة مكثر

عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ

صدوق حسن الحديث

الْحِمَّانِيُّ

ضعيف الحديث

يَحْيَى

مجهول الحال

حَاتِمٌ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.