قَالَ . ح عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْزُبَانِيُّ ، قَالَ . ح مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ ، قَالَ . ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الدَّارَوَرْدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الإِنَاءِ ، فَاغْمِسُوهُ كُلَّهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً ، وَفِي الآخَرِ دَوَاءً ، وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالَّذِي فِيهِ الدَّاءُ " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى هَذَا الدَّاءِ ، وَالشِّفَاءِ عَلَى مَعْنَى الطِّبِّ الرُّوحَانِيِّ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الأَطِبَّاءُ ، وَمَعْنَاهُ إِصْلاحُ الأَخْلاقِ ، وَتَقْوِيمُ الطِّبَاعِ ، وَتَهْذِيبُ الْعَادَاتِ وَالسَّجِيَّاتِ بِاسْتِخْرَاجِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا ، وَتَرْبِيَةِ الصَّالِحَةِ مِنْهَا ، وَإِصْلاحِ مَا يُمْكِنُ إِصْلاحُهَا إِذْ دَاءُ الأَخْلاقِ ، وَسَقَمُ الْعَادَاتِ يَضُرُّ بِالأَدْيَانِ ، وَدَاءُ الأَجْسَامِ يَضُرُّ بِالأَبْدَانِ ، وَسَقَمُ الأَبْدَانِ تَكْفِيرُ الْخَطِيئَاتِ ، وَسَقَمُ الأَخْلاقِ يُورِثُ الْبَلِيَّاتِ . فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الدَّاءِ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ الْكِبْرُ ، وَالتَّرَفُّعُ مِنَ اسْتِبَاحَةِ مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ ، وَأَحَلَّتْهُ السُّنَّةُ ، فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ أَبَاحَتْ مَا مَاتَ فِيهِ مِنَ الْهَوَامِّ مِمَّا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ ، وَوَرَدَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِعَزَائِمِهِ " ، فَكَأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا اسْتَعْذَرَ مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ مِنْ جِهَةِ التَّرَفُّعِ عَنْهَا ، وَالتَّكَبُّرِ فِيهَا ، كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادٌ لِدِينِهِ عَظِيمٌ ، وَتَعَزُّزٌ لِنَفْسِهِ ، وَرُبَّمَا رَمَى بِذَلِكَ الطَّعَامِ ، أَوْ أَهْرَقَ ذَلِكَ الشَّرَابَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الذُّبَابُ ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ ، وَالتَّرَفُّعِ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِضَاعَةِ نِعَمِ اللَّهِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ يُغْمَسَ الذُّبَابُ إِذَا وَقَعَ فِي الإِنَاءِ لِيُذْهِبَ عَنْ نَفْسِهِ تَرَفُّعَهَا ، وَيَقْتُلَ فِيهَا كِبْرَهَا ، فَيَكُونَ فِي أَوَّلِ وُقُوعِهَا تَعَزُّزُ النَّفْسِ لَهَا ، وَالتَّكَرُّهُ لَهَا مِنْ جِهَةِ الطَّبْعِ وَالْكِبْرِ ، لا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ ، وَالشَّرِيعَةِ ، فَهَذَا هُوَ الدَّاءُ الَّذِي يُوَلِّدُ الإِنْسَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ ، وَالتَّرَفُّعِ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِضَاعَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ ، فَإِذَا غَمَسَهُ أُكْرِهَ مَا اسْتَبَاحَهُ مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ ، وَاسْتَطَابَتْ مَا أَذِنَتْ فِيهِ السُّنَّةُ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ قَهْرًا لِلنَّفَسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ ، وَحِفْظًا لِلدِّينِ مِنْ لَوَاحِقِ مَا يَكَادُ يُدَنِّسُهُ مِنْ تَعَذُّرِ النَّفْسِ وَالْكِبْرِ الَّذِي هُوَ مُنَازَعَةُ اللَّهِ فِي صِفَتِهِ ، وَالتَّعْظِيمُ عَنِ الانْقِيَادِ وَالاسْتِسْلامِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي سُنَّتِهِ ، كَمَا تَكُونُ بَعْضُ الأَدْوِيَةِ الْمُسَهِّلَةِ نَقْضًا لِلأَبْدَانِ عَمَّا يَجْمَعُ فِيهَا اللَّهُ مِنْ فُضُولِ الأَغْذِيَةِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي نَوَّرَتْ سَقَمَ الأَبْدَانِ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ إِلا وَفِيهِ حِكْمَةٌ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا مَا يُعْلَمُ ، وَمِنْهَا مَا يُجْهَلُ ، وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ بِالذُّبَابِ وَالْبَعُوضَةِ مَثَلا ، وَالْعَنَكْبَوُتِ وَالنَّمْلِ ، فَقَالَ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ مَا قَالُوا اسْتِخْفَافًا بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، وَجَهْلا بِمَا فِيهَا مِنَ الْحِكْمَةِ لِلَّهِ تَعَالَى ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا . وَيُقَالُ : إِنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ دَخَلَ عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ ابْنُ السَّمَّاكِ دَخَلَ عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ : مَا الْفَائِدَةُ فِي هَذَا الذُّبَابِ ، وَلِمَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى ؟ فَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ : خَلَقَهُ لِيُذِلَّ بِهِ الْجَبَابِرَةَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ لا يُفْسِدُوا الطَّعَامَ ، وَلا يُضِيِّعُوهُ ، وَلا يَرْمُوا بِهِ تَنَجُّسًا لَهُ ، وَاسْتِقْذَارًا لِلذُّبَابِ الْوَاقِعِ فِيهِ ، فَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلا طَيَّبَ بِهِ نُفُوسَهُمْ مِنْ تَعَذُّرِ مَا لَيْسَ بِنَجَسٍ فِي الشَّرِيعَةِ ، وَعَلِمَ أَنَّ النُّفُوسَ تَأْبَاهُ ، وَالطَّبَائِعَ تَعَافُهُ ، فَقَيَّدَهُ بِمَا طَيَّبَ بِهِ نُفُوسَهُمْ مِنْ رَجَاءِ السَّلامَةِ ، وَخَوْفِ الْعَطَبِ ، فَخَوَّفَهُمُ الدَّاءُ فِي أَبْدَانِهِمْ أَنْ يَرْمُوا بِهِ قَبْلَ الْغَمْسِ ، وَرَجَاؤُهُمُ الشِّفَاءَ فِي غَمْسِهِ ، وَلَوْ أَمَرَ بِرَمْيِهِ قَبْلَ الْغَمْسِ ، عَسَى لَمْ يَنْقُصْ لَهُ بَعْضُ مَنْ فِيهِ عِزَّةُ نَفْسٍ ، وَتَرَفُّعٌ ، وَتَكَبُّرٌ ، فَكَانَ يَرْمِي بِالطَّعَامِ ، فَأَمَرَ بِغَمْسِهِ ، وَرُجِيَ فِيهِ الشِّفَاءُ لِيُصَانَ الطَّعَامُ ، وَتُقَامَ شَرِيعَةُ الإِسْلامِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَاءٌ يَضُرُّ بِالأَبْدَانِ ، وَشِفَاءٌ لِلدَّاءِ الَّذِي فِيهِ عَلِمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعْلَمَنَا ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا مَائِيَّتَهُ ، وَذَلِكَ الدَّوَاءُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ | أبو صالح السمان | ثقة ثبت |
الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ | القعقاع بن حكيم الكناني | ثقة |
مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ | محمد بن عجلان القرشي / توفي في :148 | صدوق حسن الحديث |
الدَّارَوَرْدِيُّ | عبد العزيز بن محمد الدراوردي / توفي في :186 | صدوق حسن الحديث |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيُّ | محمد بن إسماعيل الجعفري | متروك الحديث |
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ | محمد بن إبراهيم البكري | مجهول الحال |
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْزُبَانِيُّ | عبد العزيز بن محمد | مجهول الحال |