الحياء خير كله


تفسير

رقم الحديث : 213

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مَسْعُودٍ ، ح أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ . ح الْقَعْنَبِيُّ ، ح شُعْبَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ ، وَأَجَلَّهَا وَعَظَّمَ شَأْنَهَا ، فَذَكَرَ أَنَّهَا مِنْ كَلامِ الأَنْبِيَاءِ لَيْسَ مِمَّا قَالَتِ الْعَرَبُ بِحِكَمِهَا وَفَصَاحَتِهَا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : " مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ " أَيْ : أَنَّهَا مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ أَوَّلَ مَا أَوْحَى ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَجْرِي فِي النُّبُوَّاتِ حَتَّى أَدْرَكَهَا الْعَرَبُ ، فَهِيَ عَلَى أَفْوَاهِهَا مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ مُفَضَّلِ بْنِ مُهَلْهَلٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مِمَّا بَقِيَ مِنَ النُّبُوَّةِ الأُولَى " كَأَنَّهُ يَقُولُ : هِيَ مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الأَنْبِيَاءِ ، وَلَيْسَتْ مِنِ اخْتِرَاعِ الْحُكَمَاءِ ، وَكَلامِ الْفُصَحَاءِ رَفْعًا مِنْ قَدْرِهَا ، وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا ، لأَنَّهَا كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَيَاءَ فَرْعٌ يَتَوَلَّدُ مِنْ إِجْلالِ قَدْرِ مَنْ يَسْتَحِي مِنْهُ ، وَتَقْصِيرٍ يَرَاهُ في نَفْسِهِ ، وَإِزْرَاءٍ بِهَا فَيَسْتَصْغِرُ نَفْسَهُ وَأَوْصَافَهَا عِنْدَ شُهُودِ مَنْ يُجِلُّ قَدْرَهُ عِنْدَهُ ، فَيَنْحَصِرُ فَيَمْنَعُهُ حَصْرُهُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَحْسُنُ مِنْ أَفْعَالِهِ ، فَكَيْفَ بِمَا يَقْبَحُ مِنْ أَحْوَالِهِ ؟ فَالْعَبْدُ بِمِرَاءٍ مِنَ اللَّهِ ، وَهُوَ أَجَلُّ نَاظِرٍ إِلَيْهِ لا يُخْفِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ ، حَقُّهُ أَعْظَمُ الْحُقُوقِ ، وَقَدْرُهُ أَجَلُّ الأَقْدَارِ ، فَهُوَ يَرَاهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ ، وَعَلَى كُلِّ أَفْعَالِهِ ، وَهُوَ أَيْضًا يَرَاهُ خَلْقَ اللَّهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْوَالِهِ مِمَّنْ يُجِلُّ أَقْدَارَهُمْ عِنْدَهُ مِنْ مَلائِكَةٍ كِرَامٍ ، وَخَاصٍّ مِنَ النَّاسِ وَعَامٍّ ، فَهُوَ مُرْتَقِبٌ مُتَحَفِّظٌ فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِهِ فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ مِنْ أَنْ يُرَى مِنْهُ خُلُقٌ ذَمِيمٌ ، أَوْ فِعْلٌ سَقِيمٌ فَيُحْكِمُ أَفْعَالَهُ خَوْفًا أَنْ يَلْحَقَهُ لَوْمٌ فِيمَا يَرْتَكِبُ مِنْ فِعْلٍ مُسِيءٍ ، أَوْ فِيمَا يُقَصِّرُ مِنْ حَقِّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ فِعْلٍ مَرْضِيٍّ ، ثُمَّ يَكُونُ حَافِظًا لِخَوَاطِرِهِ ، مُرَاغِبًا لِهَوَاجِسِهِ ، مُرَاقِبًا لأَنْفَاسِهِ أَنْ يَجْرِيَ فِي سِرِّهِ ، وَيَخْطُرَ بِبَالِهِ مَا يُسْقِطُهُ مِنْ عَيْنِ نَاظِرِهِ ، أَوْ يَمْقُتُهُ فِيهِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَادِرٌ ، فَيَسْتَقِيمُ ظَاهِرُهُ ، وَيَصْفُو بِاطِنُهُ ، فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ وَصْفُهُ الْحَيَاءُ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ مَسْعُودٍ

صحابي

رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ

ثقة

مَنْصُورٍ

ثقة ثبت

شُعْبَةَ

ثقة حافظ متقن عابد

الْقَعْنَبِيُّ

ثقة

أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ

مجهول الحال

بَكْرُ بْنُ مَسْعُودٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.