معرفة ال محمد براءات وحب ال محمد جواز على الصراط والولاية لال محمد امان من العذاب


تفسير

رقم الحديث : 239

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ نَاعِمٍ ، قَالَ . ح أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ ، قَالَ : ح الأَنْصَارِيُّ ، قَالَ . ح أَبُو الْمُعَلَّى ، قَالَ . ح أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ يَسْتَحِي إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ الْعَبْدُ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا حَتَّى يَضَعَ فِيهِمَا خَيْرًا " ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْحَيَاءُ مِنْ أَوْصَافِ الْكِرَامِ ، وَاللَّئِيمُ لا يَكَادُ يَسْتَحِي ، وَالْحَيَاءُ يَجْمَعُ مَعَانِيَ كَبِيرَةً ، فَمِنْهُ الامْتِنَاعُ مِنَ الْفِعْلِ الذَّمِيمِ ، وَالْوَصْفِ الْقَبِيحِ ، وَمِنْهُ التَّرَفُّعُ مِمَّا يَسْتَثْنِيهِ وَيُذَمُّ عَلَيْهِ ، وَمِنْهُ الْخَشْيَةُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ بِالْقَبِيحِ مِنَ الْوَصْفِ أَوْ يُنْسَبَ إِلَى الذَّمِيمِ مِنَ الْفِعْلِ ، كُلُّ هَذِهِ الأَوْصَافِ مِنْ أَوْصَافِ الْكِرَامِ ، وَالْحَيِيُّ أَيْضًا لا يَكَادُ يَسْتَحِي إِلا مِمَّنْ لَهُ قَدْرٌ وَخَطَرٌ ، وَمَنْ لا قَدْرَ لَهُ وَلا خَطَرَ فَقَلَّمَا يَسْتَحِي مِنْهُ ، وَالْكَرِيمُ الْمُتَحَقِّقُ بِأَوْصَافِ الْكِرَامِ يَدَعُ مَا يَدَعُهُ تَكَرُّمًا فِي نَفْسِهِ ، وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ فَضْلا مِنْ عِنْدِهِ ، وَلا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُسْتَحَى مِنْهُ ، فَيُعْطِي مَنْ لا يَسْتَحِقُّ ، وَيَدَعُ عُقُوبَةَ مَنْ يَسْتَوْجِبُهَا ، لأَنَّهُ يُرْفَعُ مِنْ صِفَةِ الْحِرْمَانِ ، قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ الْمُلُوكَ بِالْكَرَمِ : يُفْضِي حَيَاءً وَيُفْضِي عَطَاءً مَنْ لا يَسْتَوْعِبُ لأَنَّهُ يَتَرَفَّعُ مِنْ مَهَابَةٍ فَمَا يُكَلِّمُ إِلا حِينَ شِيمَ فَوَضَعَ بِالْحَيَاءِ فِي تَرْكِ عُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَوْجِبُ وَإِعْطَاءِ مَنْ لا يَسْتَوْعِبُ ، لأَنَّهُ يَتَرَفَّعُ مِنْ صِفَةِ الْحِرْمَانِ لِمَنْ سَأَلَهُ ، وَيَتَكَرَّمُ مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِلْعَفْوِ مِنْهُ . وَلَمَّا كَانَ الْحَيَاءُ مِنَ الْكَرِيمِ جَازَ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ بِهِ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ مُتَفَضِّلٌ عَفُوٌّ غَفُورٌ جَوَادٌ وَشَكُورٌ ، فَإِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ الْعَبْدُ سَائِلا مِنْهُ ، وَطَالِبًا فَضْلَهُ ، يَتَكَرَّمُ عَنْ أَنْ يَحْرِمَهُ ، وَيَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَرُدَّهُ ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لا يَسْتَوْجِبُ الْعَطَاءَ ، وَلا يَسْتَأْهِلُ الْعَفْوَ ، وَكَانَ جَلَّ وَعَزَّ سَاخِطًا عَلَيْهِ غَيْرَ رَاضٍ عَنْهُ ، فَهُوَ تَعَالَى يَتَفَضَّلُ مِنْ عِنْدِهِ فَيُعْطِي مَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحِرْمَانَ ، وَيَعْفُو عَنِ الْعُقُوبَةِ كَرَمًا مِنْهُ وَتَفَضُّلا ، لأَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لا يَرْضَى حِرْمَانَ عَبْدِهِ وَقَدْ مَدَّ إِلَيْهِ يَدَهُ سَائِلا مِنْهُ مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ مُتَعَرِّضًا بِفَضْلِهِ مِمَّا لا يَنْقُصُهُ وَلا يؤده ، وَيَعْفُو بِمَنْ يَسْتَوْجِبُ الْعُقُوبَةَ وَهُوَ غَيْرُ رَاضٍ عَنْهُ ، وَلا قَابِلٍ مِنْهُ ، وَهُوَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَمَّنْ تَجَلَّى عِنْدَهُ قَدْرُهُ وَيَعْظُمُ لَدَيْهِ خَطَرُهُ ، وَهُوَ الْمُؤْمِنُ بِهِ الْمُصَدِّقُ لَهُ الْمُقِرُّ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، الْمُذْعِنُ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةُ ، وَإِنْ كَانَ يَأْتِي مِنَ الْعِصْيَانِ مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْعُقُوبَةَ ، وَمِنَ الْفِعْلِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحِرْمَانِ فَهُوَ جَلَّ وَعَزَّ يُجِلُّ قَدْرَ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَرُدَّ يَدَيْهِ صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ وَقَدْ رَفَعَهُمَا إِلَيْهِ ، وَهُوَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ يُعْطِي الْكَافِرَ بِهِ ، وَالْجَاحِدَ لَهُ وَالْمُشْرِكَ مَعَهُ غَيْرَهُ بَعْضَ مَا يَسْأَلُهُ كَرْمًا مِنْهُ وَفَضْلا ، وَيُؤَخِّرُ عُقُوبَتَهُ ، وَلا يُعَالِجُهُ بِهَا إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ ، وَهُوَ سَاخِطٌ عَلَيْهِ مُبْغِضٌ لَهُ مُعْرِضٌ عَنْهُ ، اسْتِدْرَاجًا لَهُ وَإِرَادَةَ السُّوءِ بِهِ ، لا لإِجْلالِهِ ، وَلا لِقَدْرِهِ عِنْدَهُ وَكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ ، بَلْ لأَنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ مُتَفَضِّلٌ حَلِيمٌ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ { 53 } ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ سورة النحل آية 53-54 ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ . فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لا يَرُدُّ يَدَ مَنْ يَرْفَعُهَا إِلَيْهِ صِفْرًا ، وَهُوَ لَهُ عَاصٍ وَلأَمْرِهِ تَارِكٌ ، وَعَنْ أَدَاءِ حُقُوقِهِ مُعْرِضٌ ، فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ يَرْفَعُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ مُتَذَلِّلا لَهُ مُعْتَذِرًا إِلَيْهِ مُقْبِلا عَلَيْهِ يَسْأَلُهُ سُؤَالَ الْمُضْطَرِّينَ ، وَيَدْعُوهُ دُعَاءَ الْغَرِيقِ ، وَيَتَضَرَّعُ لِعَفَوْهِ تَعَرُّضَ مَنْ لا يَسْتَأْهِلُ لِنَفْسِهِ حَالا لِنَفْسِهِ حَالا ، وَلا يَرَى لِنَفْسِهِ ، لا يَرْجُو إِلا فَضْلَهُ ، وَلا يَعْتَمِدُ إِلا عَلَى كَرَمِهِ ، سُبْحَانَ الْكَرِيمِ ذِي الْفَضْلِ الْعَظِيمِ . فَمَعْنَى الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّكَثُّرُ فِي الإِعْطَاءِ مَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحِرْمَانَ عِنْدَ سُؤَالِهِ مِنْهُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ نَحْوَهُ ، وَتَرَفُّعُهُ وَتَعَالِيهِ تَعَالَى عَنْ حِرْمَانِهِ مِمَّا لا يَنْقُصُهُ عَنْ عُقُوبَتِهِ مَنْ يَسْتَوْجِبُهَا ، وَقَدْ تَعَرَّضَ لِعَفْوِهِ وَامْتِنَاعِهِ عَنِ الْعُقُوبَةِ وَالْحِرْمَانِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ

صحابي

أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ

ثقة ثبت

أَبُو الْمُعَلَّى

صدوق كثير الخطأ

الأَنْصَارِيُّ

ثقة

أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ

أحد الحفاظ

مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ نَاعِمٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.