الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحدا منهما القيته في النار


تفسير

رقم الحديث : 202

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ الأَشْعَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ ، بِبَغْدَادَ . ح أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ ، ح يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ . ح رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طُرُقِ مَكَّةَ ، فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ : جُمْدَانُ ، قَالَ : " سِيرُوا سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْمُفَرِّدُونَ ؟ قَالَ : " الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ " فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّاكِرُ هُوَ الْمُفْرِدُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ ، فَذَاكِرُ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَنْ لا يَذْكُرُ مَعَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ ، وَحَوَائِجَهُ غَيْرَ اللَّهِ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ : بَيْنَا أَنَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ، قَطَعَنِي قُرْبُ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ نَازَعَتْنِي نَفْسِي بِأَنْ أَسْأَلَ ، فَسَمِعْتُ هَاتِفًا يَقُولُ : أَبَعْدَ وُجُودِ اللَّهِ تَسْأَلُ اللَّهَ غَيْرَ اللَّهِ . فَمَنْ شُغِلَ عَنْهَا بِشُهُودِ اللَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا حَقَّ مَعْرِفَتِهِ ، وَصَرَفَهُ عَمَّنْ سِوَاهُ ، وَأَدْنَاهُ مِنْهُ ، فَكَانَ جَلِيسَهُ ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي " ، وَرَفَعَ الْحُجُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، فَكَانَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ ، وَأَعْطَاهُ فِي الآخِرَةِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَأَحَلَّهُ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ يَقْبَلُ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ نَاضِرٍ ، وَيَنْظُرُ إِلَيْهِ بِبَصَرِهِ نَاظِرٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ ، فَلَوْلا رَبٌّ رَحِيمٌ ، وَيُجِيبُهُ إِلَيْهِ بَرٌّ كَرِيمٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي " أَيْ : مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرُ اللَّهِ لَهُ ، مَعْنَاهُ مَنْ شَغَلَهُ شُهُودُهُ ذِكْرَ اللَّهِ لَهُ قَبْلَ إِيجَادِهِ إِيَّاهُ ، وَخَلْقِهِ لَهُ ، فَجَعَلَهُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ لَهُ ، الْمُؤْمِنِينَ بِهِ ، الْمُثْنِينَ عَلَيْهِ ، نَقَلَهُ مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ أُمَّةٍ هِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، فِيمَنْ يَأْتِيهَا أَنْبِيَائُهُ وَرُسُلُهُ ، ثُمَّ أَلْهَمَهُ ذِكْرَهُ ، وَعَلَّمَهُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ ، وَأَلْزَمَهُ كَلِمَةَ التَّقْوَى ، وَجَعَلَهُ مِنْ أُولِي النُّهَى ، فَكَانَ مَذْكُورَهُ بِالاخْتِبَاءِ حِينَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ، فَقَامَ لَهُ بِحَوَائِجِهِ قَبْلَ حَاجَتِهِ إِلَيْهَا ، فَأَعْطَاهُ مَصَالِحَهُ قَبْلَ هِدَايَتِهِ لَهَا ، وَأَعْطَاهُ قَبْلَ سُؤَالِهِ أَجْزَلَ الْعَطَايَا ، وَوَهَبَ لَهُ أَنْفَسَ الرَّغَائِبِ وَأَحْسَنَ الْهَدَايَا ، وَتَكَفَّلَ لَهُ مَا يُصْلِحُهُ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا ، فَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْ رَبِّهِ بِهِ وَسَيِّدِهِ إِلَيْهِ اسْتَغْرَقَ فِي بَحْرِ مِنَنِهِ ، فَشَغَلَهُ عَنْ سُؤَالِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِعِلْمِهِ بِحَالِهِ ، فَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ، وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ ثِقَةً بِهِ وَمَعْرِفَةً بِنَظَرِهِ لَهُ ، فَيُعْطِيهِ اللَّهُ أَفْضَلَ مَا يُعْطِي السَّائِلِينَ ، وَيَخْتَارُ لَهُ فِي حِينِ وُجُودِهِ مَا هُوَ أَصْلَحُ لَهُ ، كَمَا اخْتَارَ لَهُ فِي عَدَمٍ مَا هُوَ أَرْفَعُ لَهُ وَأَزْيَنُ بِهِ ، فَهُوَ يُعْطِيهِ عَلَى قَدْرِ الرُّبُوبِيَّةِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالسَّائِلُونَ يَسْأَلُونَ عَلَى قَدْرِ الْعُبُودِيَّةِ ، وَهِمَمُ الْعَبْدِ لا يُجَاوِزُ قَدْرَهُ ، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ، وَاللَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ . وَالذَّاكِرُونَ عَلَى طَبَقَاتٍ ثَلاثٍ : فَذَاكِرٌ بِلِسَانِهِ تَسْبِيحًا وَتَحْمِيدًا وَتكبيرا وَتَمْجِيدًا ، يَدْعُوهُ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الْعُلَى ، انْشَرَحَ صَدْرُهُ بِنُورِهِ ، وَاطْمَأَنَّ قَلْبُهُ بِذِكْرِهِ ، وَشَهِدَ مَذْكُورَهُ بِسِرِّهِ ، فَذِكْرُهُ لَهُ أَنِيسٌ ، وَهُوَ لِرَبِّهِ جَلِيسٌ ، تَلَذَّذَ بِذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، فَيَسْتَغْنِي عَنْ سُؤَالِهِ ، وَالطَّلَبِ إِلَيْهِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ سورة العنكبوت آية 45 يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : ذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ قَدْرًا فِي الْقَلْبِ الذَّاكِرِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ مِنْهُ إِلَى حُظُوظِ نَفْسِهِ وَسُؤَالِ حَاجَاتِهِ ، فَيُعْطِيهِ اللَّهُ أَفْضَلَ مَا يُعْطِي السَّائِلِينَ إِلَى مَا وَعَدَ لَهُمْ ، إِذِ السَّائِلُونَ يَسْأَلُونَ مُحْدَثًا مَخْلُوقًا ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَ الذَّاكِرِينَ لَهُ مَا لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلا مُحْدَثٍ ، وَهُوَ ذِكْرُهُ ، لأَنَّ ذِكْرَهُ صِفَةٌ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصِفَاتِهِ قَدِيمٌ ، وَيُبَاهِي بِهِمْ مَلائِكَتَهُ ، وَيَرْفَعُ أَقْدَارَهُمْ بَيْنَ خَلِيقَتِهِ ، وَيُنَوِّهُ بِأَسْمَائِهِمْ فِي مَلَكُوتِهِ ، وَذَاكرٌ بِقَلْبِهِ مُعَظِّمٌ لِرَبِّهِ مُشَاهِدٌ بِهِ ، لَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ نِسْيَانٍ حِينَ يَجْرِي بِذِكْرِهِ اللِّسَانُ ، فَكَانَ كَمَا قَالَ : ذَكَرْنَا وَمَا كُنَّا لِنَنْسَى فَنَذْكُرَ . وَلَكِنْ شِيَمُ الْعَرَبِ يَبْدُو فِيهِنَّ أَسْكَنَتْهُ هَيْبَتُهُ ، وَأَخْرَسَتْهُ خَشْيَتُهُ ، أَجَلَّ الْحَقَّ أَنْ يَذْكُرَهُ بِلِسَانِهِ ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْ ذِكْرِهِ لَحْظَةً بِجَنَانِهِ ، يَرَى ذِكْرَهُ لَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَفْلَةٌ وَثَنَاءَهُ عَلَيْهِ بِصِفَةِ نَفْسِهِ زَلَّةً ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ سورة العنكبوت آية 45 ، قَالَ بَعْضُ الْكُبَرَاءِ : ذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَجْرِي بِهِ الإِنْسُ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ ، أَوْ تَبْلُغَهُ الأَوْهَامُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ ، أَوْ تَحْوِيهِ الْعُقُولُ عَلَى قَدْرِ قَدْرِهِ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ " ، فَهَؤُلاءِ أَخْفُوا ذِكْرَهُ عَنِ الأَخْبَارِ وَالرُّسُومِ ، فَأَخْفَى ثَوَابَهُمْ عَنِ الْمَعَارِفِ وَالْفُهُومِ ، فَقَالَ : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ سورة السجدة آية 17 . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى : " أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ " وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَةً أَيْضًا : " مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي " غَارُوا عَلَى أَذْكَارِهِ ، فَغَارَ عَلَى أَوْصَافِهِمْ ، فَهُمْ خَبَايَاهُ فِي غَيْبِهِ ، وَأَسْرَارُهُ فِي خَلْقِهِ ، وَآخِرُ شَاهِدٌ ذِكْرُ رَبِّهِ لَهُ حَيْثُ لا رُسُومَ وَلا فُهُومَ وَلا عِلْمَ وَلا مَعْلُومَ ، كَانُوا مَوْجُودِينَ لَهُ عِلْمًا إِذْ كَانُوا مَعْدُومِينَ رَسْمًا ، فَكَانُوا مَذْكُورِينَ ، وَلا ذِكْرَ لَهُمْ ، وَمَعْلُومِينَ وَلا عِلْمَ لَهُمْ ، وَمُرَادِينَ وَلا إِرَادَةَ لَهُمْ ، وَمَطْلُوبِينَ وَلا طَلَبَ لَهُمْ ، وَمُخْتَارِينَ وَلا اخْتِيَارَ لَهُمْ ، لَمَّا شَاهَدُوا هَذِهِ الأَحْوَالَ سَقَطُوا عَنِ الطَّلَبِ وَالسُّؤَالِ ، فَكَانُوا فِي حِينِ وُجُودِهِمْ كَمَا كَانُوا فِي عَدَمِهِمْ ، تَسْلِيمًا لأَمْرِهِ وَتَرْكًا لِلاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ . فَالطَّبَقَةُ الأُولَى مُتَذَكِّرُونَ ، وَالثَّانِيَةُ ذَاكِرُونَ ، وَالثَّالِثَةُ مَذْكُورُونَ ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة

الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

صدوق حسن الحديث

رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ

ثقة حافظ

يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

ثقة ثبت

أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ

ثقة

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ

ثقة حافظ حجة

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ الأَشْعَرِيُّ

ضعيف الحديث

Whoops, looks like something went wrong.