فَقَدْ حَدَّثَنَاهُ أَبُو رَجَاءٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ . ح إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ السِّرْمَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ . ح أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ . ح عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي غَرِيبٍ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ " ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ أَصْحَابِ الأَعْرَافِ : أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ هِيَ شَهَادَةَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنٌ يَسْتَوِي حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ ، لأَنَّهُ لا يُوَازِي الإِيمَانَ شَيْءٌ مِنَ السَّيِّئَاتِ ، وَلا يَرْجَحُ بِهِ ، فَيَكُونُ هَذَا مَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ سِوَى الإِيمَانِ سَيِّئَاتِهِ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ الطَّوِيلِ وَالْحَبْسِ عَنِ الْجَنَّةِ ، وَالْخَوْفِ الَّذِي يَلْحَقُهُ فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِ فَيَخِفُّ ذُنُوبُهُ ، وَيُثَقِّلُ مَوَازِينَهُ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، فَإِنْ حُمِلَ هَذَا عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ الإِيمَانُ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَشِيئَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ سورة النساء آية 48 ، فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَهُ رَجَّحَ مِيزَانَ حَسَنَاتِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُ عَذَّبَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَيُنَجِّيهِ بِإِيمَانِهِ ، لأَنَّهُ شَرَطَ الْمَشِيئَةِ ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى : يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ سورة المائدة آية 40 ، وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ الَّتِي هِيَ الْمَشِيئَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ دُونَ الْكَافِرِينَ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، فَإِذَا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ وَالْكَافِرُونَ فِي الْمَشِيئَةِ لَمْ تَكُنِ الْمَشِيئَةُ إِلا فِي الْمُؤْمِنِينَ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ ، فَلا يُعَذِّبُهُ ، وَيُطَهِّرُ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ بِمَا شَاءَ ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ . وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ الإِيمَانُ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَرْجَحُ حَسَنَاتُهُ ، وَيُوزَنُ إِيمَانُهُ ، كَمَا يُوزَنُ سَائِرُ حَسَنَاتِهِ ، وَإِيمَانُهُ يَرْجَحُ بِحَسَنَاتِهِ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَيَدْخُلُ النَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُطَهِّرُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ ، فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَهَذَا مَذْهَبُ قَوْمٍ يَقُولُونَ : كُلُّ مُؤْمِنٍ يُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَثْقُلُ مِيزَانُهُ ، وَيَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة الأعراف آية 8 ، أَيِ النَّاجُونَ مِنَ الْخُلُودِ ، وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ سورة الحاقة آية 21 ، يَوْمًا مَا . وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ " أَنَّهُ صَائِرٌ إِلَيْهَا لا مَحَالَةَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ ، وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ , لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ | معاذ بن جبل الأنصاري / توفي في :17 | صحابي |
كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ | كثير بن مرة الحضرمي | ثقة |
صَالِحُ بْنُ أَبِي غَرِيبٍ | صالح بن قليب الحضرمي | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ | عبد الحميد بن جعفر الأنصاري / ولد في :83 / توفي في :153 | ثقة |
أَبُو عَاصِمٍ | الضحاك بن مخلد النبيل | ثقة ثبت |
إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ السِّرْمَارِيُّ | أحمد بن إسحاق السلمي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو رَجَاءٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ | أحمد بن الهيثم المصري | مجهول الحال |