وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ . ح نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا . ح عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ . ح مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ . ح مُوسَى ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دُونَ اللَّهِ سَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ وَظُلْمَةٍ ، وَمَا مِنْ نَفْسٍ تَسْمَعُ شَيْئًا مِنْ حُسْنِ تِلْكَ الْحُجُبِ إِلا زَهَقَتْ نَفْسُهَا " ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَقَاءَ الأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَقِيَامَهَا بِأَوْصَافِهَا وَثُبُوتَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِحُجْبَتِهَا عَنْ عَظِيمِ سُلْطَانِ اللَّهِ ، وَقَهْرِ رُبُوبِيَّتِهِ ، فَالأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَالْمَلائِكَةُ ، وَأَفَاضِلُ الأَوْلِيَاءِ فِي كَنَفِ لُطْفِ اللَّهِ فِيهِ بَقَاؤُهُمْ ، وَالشَّيَاطِينُ بِحِجَابِ اللَّعْنَةِ وَالطَّرْدِ وَالإِقْصَاءِ ، وَالْعَبْدُ وَسَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَتْرِ الرَّحْمَةِ ، وَالأَعْدَاءُ فِي حِجَابِ الظُّلْمَةِ ، وَسَائِرُ الأَشْيَاءِ فِي حِجَابِ الْغَفْلَةِ ، وَالتَّجَلِّي كَشْفُ الْحِجَابِ وَإِظْهَارُ الْقُدْرَةِ ، وَإِبْدَاءُ الْهَيْبَةِ وَالْجَلالِ ، فَإِذَا كَشَفَ اللَّهُ الْحِجَابَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ زَالَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَذَهَبَ وَتَلاشَى ، وَمِنْهَا تَتَغَيَّرُ عَنْ أَوْصَافِهَا ، وَتَزُولُ عَنْ بِنْيَتِهَا عَلَى قَدْرِ الْكُشُوفِ ، وَظُهُورِ أَوْصَافِ الْجَلالِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا سورة الأعراف آية 143 ، اسْتَحَالَ عَنْ صِفَتِهِ ، وَتَغَيَّرَ عَنْ بِنْيَتِهِ ، فَصَارَ تُرَابًا هَبَاءً بَعْدَ أَنْ كَانَ شَامِخًا حَجَرًا صَلْبًا ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ، وَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ " . وَفِي بَعْضِ الأَخْبَارِ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ دُرَّةً ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، فَذَابَتْ فَصَارَتْ مَاءً يَجْرِي لا قَرَارَ لَهُ ، وَلا سُكُونَ مِنْ هَيْبَةِ اللَّهِ " . فَإِذَا أَبْدَى اللَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ مَا شَاءَ ، وَمِنْ صِفَاتِ قَهْرِهِ وَجَلالِهِ مَا أَرَادَ تَلاشَتِ الأَشْيَاءُ وَاضْمَحَلَّتْ وَفَنِيَتْ ، فَتَصِيرُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ، وَالْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ ، وَتَنَاثَرَتِ النُّجُومُ ، وَتَفَطَّرَتِ السَّمَاوَاتُ ، وَحَالَتِ الأَشْيَاءُ وَزَالَتْ ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَدِيدُ الْبَطْشِ ، عَظِيمُ السُّلْطَانِ ، جَلِيلُ الْقَدْرِ ، لا يُقْدَرُ قَدْرُهُ ، وَلا يُطَاقُ قَهْرُهُ ، وَلا يُدْرَكُ جَبَرُوتُهُ ، وَلا يُحَاطُ بِهِ عِلْمًا ، جَلَّ وَتَعَالَى عُلُوًّا كَبِيرًا . فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِظْهَارَ آثَارِ الْقُدْرَةِ ، وَعِزِّ السُّلْطَانِ ، وَقَهْرِ الرُّبُوبِيَّةِ ، فَيَخْشَعُ مِنَ الأَشْيَاءِ مَا تَجَلَّى لَهُ ، وَكَشَفَ الْحِجَابَ عَنْهُ ، وَيَتَطَامَنُ وَيَتَوَاضَعُ وَيَتَغَيَّرُ عَنْ أَوْصَافِهَا ، وَيَتَحَوَّلُ عَنْ نُعُوتِهَا وَبِنْيَتِهَا تَخْوِيفًا لِلْعِبَادِ ، وَتَحْذِيرًا لَهُمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا سورة الإسراء آية 59 ، فَكُسُوفُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِتَجَلِّي أَوْصَافِ الْقُدْرَةِ لَهَا ، وَظُهُورِ أَعْلامِ عِزِّ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا ، تَنْبِيهًا لِلْعِبَادِ وَتَحْذِيرًا لَهُمْ أَنَّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمَا أَوْ كُشِفَ عَنْهُمَا مِنْ سِرِّ اللَّطِيفِ ، وَحِجَابِ الرَّحْمَةِ غَيَّرَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا ، وَأَذْهَبَ بِنُورِهِمَا وَضِيَائِهِمَا عَلَى عَظِيمِ بِنْيَتِهِمَا وَرَفِيعِ مَكَانِهِمَا . وَفِي الْحديث " إِنَّ الشَّمْسَ تُشْرِقُ مِنَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، ظَهْرُهَا إِلَى الدُّنْيَا ، وَوَجْهُهَا لأَهْلِ السَّمَوَاتِ ، تُشْرِقُ وَتُضِئُ ، وَعِظَمُهَا مِثْلُ الدُّنْيَا ثَلاثَ مِائَةِ مَرَّةٍ ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَفِي الْقَمَرِ ثَمَانِ مِائَةِ فَرْسَخٍ فِي مِثْلِهِ وَصِفَتِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ " ، فَإِذَا حَلَّ بِهِمَا مَعَ أَقْدَارِهِمَا مِنْ ظُهُورِ سُلْطَانِ اللَّهِ لَهُمَا مَا حَلَّ ، فَكَيْفَ بِابْنِ آدَمَ الضَّعِيفِ الْبِنْيَةِ ، الصَّغِيرِ الْقَدْرِ ، الْقَلِيلِ التَّمَاسُكِ تَصْرَعُهُ اللَّحْظَةُ ، وَتُؤْذِيهِ النَّمْلَةُ ، لا يَصِيرُ لآثَارِ اللُّطْفِ وَلا يُقَاوِمُ صِفَاتَ الرَّحْمَةِ مِنْ رِيحٍ تَهُبُّ ، أَوْ رَعْدٍ يَرْعَدُ ، أَوْ بَرْقًا يَلْمَعُ ، أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ كُسُوفِهَا أَوْ كُسُوفِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ أَنْ يَفْزَعُوا إِلَى الْخُشُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَالالْتِجَاءِ إِلَيْهِ ، وَالتَّوَجُّهِ نَحْوَهُ ، وَالإِقْبَالِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا انْكَسَفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، فَصَلُّوا كَأَتَمِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ " إِذِ الصَّلاةُ خُشُوعٌ وَخُضُوعٌ وَالْتِجَاءٌ وَتَوَجُّهٌ وَإِقْبَالٌ . وَوَرَدَ فِي صَلاةِ الْكُسُوفِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ عَلَى وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ ، مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ ، وَمِنْهَا سِتُّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ ، وَمِنْهُ جَمَاعَةٌ وَفُرَادَى ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ " كَأَتَمِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ " وَهُوَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَثَمَانِي سَجَدَاتٍ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ عَلَى صِفَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ الآخِرَةِ ، فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ أَتَمُّهَا فِي مَعْنَى الْعَدَدِ ، وَإِنْ كَانَتْ صَلاةُ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ تَامَّتَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا ، فَإِنْ صَلاهَا رَكْعَتَيْنِ كَصَلاةِ الْفَجْرِ فَهِيَ تَامَّةٌ ، وَإِنْ صَلاهَا أَرْبَعًا فَهِيَ أَتَمُّ فِي مَعْنَى الْعَدَدِ ، إِذْ لا عَدَدَ لِلْمَكْتُوبَةِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِلْخُشُوعِ لِتَجَلِّي صِفَةِ الْقُدْرَةِ ، وَظُهُورِ السُّلْطَانِ ، يَتَجَلَّى اللَّهُ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِمَا شَاءَ ، وَيَتَجَلَّى لِعِبَادِهِ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لُطْفًا مِنْهُ بِهِمْ ، وَرَحْمَةً عَلَيْهِمْ ، وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ إِذْ لَوْ تَجَلَّى لَهُمْ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ لَحَلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِالْجَبَلِ ، بَلْ تَلاشَوْا وَدُفِنُوا ، فَلَطَفَ بِهِمُ اللَّهُ وَرَأَفَ عَلَيْهِمْ ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ بِعِبَادِهِ جَمِيلُ النَّظَرِ لَهُمْ لَطِيفٌ بِهِمْ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ | سهل بن سعد الساعدي | صحابي |
أَبِي حَازِمٍ | سلمة بن دينار الأعرج | ثقة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ | عبد الله بن عمرو السهمي / توفي في :63 | صحابي |
عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ | عمر بن الحكم الحجازي / ولد في :37 / توفي في :117 | ثقة |
مُوسَى | موسى بن عبيدة الربذي / توفي في :152 | منكر الحديث |
مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ | مكي بن إبراهيم الحنظلي / ولد في :126 / توفي في :214 | ثقة ثبت |
عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ | العباس بن عبد العظيم العنبري / توفي في :246 | ثقة حافظ |
نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا | نصر بن زكريا البخاري | متهم بالوضع |
خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ | خلف بن محمد البخاري | مقبول |