حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سِبَاعٍ ، قَالَ . ح مُحَمَّدُ بْنُ الضَّوْءِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ عَوْنٍ الْوَاسِطِيَّ ، قَالَ . ح أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ذَرَبَ لِسَانِي ، فَقَالَ : " فَأَيْنَ أَنْتَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ " ، فَقَدْ قَالَ : سَبْعِينَ مَرَّةً ، وَقَالَ : أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ، وَقَالَ : مِائَةَ مَرَّةٍ ، فَيَدُلُّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالسَّبْعِينَ الْحَدَّ وَالْغَايَةَ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا ، وَلَكِنَّهُ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ كَثِيرًا . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : " فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِيًا هَوَى فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا " ، وَقَالَ فِيهِ سَلْمَانُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ عُمَرُ ، فَقَالَ : إِي وَاللَّهِ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ ، وَمَعَ السَّبْعِينَ سَبْعِينَ خَرِيفًا . وَالأَخْبَارُ فِي ذِكْرِ السَّبْعِينَ كَثِيرَةٌ ، وَأَكْثَرُهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْكَثْرَةِ ، لا إِخْبَارٌ عَنْ نِهَايَةٍ ، وَوَجْهُ تَخْصِيصِ السَّبْعِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الأَعْدَادِ عِنْدَ الْعِبَارَةِ عَنِ الْكَثْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ الْعَدَدَ قَلِيلٌ وَكَثِيرٌ ، فَالْقَلِيلُ مَا دُونَ الثَّلاثَةِ ، وَالْكَثْرَةُ الثَّلاثَةُ فَمَا فَوْقَهَا ، وَأَدْنَى الْكَثِيرِ الثَّلاثَةُ ، وَلَيْسَ لأَقْصَاهُ غَايَةٌ ، ثُمَّ الْعَدَدُ أَيْضًا نَوْعَانِ : شَفْعٌ وَوِتْرٌ ، وَالشَّفْعُ أَوَّلُ النَّوْعَيْنِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ سورة الفجر آية 3 ، وَأَوَّلُ الإِشْفَاعِ اثْنَانِ ، وَأَوَّلُ الأَوْتَارِ الثَّلاثَةُ ، وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ ، أَلا تَرَى أَنَّكَ إِذَا ضَرَبْتَ وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ لَمْ يَخْرُجْ هُنَاكَ عَدَدٌ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى فِي كِتَابِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ : الْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ وَإِنَّمَا الْعَدَدُ جَمَاعَةٌ مُرَكَّبَةٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ مَأْخُوذًا مِنَ الْعَوْدِ ، كَأَنَّ الْعَدَدَ إِعَادَةُ الْحِسَابِ مَرَّاتٍ ، فَيُعَادُ الْوَاحِدُ مَرَّاتٍ فَيَصِيرُ عَدَدًا ، فَالشَّفْعُ إِعَادَةُ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ ، وَالْوِتْرُ إِعَادَتُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، هَذَا أَوَّلُ الأَشْفَاعِ ، وَأَوَّلُ الأَوْتَارِ ، وَالْوَاحِدُ وِتْرٌ ، وَلَيْسَ مِنْ جِهَةَ الْعَدَدِ ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ غَيْرُ زَوْجٍ ، لِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ " ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِوِتْرٍ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فَرْدٌ لا يَزْدَوِجُ بِشَيْءٍ ، كَمَا أَنَّهُ وَاحِدٌ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ ، وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَالسَّبْعَةُ أَوَّلُ جَمْعِ الْكَثِيرِ مِنَ النَّوْعَيْنِ ، لأَنَّ فِيهَا أَوْتَارًا ثَلاثَةً ، وَأَشْفَاعًا ثَلاثَةً ، فَأَوَّلُ أَشْفَاعِهَا الاثْنَانِ ، ثُمَّ الأَرْبَعَةُ ، ثُمَّ السِّتَّةُ ، وَأَوَّلُ أَوْتَارِهَا الثَّلاثَةُ ، ثُمَّ الْخَمْسَةُ ، ثُمَّ السَّبْعَةُ ، لأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِوِتْرٍ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ كَمَا قُلْنَا فَالسَّبْعَةُ جَمْعُ كَثْرَةِ الْعَدَدِ ، وَكَثْرَةِ النَّوْعَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا نَوْعَا الْعَدَدِ ، ثُمَّ الْعَشَرَةُ كَمَالُ الْحِسَابِ ، لأَنَّ الآحَادَ مُنْفَرِدٌ كُلُّ عَدَدٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ إِلَى الْعَشَرَةِ ، كَقَوْلِهِمُ : اثْنَانِ وَثَلاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ إِلَى الْعَشَرَةِ ، فَإِذَا جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَهِيَ إِضَافَةُ الآحَادِ إِلَى الْعَشَرَةِ ، كَقَوْلِهِمُ : اثْنَا عَشَرَ ، وَثَلاثَةَ عَشَرَ إِلَى عِشْرِينَ ، وَالْعِشْرُونَ تَكْرِيرُ الْعَشَرَةِ مَرَّتَيْنِ ، وَثَلاثُونَ تَكْرِيرُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ إِلَى مِائَةٍ ، وَالْقَوْلُ فِي الْمِائَةِ وَالْعَشَرَاتِ كَالْقَوْلِ فِي الآحَادِ وَالْعَشَرَةِ ، كَذَلِكَ الأَلْفُ وَلَيْسَ وَرَاءَهُ اسْمٌ لِلْحِسَابِ ، بَلْ هُوَ إِعَادَةُ الأَلْفِ مَرَّاتٍ وَتَكْرِيرُهُ . فَالسَّبْعُونَ يُجْمَعُ مِنَ الْكَثْرَةِ وَالنَّوْعِ وَالْكَثْرَةِ وَكَمَالِ الْحِسَابِ ، وَالْكَثْرَةُ مِنْهُ ، وَالنَّوْعَيْنِ مِنَ الْكَمَالِ ، وَالْكَثْرَةُ مِنْهُمَا ، لأَنَّهُ عَشْرُ مَرَّاتٍ سَبْعَةٌ فَهُوَ فِي كَمَالِ الْحِسَابِ الَّذِي هُوَ الْعَشَرَةُ كَالسَّبْعَةِ فِي الآحَادِ ، وَالسَّبْعُونَ أَدْنَى الْكَثِيرِ مِنَ الْعَدَدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَالأَقْصَى لا الْغَايَةُ لَهُ ، فَعَبَّرَ عَنِ الْكَثِيرِ الَّذِي يُجَاوِزُ الْعَدَدَ بِالسَّبْعِينَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَإِذَا بُولِغَ فِي الْكَثْرَةِ قَالُوا : سَبْعُ مِائَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سورة البقرة آية 261 إِلَى قَوْلِهِ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ سورة البقرة آية 261 ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ سورة البقرة آية 261 ، فَأَخْرَجَهُ عَنِ الْغَايَةِ وَالنِّهَايَةِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لِلْحَاجِّ الْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً مِن حَسَنَاتِ الْحَرَمِ " , قِيلَ مَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ ؟ قَالَ : " كُلُّ حَسَنَةٍ سَبْعُ مِائَةٍ " كَأَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْكَثْرَةِ ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالسَّبْعِ مِائَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَعْدَادِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فَإِنَّهَا مَحْدُودَةٌ مُتَنَاهِيَةٌ ، وَذَلِكَ الْعَدَدُ مَحْصُورٌ عَلَى مَا ذُكِرَ مِثْلَ قَوْلِهِ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ سورة الحاقة آية 7 ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ سورة البقرة آية 196 ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً سورة الأعراف آية 142 ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ سورة السجدة آية 5 ، لأَنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ مُتَنَاهٍ مَعْدُودٌ ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ مَسَافَةُ مَا بَيْنَهُمَا نُزُولا وَصُعُودًا لِمَا وَرَدَ فِي الأَخْبَارِ أَنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ . وَقَوْلُهُ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ سورة المعارج آية 4 ، فَهُوَ مَقْصُودُ طُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ ، لأَنَّهُ يَوْمٌ مُتَنَاهٍ ، آخِرُهُ دُخُولُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، وَأَهْلِ النَّارِ النَّارَ ، وَالْخُلُودُ فِيهِمَا لا نِهَايَةَ لَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
حُذَيْفَةَ | حذيفة بن اليمان العبسي | صحابي |
أَبِي الْمُغِيرَةِ | عبيد الله بن عمرو البجلي | انفرد بتوثيقه ابن حبان |
أَبِي إِسْحَاقَ | أبو إسحاق السبيعي / ولد في :30 / توفي في :126 | ثقة مكثر |
أَبُو الأَحْوَصِ | سلام بن سليم الحنفي | ثقة متقن |
عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ عَوْنٍ الْوَاسِطِيَّ | عمرو بن عون السلمي / توفي في :225 | ثقة ثبت |
مُحَمَّدُ بْنُ الضَّوْءِ | محمد بن الضو الشيباني / ولد في :199 / توفي في :282 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سِبَاعٍ | أحمد بن سباع الخطيب | مجهول الحال |