حَدَّثَنَا أَبُو عُمَروَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ ، قَالَ . ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَبْسِيُّ ، قَالَ . ح وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدًا أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ ، وَلا نَصِيفَهُ " ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي فَضِيلَةِ السَّبْقِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا سورة الحديد آية 10 ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الَّذِينَ لَهُمُ السَّبْقُ بِالإِنْفَاقِ وَالإِيمَانِ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَالسَّبْقُ سَبْقَانِ : سَبْقٌ فِي الْعَمَلِ ، وَسَبْقٌ فِي الدَّهْرِ ، فَمَنْ كَانَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَهُمْ سَبْقُ الدَّهْرِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ فَضْلٌ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الاكْتِسَابِ ، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلُ اللَّهِ آتَاهُ مَنْ شَاءَ ، وَسَبْقُ الْعَمَلِ هُوَ بِاكْتِسَابٍ ، فَالَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا كَانُوا أَفْضَلَ مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا مِنْ وَجْهَيْنِ : فَمَنْ كَانَ سَبْقُهُ مِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ زَمَانُ إِنْفَاقِهِ وَقِتَالِهِ ، فَلَهُ فَضِيلَةُ سَبْقِ الزَّمَانِ الَّذِي لا يُلامُ مَنْ تَأَخَّرَ زَمَانُهُ عَلَى تَأَخُّرِهِ ، وَمَنْ كَانَ قِتَالُهُ وَإِنْفَاقُهُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْفَتْحِ مِنْ قِبَلِ فِعْلِهِ ، فَإِنَّهُ مَلُومٌ مِنْ نَفْسِهِ ، لأَنَّهُ كَانَ لَهُ إِمْكَانُ الإِنْفَاقِ وَالْقِتَالِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَلَمْ يَفْعَلْ . فَأَمَّا تَأَخُّرُ آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ فَمِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ الْفِعْلِ فَمَنْ أَنْفَقَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَاتَلَ مَعَهُ فَازَ بِفَضِيلَةِ السَّبْقِ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِهِ لا اكْتِسَابِهِ ، فَأَمَّا الإِنْفَاقُ وَالْقِتَالُ اللَّذَانِ هُمَا مِنْ بَابِ الاكْتِسَابِ فَيَجُوزُ اسْتِوَاءُ آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِأَوَّلِهَا غَيْرِ الْمَخْصُوصِينَ مِنْهُمْ ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : " لَمْ يُدْرِكْ مُدَّ أَحَدِهِمْ أَوْ نَصِيفَهُ " مِنْ جِهَةِ السَّبْقِ الَّذِي هُوَ سَبْقُ الزَّمَانِ ، وَيَكُونُ تَسَاوِيهِ بِالْخَبَرِ مِنْ جِهَةِ الاكْتِسَابِ ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ " : مِنْ جِهَةِ أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَبَذْلِهِمْ وَإِنْفَاقِهِمْ وَمَا هُوَ مِمَّا يَكْتَسِبُونَهُ ، فَإِنْ أَخْبَرَهُمْ بِفِعْلِ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ فَتَسَاوَوْا فِيهِ . وَقَوْلُهُ : " خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي " وَسَائِرُ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ فِعْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأُولَئِكَ ، فَأُولَئِكَ لَهُمْ فَضِيلَةُ السَّبْقِ فَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ مِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ ، وَالْمَعْدُودُونَ خَيْرَ النَّاسِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ إِلا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ " فِي الْمَعْدُودِينَ وَمَنْ سِوَاهُمْ ، يَجُوزُ فِيهِ تَسَاوِي أُولاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ تَفْضِيلا وَاكْتِسَابًا ، وَمَنْ سِوَاهُمْ فَأَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ سَوَاءٌ فِي الْخَيْرِ الَّذِي هُوَ أَفْعَالُهُمْ وَاكْتِسَابُهُمْ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي سَعِيدٍ | أبو سعيد الخدري | صحابي |
أَبِي صَالِحٍ | أبو صالح السمان | ثقة ثبت |
الأَعْمَشِ | سليمان بن مهران الأعمش | ثقة حافظ |
وَكِيعٌ | وكيع بن الجراح الرؤاسي / ولد في :128 / توفي في :196 | ثقة حافظ إمام |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَبْسِيُّ | إبراهيم بن أبي بكر العبسي | ثقة |
أَبُو عُمَروَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ | الحسين بن علي العطار | مجهول الحال |