حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَأَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْجَعْدُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقِيلَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا لَقِينَا رَجُلا سَأَلَ عَنْ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ عُمَرُ : " اللَّهُمَّ مَكِّنِّي مِنْهُ " ، فَبَيْنَا عُمَرُ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ يُغَدِّي النَّاسَ إِذْ جَاءَهُ عَلَيْهِ ثِيَابٌ ، فَتَغَدَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا { 1 } فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا سورة الذاريات آية 1-2 ، فَقَالَ عُمَرُ : " أَنْتَ هُوَ " ، فَقَامَ إِلَيْهِ ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ يَجْلِدُهُ ، حَتَّى سَقَطَتْ عِمَامَتُهُ ، فَقَالَ : " وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ ، لَوْ وَجَدْتُكَ مَحْلُوقًا لَضَرَبْتُ رَأْسَكَ ، أَلْبِسُوهُ ثِيَابَهُ ، وَاحْمِلُوهُ عَلَى قَتَبٍ ، ثُمَّ أَخْرِجُوهُ حَتَّى تَقْدُمُوا بِهِ بِلادَكُمْ ، ثُمَّ لِيَقُمْ خَطِيبًا ، ثُمَّ لِيَقُلْ إِنَّ صَبِيغًا . . . . . . أَخْطَأَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ وَضِيعًا فِي قَوْمِهِ ، حَتَّى هَلَكَ . وَكَانَ سَيِّدَهُمْ " . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : " وَلَمْ يَقُلْ أَبُو حَفْصٍ فِي حَدِيثِهِ : ثُمَّ أَخْرِجُوهُ ، حَتَّى تَقْدُمُوا بِهِ بِلادَكُمْ " . قَالَ الشَّيْخُ : وَعَسَى الضَّعِيفُ الْقَلْبِ الْقَلِيلُ الْعِلْمِ مِنَ النَّاسِ إِذَا سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ ، وَمَا فِيهِ مِنْ صَنِيعِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنْ يَتَدَاخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لا يَعْرِفُ وَجْهَ الْمَخْرَجِ عَنْهُ ، فَيُكَثِّرَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الإِمَامِ الْهَادِي الْعَاقِلِ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولَ : كَانَ جَزَاءُ مَنْ سَأَلَ عَنْ مَعَانِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ تَأْوِيلَهَا أَنْ يُوجَعَ ضَرْبًا ، وَيُنْفَى ، وَيُهْجَرَ ، وَيُشْهَرَ وَلَيْسَ الأَمْرُ كَمَا يَظُنُّ مَنْ لا عِلْمَ عِنْدَهُ ، وَلَكِنَّ الْوَجْهَ فِيهِ غَيْرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الذَّاهِبُ ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُهَاجِرُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ ، وَيَفِدُونَ إِلَى خُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِيَتَفَقَّهُوا فِي دِينِهِمْ ، وَيَزْدَادُوا بَصِيرَةً فِي إِيمَانِهِمْ ، وَيَتَعَلَّمُوا عِلْمَ الْفَرَائِضِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلِ الْمَدِينَةَ ، وَعَرَفَ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ ، وَعَنْ غَيْرِ مَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ مِمَّا لا يَضُرُّهُ جَهْلُهُ ، وَلا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ حِينَ وَفَدَ عَلَى إِمَامِهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِعِلْمِ الْفَرَائِضِ ، وَالْوَاجِبَاتِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ مِنَ الْحَلالِ ، وَالْحَرَامِ ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مَسَائِلَهُ غَيْرُ هَذَا عَلِمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَلْقَاهُ أَنَّهُ رَجُلٌ بَطَّالُ الْقَلْبِ خَالِي الْهِمَّةِ عَمَّا افْتَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مَصْرُوفُ الْعِنَايَةِ إِلَى مَا لا يَنْفَعُهُ ، فَلَمْ يَأْمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ ، وَالتَّنْقِيرِ عَمَّا لا يَهْتَدِي عَقْلُهُ إِلَى فَهْمِهِ ، فَيَزِيغَ قَلْبُهُ ، فَيَهْلِكَ ، فَأَرَادَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَكْسِرَهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَيُذِلَّهُ ، وَيَشْغَلَهُ عَنِ الْمُعَاوَدَةِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ . فَإِنْ قُلْتَ : فَإِنَّهُ قَالَ : لَوْ وَجَدْتُكَ مَحْلُوقًا لَضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ ، فَمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْعُنُقِ ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكَ : مِنْ مِثْلِ هَذَا أُتِيَ الزَّائِغُونَ ، وَبِمِثْلِ هَذَا بُلِيَ الْمُنَقِّرُونَ الَّذِينَ قَصُرَتْ هِمَمُهُمْ ، وَضَاقَتْ أَعْطَانُهُمْ عَنْ فَهْمِ أَفْعَالِ الأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ ، وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، فَلَمْ يَحُسُّوا بِمَوْضِعِ الْعَجْزِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَنَسَبُوا النَّقْصَ وَالتَّقْصِيرَ إِلَى سَلَفِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَدْ كَانَ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَخْرُجُ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ مَنْ لَقِيَهُمْ ، فَلْيَقْتُلْهُمْ ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ | السائب بن يزيد الكندي | صحابي صغير |
يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ | يزيد بن خصيفة الكندي | ثقة |
الْجَعْدُ | الجعد بن أوس المدني | ثقة |
مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ | مكي بن إبراهيم الحنظلي / ولد في :126 / توفي في :214 | ثقة ثبت |
وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ | عبيد الله بن سعد القرشي / توفي في :260 | ثقة |
وَأَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ | عمرو بن علي الفلاس / توفي في :249 | ثقة حافظ |
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ | الحسن بن محمد الزعفراني | ثقة |
أَبُو حَاتِمٍ | محمد بن إدريس الحنظلي / توفي في :275 | أحد الحفاظ |
أَبُو الْقَاسِمِ | حفص بن عمر الأردبيلي | ثقة |